نضال المرأة السعودية شعلة متقدة

الناشطات السعوديات تعملن بشكل دؤوب دون كلل على ضمان حصول المرأة السعودية على حقوقها والحد من السلطة المطلقة للرجل عليها التي تقيد قدرتها على المشاركة في الحياة العامة إلى حد بعيد.

مركز الأخبار ـ الناشطة والكاتبة السعودية وجيهة الحويدر من أبرز المشاركات في حملة الـ 1100 توقيع للمطالبة برفع الحظر عن المرأة السعودية والسماح لها بقيادة السيارة، اعتقلت مرات عدة على خلفية نشاطها السلمي ومنعت من القيام بأي نشاط ميداني أو إلكتروني.

 

وجيهة الحويدر أيقونة النسوية السعودية

بقيت الناشطة وجيهة الحويدر تناضل من خلال مقالاتها والتصريحات الصحفية في سبيل نيل المرأة السعودية كامل حقوقها إسوة بغيرها من النساء، رافضة وناقدة لثقافة المجتمع الذكوري التي تهيمن على أبسط أساليب حياة النساء في السعودية وتغيب دورهن عن التنمية والكثير من المجالات العلمية والعملية، بموجب هذه الثقافة تمنع الفتيات والنساء من السفر والتعليم وإجراء المعاملات الرسمية أو حتى الخضوع لإجراءات طبية تهم حياتها بدون موافقة الولي.

وجيهة الحويدر سعودية الأصل من مواليد عام 1962 أمضت سنوات عديدة من عمرها في الولايات المتحدة حيث درست هناك، وأكدت في الكثير من اللقاءات التلفزيونية والتصريحات الصحفية أن نمط حياتها ومستوى حريتها في التعبير أعلى مما هو عليه لدى أقرانها من النساء في السعودية اللواتي تعشن تحت وطأة نظام ولاية الرجل الذي يسيء معاملتها بحكم أنه مسؤول عنها ويفرض عليها العيش ضمن نطاق سيطرته ولا ترفض له أمر مهما كان مجحفاً بحقها.

وتعتبر نظام الولاية في السعودية نوع من التمييز العنصري على أساس الجنس وهو شديد الوضوح قائلة "الرجل السعودي منفوش الريش لأنه أعطي أكبر من حقه وسلطة أكبر من أن يتحملها، الرجل يسيطر على حياة المرأة السعودية منذ ولادتها حتى وفاتها".

كما ألقت الضوء على التمييز المنهجي والعنف الأسري الذي تواجهه السعوديات بموجب نظام الولاية ما يزيد الأمر سوءً أنهن لا تملكن مكاناً تأوين إليه في حال هروبهن من هذه المعاناة ولا حتى القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة التي تخص حياتهن الشخصية، وترى أن القوانين المفروضة على المرأة تعاملها كقاصر وأن أنظمة الحكم المتتالية لم تحاول إنهاء هذه القوانين التي تعتبر أبرز العقبات التي تعترض المرأة في طريقها لنيل حقوقها وحريتها.

كشف سعي وجيهة الحويدر للحرية والمساواة عن التهميش والاضطهاد الذي تعيشه السعوديات والذي يجعل منهن عناصر ضعيفة في المجتمع وأكثر عرضة للانتهاكات والسياسات التمييزية، انتقاداتها لم تلقى استحسان السلطة الحاكمة في بلادها لذلك تعرضت للاعتقال والتوقيف وكذلك السجن والمضايقة القضائية، فقد تم اعتقالها في أواخر عام 2006 على خلفية خروجها في مبادرة فردية حملت فيها لافتة كتب عليها "أعطوا المرأة حقوقها" لم يتم الإفراج عنها إلا بعد تعهدها بعدم معاودة القيام بمثل هذا النوع من الأنشطة.

 

الظلم والاضطهاد عنوان الذهنية الذكورية

كما أن تدني مؤشر حرية الصحافة في السعودية تسبب في منع وجيهة الحويدر عام 2003 من الكتابة في الصحف وبعد ثلاث سنوات تم استدعاءها إلى إدارة المباحث في مدينة الخبر للتحقيق معها حول نشاطها السلمي خلال عامي 2002 و2006 وأجبرت في ذلك الوقت على كتابة تعهد بعدم القيام بأي نوع من الأنشطة سواء الميدانية أو الإلكترونية.

وإحياءً لنضال الـ 47 امرأة اللواتي طالبن بحق المرأة السعودية في قيادة السيارة عام 1990 وتم اعتقالهن جميعاً وفصلهن عن العمل ومنعهن من السفر وفي بعض الأحيان كانت تصل عقوبة المرأة في حال قيادتها للسيارة إلى الجلد على الرغم من عدم وجود قانون يحظر ذلك، قامت وجيهة الحويدر عام 2008 مع الناشطات ابتهال مبارك وفوزية العيوني بجمع 1100 توقيع لرجال ونساء على عريضة للمطالبة برفع الحظر المفروض على قيادة المرأة السعودية للسيارة رفعنها مباشرة للملك عبد الله بن عبد العزيز آنذاك، وأكدن وقتها على ضرورة توفير كافة السبل اللازمة لإجراء اختبارات القيادة لكل النساء الراغبات بذلك وإصدار التصاريح والرخص لكل من تجاوزت الاختبارات وطالبن أن يكون معيار القدرة على القيادة فحسب بغض النظر عن جنس السائق.

كانت السلطات السعودية تعرقل أي حملة تقوم بها الناشطات بحجة الإخلال بالسلم الاجتماعي وفتح أبواب الفتنة والاستجابة لأوهام المغرضين والدخلاء والمتربصين، إلا أن ضغط وجيهة الحويدر والعديد من الناشطات على السلطة الحاكمة وما تبعه من مطالبات وحملات استمرت على مدى أكثر من ثلاث عقود تكللت بانتصاراً جلياً للحراك النسوي عندما صدر مرسوم ملكي بمنح المرأة حق قيادة السيارة في منتصف عام 2018.

وفي سياق عدم تسامح السلطات السعودية مع أية محاولة لتحسين أوضاع المرأة المؤسفة وفي إطار التضييق على الناشطات المطالبات بالإصلاح، قامت عام 2013 بإدانة وجيهة الحويدر مع الناشطة فوزية العيوني بالسجن عشر أشهر ومنعت من السفر لمدة عامين، بحجة مساعدة امرأة كندية وأطفالها على الفرار إلى كندا وهي متزوجة من رجل سعودي كان يسيء معاملتها ويحبسها في المنزل ويحرمها من الطعام والماء، وقد أكدت وجيهة الحويدر أن السلطات تابعت هذه القضية لأسباب تتعلق بنشاطها في مجال حقوق المرأة على مدار العشر سنوات التي تسبق هذه الحادثة، فخلال جلسات استجوابها لم تسأل عن قضية المرأة الكندية التي لم يسمح لها بإدلاء شهادتها في القضية، إنما كان جل التحقيق عن ضلوعها في حملة "سأقود سيارتي بنفسي" وكذلك عن علاقتها بالناشطة منال الشريف التي قادت سيارتها خلال فترة حظر قيادة السيارة على النساء في السعودية في تحدٍ للسلطات والقانون وقامت الأولى بتصويرها بمقطع فيديو أحدث ضجة ولفت انتباه وسائل الإعلام العالمية والعربية، وكذلك سألت عن حملة لحقوق المرأة قامت بتنظيمها على الجسر الواصل بين السعودية والبحرين عام 2006 وبالإضافة لمحاولة عبورها لإحدى الدول المجاورة بدون موافقة أحد ذويها "محارمها".