"ماما أفريقيا" من السجن إلى المسرح... حين تتحول الأغنية إلى نضال
جسدت زينزيل ميريام ماكيبا الملقبة بـ "ماما أفريقيا"، بصوتها معاناة السود ونضالهم ضد الفصل العنصري، وواجهت المنفى والحرمان بشجاعة حتى عادت لتحتفل بحريتها على المسرح. كانت حياتها رمزاً للمقاومة، وسيرتها نشيداً خالداً للحرية والكرامة.
مركز الأخبار ـ حولت فنانة الجاز الجنوب أفريقية زينزيل ميريام ماكيبا، المعروفة بلقب "ماما أفريقيا"، معاناة أطفال شوارع أفريقيا إلى صوت موسيقي مقاوم. ففي أغنيتها "كاوليزا يا أمي"، تجسد لحظة خوف الأطفال عند رؤية سيارات الشرطة، حيث يصرخون لأمهاتهم "أسرعي يا أمي، لا تُعتقلي". هذا النداء، كما وصفته، لم يكن مجرد كلمات، بل تعبيراً صادقاً عن واقعهم القاسي وروحهم المقاومة في وجه الظلم.
حملت زينزيل ميريام ماكيبا، المعروفة بلقب "ماما أفريقيا"، عبء قارتها بكل ما فيها من نضال وألم، فخاضت حياةً مليئة بالمنع والنفي والمقاومة. وبعد أن جُرّدت من جنسيتها على يد نظام الفصل العنصري، عادت بعد ثلاثين عاماً لتعتلي خشبة المسرح في جنوب أفريقيا الحرة، حيث غمرت الساحة بأغانيها واحتفلت بحريتها وسط حفاوة لا تُنسى. ورغم تنوع الأوصاف التي أُطلقت عليها "من فنانة جاز، إلى ناشطة ومدافعة عن الحقوق، أم ومعالجة"، ظل اللقب الأقرب إلى روحها وهويتها "ماما أفريقيا".
ولدت في الرابع من آذار/مارس 1932 في بلدة صغيرة قرب جوهانسبرغ، لأسرة بسيطة كانت والدتها فيها معروفة بمعالجة الناس بالأعشاب والنباتات الطبية. وعندما كانت زينزيل ميريام ماكيبا، في الثامنة من عمرها، اعتُقلت والدتها بسبب صنعها وبيعها للبيرة من الشعير ودقيق الذرة، وهو أمر كان محظوراً على السود في ظل قوانين الفصل العنصري. وبسبب صغر سنها، اضطرت إلى مرافقة والدتها إلى السجن، حيث قضت ستة أشهر من طفولتها خلف القضبان. كانت تلك التجربة المبكرة أول احتكاك مباشر لها بظلم النظام العنصري، وشرارة وعيها المبكر بمعنى القمع والتمييز.
عاشت حياةً حافلة بالنضال والمنفى والمقاومة، دفعت فيها ثمناً باهظاً لمواقفها. أُلغيت جنسيتها الأمريكية بسبب زواجها من مناضل في حركة حقوق السود، لكنها لم تتراجع. كان صوتها صدى لصرخات أفريقيا، ومرآة لثورتها، فعرّف العالم من خلالها معنى الكفاح ضد الظلم. وكما كانت خشبة المسرح موطنها الأول، اختارت أن تُسدل الستار على حياتها فوقها، لتبقى سيرتها نشيداً للحرية لا يُنسى.