رواية "ألماس ونساء"

"ألماس ونساء" للروائية السورية لينا هويان الحسن، صدرت لأول مرة عن دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت عام 2014، تصدّرت القائمة النهائية "القصيرة" لجائزة بوكر العالمية للرواية العربية لعام 2015

.
تتناول لينا الحسن في روايتها حياة العرب في المهجر، من خلال عالمٍ مليء بالشخصيات والأحداث. تأتي الرواية بمثابة سردٍ لوقائع تاريخية وتجسيدٌ حقيقيّ ومتخيل لحياة العرب في المهجر، ولاسيما السوريين تحديداً في باريس وساو بولو من مطلع القرن العشرين وصولاً لسبعينات وثمانينات ذلك القرن.
تزيح الروائية الستار عن ضبابية تلك المرحلة التاريخية فتكشف أسرار المجتمع المخملي للعرب المهاجرين وأدوارهم في المجتمعات التي يكونون فيها.
من خلال رحلة لجوهرة ماسية تدعى "ألماظ" تأخذنا لينا الحسن في رحلة عبر جيلين، تحكي من خلالهم تاريخ سوريا في سياقاتٍ زمنية مختلفة، تستعرض التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع السوري والمهاجرين السوريين لأمريكا اللاتينية وفرنسا.
تبدأ ألماظ الفتاة المسيحية الدمشقيّة رحلتها الغير متوقعة فتعبر الأطلسي بسبب قصة حب، لتكون هذه الرحلة حدثاً يقلب حياتها رأساً على عقب، فتغادر بلادها للمرة الأولى برفقة زوجها الكونت اللبناني كرم خوري على متن باخرة متجهة لفرنسا برفقة ذكرياتٍ لا تكاد تطفو على سطح الذاكرة وماسةٍ زرقاء عربون محبةٍ تحتفظ بها من جدتها.
تشهد سان باولو انخراطٌ صاخب للفتاة الشابة، تجد ألماظ نفسها متجردةً من كل شيء ما عدا ماستها الزرقاء ومن هنا تبدأ رحلة جديدة أشبه بنافذة تُفتح على عالمٍ مغاير تماماً للعالم الذي عايشته، لتصطدم "ألماظ" بحياة الترف والبذخ لأثرياء العرب المهاجرين، فحياة الأفراد هي انعكاس لواقع بلادهم.
تبدأ ألماظ بتشييد عالمها هناك مع المهاجرين العرب، لتعود أعقابها إلى باريس لتنجب طفلها الوحيد كارلوس الحفيد المنتظر لعائلة الكونت كرم خوري، لتكون صفعة موتها الغامض بدايةً لحكاية الجيل الثاني، وهناك كارلوس الذي تحتضنه دمشق ويترعرع فيها، يتشارك جنوح أحلام الشباب مع صديقه الكردي بوتان، حفيد أشهر أمراء الأكراد الذي يختار مغادرة دمشق لإكمال أحلام أبيه، أما كارلوس فيتابع خط رحلة والدته "ألماظ" وماستها الزرقاء صوب البرازيل، فتصور حياة جيلٍ مشتت لا يعرف ماضيه ولا يستمتع بحاضره. 
تتخفى قصة البؤس التي تمتد إلى جيلين في الرواية، بالحلي والزينة لنساءٍ دمشقيات وكيف لعبت الأقدار بكل واحدة منهن ورسمت لهن طريق مختلف عن الأخرى، كما كست الرواية غيمةٌ سوداء أمطرت أحداثاً مليئة بالأسى الدفين الذي توارثته الأجيال والدماء في دمشق.
استطاعت لينا الحسن من خلال روايتها أن تتناول مجتمع دمشق بأطيافه الدينية الكاملة، وتقديم شهادة حية على فترة تاريخية خصبة من حياة أبناء بلدها داخل دمشق وخارجها مقرونةً بميثاقية مرجعية، فهو أول عمل روائي يتناول حياة المهجر السوري في أمريكا اللاتينية بخطةٍ سردية مشبعة للمادة الروائية.