مركز الأخبار ـ ماري ستوبس عالمة أحياء قدمت إسهامات كبيرة في مجال الأحافير النباتية وتصنيف النبات، وهي من أبرز الناشطين في مجال تحسين النسل وحقوق المرأة، أسست أول عيادة لتحديد النسل في بريطانيا.

إسهامات عديدة في مجال الأحافير النباتية
ولدت ماري ستوبس في العاصمة الأسكتلندية أدنبرة عام 1880 والدتها ناشطة في مجال حقوق المرأة، بداية تلقت تعليمها في المنزل ثم بمدرسة للبنات وبعدها التحقت بكلية لندن الجامعية كطالبة منحة وتخرجت بدرجة بكالوريوس في علم النبات والجيولوجيا وبعد عامين حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة كوليدج في لندن وأصبحت أصغر شخص في بريطانيا ينال هذه الدرجة.
وبعد إجرائها أبحاث عن نباتات العصر الفحمي في الحدائق النباتية الملكية في كلية لندن الجامعية تمكنت من دراسة استنساخ السيكاديات الحية في جامعة ميونخ الألمانية ونالت هناك درجة الدكتوراه بعلم النبات عام 1904 وفي ذات العام كانت من اوائل النساء اللواتي انتخبن بصفة زميلة في جمعية لينين لندن، وكانت أول أكاديمية في جامعة بيلييوباتني مانشستر.
درست كرات الفحم نظراً لشغفها في إثبات نظرية العالم النمساوي إدوارد سوس التي تؤكد وجود قارة غندوانا أو القارة العملاقة وكادت تحصل على فرصة لإثباتها من خلال الالتحاق برحلة مستكشف القطب الجنوبي فالكون سكوت لكن لم تقبل فيها إلا أنه وعدها بإحضار عينات من الحفريات وحصلت عليها وقدمتها كدليل على صحة هذه النظرية.
خلال دراستها للطبقات الحاملة للفحم في شمال إنجلترا قادتها النتائج إلى افتراض أن كرات الفحم الأصلية في المنطقة تشكلت عندما تخللت المياه البحرية مستنقعات الخث الكربونية، واستنتجت أن الكربونات الموجودة في كرات الفحم انجرفت إلى مستنقعات الفحم من البحار المجاورة إلا أن كلامها قبل بالطعن لكن مع الأدلة المستدامة التي قدمتها أصبحت هذه النتيجة واحدة من أعظم المساهمات في هذا المجال.
اكتشفت مناجم الفحم في هوكايدو اليابانية وهي في طريقها للبحث عن النباتات الدهر الوسيط خلال مهمتها العلمية التي استغرقت ثمانية عشر شهراً في الجامعة الإمبراطورية في طوكيو، وعلى الرغم من فشلها في تحديد موقع أي كرات فحم من الدهر الوسيط في اليابان إلا أنها كانت أول من اكتشف نباتات كاسيات البذور الطباشيرية.
كما كان لها الفضل في تحديد فترة العصر البنسلفاني وذلك بعد حصولها على تفويض من هيئة المساحة الجيولوجية الكندية عام 1910 لتحديد عمر الحواف السرخسية، ونشرت الحكومة نتائجها بعد أربع أعوام من التفويض، كما فوضتها الحكومة البريطانية لدراسة الفحم كونه المصدر الأول للطاقة خلال الحرب العالمية الأولى وأصدرت في هذه الاثناء كتابها الشهير "دراسة عن تكوين الفحم".
كان آخر ما نشرته عن نشاطاتها العلمية عام 1935 هي سلسلة من أوراق الحفريات القديمة التي كان لها مكانة بين أبحاث كبار العلماء البريطانيين في هذا المجال، كما قدمت إسهامات أساسية في معرفة منشأ فصيلة كاسيات البذور وتشكيل كرات الفحم وطبيعة الدقائق البنيوية للفحم بالإضافة لابتكارها مخطط التصنيف والمصطلحات للفحم التي تستخدم في الوقت الحاضر، ويعد كتابها "النباتات القديمة" عملاً رائداً من ناحية تقديمه المحتوى إلى غير العلماء. 

تنظيم الأسرة وتحسين النسل
زواج ماري ستوبس الأول كان عام 1911 ولم يكتمل، إلا أنه لعب دوراً كبيراً في تحديد مسار حياتها المهنية فقد حول اهتمامها إلى قضايا الجنس والزواج والولادة ومعناها في المجتمع، وألفت كتاب "الحب المتزوج" الذي أدين من قبل الكنائس والمؤسسات الطبية والصحافة لكنه لاقى شعبية واسعة فقد بيع منه 2000 نسخة في غضون أسبوعين فقط وكان أول دليل على الحياة الجنسية ينشر في المملكة المتحدة وكتبت لها آلاف النساء يشكرنها على عملها.
كانت من أشد المؤيدين لعلم تحسين النسل ودافعت عن حركات تحديد النسل ورأت أن تنظيم الأسرة وسيلة ضرورية للمساعدة في إتمام الزواج ولإنقاذ المرأة من الإجهاد الجسدي الناتج عن إرهاق الإنجاب المفرط لذلك ألفت كتابها الثاني "الأبوة الحكيمة" استهدفت من خلاله السناء المتزوجات من الطبقة المتوسطى، وعلى الرغم من أن الكثيرين اعتبروا دعواتها بضرورة تحديد النسل أمراً فاضحاً إلا أن منظمة الأبوة الحكيمة طبعت عشر طبعات وأصبح بذلك تكملة ناجحة لكتابها "الحب المتزوج". 
في عام 1918 تزوجت للمرة الثانية وهو ذات العام الذي افتتحت فيه عيادة تحديد النسل أو عيادة الأمهات في شمال لندن وكانت الأولى من نوعها في المملكة المتحدة، حيث وظفت فيها طبيبات وممرضات لجعل النساء يشعرن براحة أكبر، هدفت إلى تثقيف النساء حول الطرق القليلة المتاحة لهن وقدمت خدمات مجانية للنساء المتزوجات وجمعت بيانات حول وسائل منع الحمل وصممت أغطية عنق الرحم المطاطية التي كانت الأكثر شعبية وأعادت اكتشاف استخدام الاسفنج المنقوع بزيت الزيتون كوسيلة بديلة لتحديد النسل التي يعود استخدامها إلى العصر اليوناني والروماني.
على خلفية الشهرة التي وصلت لها نقلت العيادة إلى وسط لندن وتوسعت الخدمة لتشمل وسائل منع الحمل الموزعة عن طريق البريد، إلا أنها لاقت نقداً من الكنائس والمجتمع الطبي إلا أنها عارضت ذلك وقابلته بتوزيع المنشورات وإلقاء الخطب التي تدافع عن قضيتها، وافتتحت عيادات أخرى في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وبحلول عام 1930 قامت بتشكيل المجلس الوطني لتحديد النسل عرف فيما بعد باسم جمعية تنظيم الأسرة المروجة لفكرة تحديد النسل بهدف تحسينه ووصلت أفكارها إلى دول شرق آسيا أيضاً بعد الحرب العالمية الثانية.
توفيت عام 1958 متأثرة بمرض سرطان الثدي وفي ذات العام أقر الأساقفة إلى الحاجة الملحة لتحديد النسل متقبلين فكرتها حول أن الإنجاب لم يكن الهدف الوحيد للزواج، كما أن إرثها ساهم في نشر وسائل منع الحمل والإجهاض في جميع أنحاء العالم بنفس القدر الذي حققه الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة.