كتاب "الوأد الجديد"
عرضت الكاتبة زهية جويرو فكرة جديدة عن الوأد العصري من خلال كتابها، الذي يركز على أهمية تحرير المرأة من قيود مؤسسة الإفتاء التي ترتكب حرب الوأد بحق النساء لكن بشكل عصري.
الباحثة والأكاديمية التونسية زهية جويرو وهي أستاذة في الدراسات الإسلامية والحضارية بالجامعة التونسية، كما تشغل منصب المديرة العامة لمعهد تونس للترجمة، حصلت على التأهيل الجامعي وعلى الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها وحضارتها، لكنها لم تتوقف في جانب التدريس بل اقتحمت عالم البحث والتأليف لتقدم فيه مؤلفات متعددة، من أهمها كتاب "الوأد الجديد" الذي نشر عام 2019 في تونس.
تناول الكتاب مقالات في الفتوى وفقه النساء، إضافة إلى أكثر من عشرين مقالاً علمياً محكماً في قضايا التشريع الإسلامي وقضايا النساء في العالم الإسلامي، كما أن الكاتبة حاصلة في مناسبتين (2007 و2019) على جائزة الدراسات النسائية من "مركز الدراسات والبحوث والإعلام والتوثيق حول المرأة" وعلى تكريم وزارة المرأة والأسرة بتونس عام 2018.
سعت الكاتبة إلى تأكيد نسبيّة نظام القوامة والولاية من خلال الكشف عن تاريخه، وكونه ناتجاً لتلبية حاجات إنسان ما قبل الإسلام، وهو نظام له أوجه ماديّة ورمزيّة تدعمه، دعت الباحثة إلى تفكيكها لفهم العلاقات التي أنتجتها. وفسّرت هذه البنى بالعودة إلى الفترة السابقة للإسلام، لتثبت أنّ النظام الاجتماعي السائد والقائم عموماً على البداوة وبعض المناطق الحضريّة يستجيب لعلاقات قرابة واقتصاد رعويّ أو مرتبط بالغزو والتجارة حتّم توزيعاً خاصّاً للأدوار وللوظائف داخل المجموعة ليحدث الانسجام بينها والتآلف والبقاء.
كما أشارت الكاتبة إلى ارتباط بنى القرابة بتنظيمات المجتمع والمؤسّسات الناشئة إثر تفكّك الرّوابط القبليّة من قبيل ظهور مؤسّسة الأسرة وتكوّن شكل قانوني ملائم لهذه التحولات التي فيها جاء الإسلام واتّسع وتأسس.
لقد واجهت الكاتبة تناقض الآيات القرآنية تلك التي تقرّ أهليّة النّساء من جهة، وتلك التي يشرّع بها للقوامة من جهة ثانية، فاعتمدت على المقاصديّة لتفكّ ما يبدو تناقضاً مؤكدة على مسؤولية الفقهاء في ترسيخ أحكام لا ترى موجباً لاستمرارها مادامت في الأصل مرتبطة بظروف تاريخيّة، ولم تشر في هذا السياق إلى قضايا تدوين القرآن وترتيبه وجمعه، ولا خاضت في قضايا هذه الآيات المتناقضة التي يجمعها نصّ واحد، بل اكتفت بالتذكير بأنّ للآيات أسباب نزول، وأنّ القراءة هي التي تحدّد معاني النصّ في ضوء المقاصد الإسلاميّة الكبرى.
تعاطفت الكاتبة مع النّساء المقهورات باسم الأعراف والدين، اللوات اطلعت على بأسهن من خلال عملها في جمعيات نسوية، مما جعلها تدرك بشكل أكبر حجم المعاناة التي يعشنها، فأطلقت علهن ايم "الموؤودات الجدد" واعتبرت أنّ وائدهنّ قديماً وحديثاً واحدٌ، وهو مؤسسة الإفتاء المبنية على نهج الذهنية الذكورية.
سلط الكتاب الضوء على الجرائم والانتهاكات التي تقع على المرأة باسم الدين والأعراف والشرف، فسعت الكاتبة لتحطيم أصنام الثقافة الذكورية التي توأد النساء، حيث اعتبرت زهية جويرو الفتاوى هي عملية وأد للعقل وللمرأة ويجب الانتفاضة في وجه هذا الظلم والاستغلال لتحرير العقول التي تحرر المرأة بدوره.