YPJ... منظومة دفاعية تمثل إرادة النساء

باركت مقاتلات مجلس المرأة العسكري بمقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا، ذكرى تأسيس وحدات حماية المرأة، مستذكرات الشهيدات اللواتي منحن غيرهن من النساء فرصة لتنظيم أنفسهن في المجال العسكري.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ حق الدفاع المشروع وحماية المرأة وتحريرها من قيود المجتمع، مبادئ أساسية تحلت بها مقاتلات مجلس المرأة العسكري في منبج واقتدين بوحدات حماية المرأة (YPJ) لتنظيم صفوفهن في المجال العسكري.

في عام 2013 وتحديداً في الرابع من نيسان/أبريل أعلن عن تأسيس وحدات حماية المرأة بعد تفاقم الأزمة السورية، وبات تشكيل تنظيم نسائي ضرورة ملحة مع ازياد الفصائل المسلحة والإرهابية في المنطقة، تمثل هذا التنظيم بوحدات حماية المرأة التي اتخذت من حق الدفاع المشروع أساساً لها، لتشارك في كافة المعارك والحملات التي أطلقت ضد مرتزقة داعش، وكان لها دور كبير في التأثير على النساء في المناطق ذات الغالبية العربية لتنخرطن في المجال العسكري وتنظمن أنفسهن ضمن المجالس العسكرية في كل مدينة.

وقد شاركت وحدات حماية المرأة مع قوات سوريا الديمقراطية بحملة تحرير مدينة منبج، والذي أثر بشكل كبير على نساء المدينة بمختلف مكوناتها لتنخرطن في المجال العسكري، وأسسن مجلس المرأة العسكري في المدينة.

وبمناسبة الذكرى السنوية الحادية عشرة لتأسيس وحدات حماية المرأة، أجرت وكالتنا عدة لقاءات مع مقاتلات من مجلس المرأة العسكري بمنبج، حيث تقول المقاتلة في المجلس سولين عفرين إنها نزحت من مدينة عفرين إلى منبج بعد الهجوم الذي شنه الاحتلال التركي على المدينة في 18 آذار/مارس عام 2018، وانضمت إلى صفوف مجلس منبج العسكري منذ عام تقريباً "تأثرت بقوة إرادة وإصرار المقاتلات اللواتي تتحلين بالفكر الحر، هذا ما دفعني لأنخرط في الصفوف العسكرية وابني شخصية قوية تعمل على مبادئ وأهداف تصب في صالح المجتمع، فمن أولى أهدافي هي حماية المجتمع وتحرير مدينتي المحتلة وتغير ذهنية المجتمع التي تعتبر المرأة مخلوق ضعيف لا تملك إرادة".

وعن الفرق بين الحياة المدنية والعسكرية تقول "يكمن الفرق بين حياة المرأة في المجال العسكري والحياة المجتمعية في أن العسكري يفسح لها المجال للتعبير عن رأيها وبناء شخصيتها وقدرتها على اتخاذ القرارات، فالمرأة في المجتمع دائماً ما تكون شخصيتها وكيانها ضحية العادات والتقاليد البالية، فضلاً عن العنف الذي تتعرض له تحت سلطة العشيرة والعائلة والزوج، وهذه الذهنية المتجذرة تضعف شخصية المرأة وتجعلها كائن مسير مجرد من إرادته".

وحول مفهوم الحرية قالت "الكثير يعرف مفهوم حرية المرأة بشكل خاطئ، لكن الحرية التي نسعى لتحقيقها هي حرية الفكر والإرادة ضمن ضوابط أخلاقية نحافظ من خلالها على مجتمعنا وتحريره من المفاهيم الخاطئة ودفع عجلته نحو التطور، والمشاركة في حمايته من أي هجوم قد يتعرض له".

وعن التغيير الذي طرأ على حياتها بعد انضمامها لصفوف المجلس قالت سلوين عفرين "انضمامي لمجلس منبج العسكري انعكس بشكل إيجابي على شخصيتي وكياني فقد أكسبني ذلك جرأة لم أسبق أن تحليت بها سواء في حديثي مع الأخرين، أو نظرتي تجاه الكثير من الأمور التي تغيرت نحو الأفضل".

من جانبها قالت المقاتلة في صفوف مجلس المرأة العسكري إيلام منبج "كنا نسمع كثيراً عن نساء تحملن السلاح، لكن لم نرى ذلك على أرض الواقع إلا بعد أن انطلقت حملة تحرير منبج، لقد شاركت الآلاف من النساء في تحرير مدينتنا، نظمن أنفسهن في كيان قتالي متين تمثل بوحدات حماية المرأة"، مضيفةً "مرتزقة داعش حولوا حياة المرأة إلى ظلام فقد منعوها من تخطي عتبة باب منزلها بدون محرم، هذه القوانين التعسفية والعادات لا تعبر عن حقيقة مجتمعنا، والكثير من النساء أصبحن ضحية للفكر المتطرف المتمثل بمرتزقة داعش الذين رجموا وقتلوا النساء، لقد كانت ابنة عمي واحدة منهن، لقد قتلت مع ابنها الصغير بطريقة بشعة أثناء ذهابها لجلب المياه خلال فرض داعش حصاراً على المدينة في شهر رمضان، قتلت بذريعة عدم التزامها بارتداء ما يسمى اللباس الشرعي".

وأضافت "حاول مرتزقة داعش إجباري على الزواج بأحد امراءهم لكني رفضت ذلك، فكان مقتل ابنة عمي وما حصل معي سببان كافيان لانضم إلى مجلس المرأة العسكري، واقتديت بمقاتلات وحدات حماية المرأة أمثال كوجرين وروجبين عرب اللتان استشهدتا في حملة تحرير منبج، لقد ضحين بأرواحهن في سبيل تحرير المدينة عموماً والنساء خصوصاً من رجس داعش".

ولفتت إلى تعدد المكونات في المجلس العسكري "فتح المجلس أبوابه أمام جميع النساء والفتيات من مختلف مكونات المنطقة، وتحرير النساء وحماية المدينة أولى الأهداف التي جمعتنا، على عكس الأنظمة السابقة التي كانت ترفع من شأن مكون وتهمش آخر".

وعن التغيير الذي أحدثته المرأة في ذهنية المجتمع خلال سبع سنوات من تحرير مدينة منبج قالت إيلام منبج "الذهنية المتجذرة لا يمكن أن تتغير بين ليلة وضحاها وبالرغم من ذلك استطاعت المرأة تغيير العديد من المفاهيم الراسخة في المجتمع والتي جعلت المرأة في الصفوف الخلفية من الركب، إلا أن ولوجها في المجال السياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي، وقدرتها على أن تكون صاحبة رأي وفكر وقرار كان كفيلاً بإحداث التغير الذي يشهده المجتمع".

من جانبها باركت المقاتلة إمارة منبج يوم الرابع من نيسان على جميع النساء اللواتي تسرن على درب الحرية "نبارك هذا اليوم على جميع النساء المناضلات والباحثات عن الحقيقة والحرية، لأن في هذا اليوم نهضت المرأة وأسست منظومة دفاعية حاربت وناضلت وقدمت تضحيات جمة، متحلية بفكر وفلسفة الحياة الحرة لتسخر نفسها في خدمة وحماية الشعوب المضطهدة، مضيفةً "لقد اقتدينا بنضال وكفاح مقاتلات وحدات حماية المرأة اللواتي انخراطنا في المجال العسكري رغم عادات وتقاليد مجتمعنا، ونفتخر بمسيرتنا والمحطات التي بلغناها ولا زلنا مستمرين فيما بدأناه رغم جميع التحديات".

وعن التحديات التي تواجهنها كمقاتلات قالت إمارة منبج "من المبادئ الأساسية التي نسير عليها هو حق الدفاع المشروع والمرأة تلعب دوراً ريادياً في المعارك، ومن أبرز التحديات التي نوَاجهها هي هجمات الاحتلال التركي المستمرة التي يستهدف بها النساء القياديات والمقاتلات وعلى وجه الخصوص اللواتي لهن تأثير على المجتمع وشاركن في القضاء على داعش، لكننا نؤكد بأن هذه الهجمات لن تنال من عزيمتنا كمقاتلات بقدر ما تدفعنا للرفع من وتيرة نضالنا".