عين على الكاميرا وعين على الشارع... صعوبات ومخاطر كبيرة تواجه الصحفيات في إدلب
تجبر ما تسمى بـ "حكومة الإنقاذ"، الصحفيات في إدلب على أخذ تصريح يقيد عملهن، ويخضعه لأهواء هيئة تحرير الشام وسياستها.
هديل العمر
إدلب ـ تواجه الناشطات والصحفيات في إدلب صعوبات ومخاطر أمنية عديدة عند القيام بعملهن بسبب التضييق الكبير الذي فرضته ما تسمى بـ حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام على العمل الصحفي والإعلامي في المنطقة.
"عين على الكاميرا وعين على الشارع" بهذه الكلمات تلخص إخلاص الريحاني (32عاماً) اسم مستعار لصحافية مقيمة في مدينة إدلب، مخاطر مهنتها في ظل حكم ما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" التي لم تدخر جهداً لاعتقال الصحفيين/ات والتضييق على عملهم اليومي في تغطية الأحداث والانتهاكات.
تقول إخلاص الريحاني إنها تتعرض للعديد من الضغوطات والممارسات أثناء عملها والتي تتمثل بالخوف من إخراج الكاميرا في الأماكن والمناطق الحيوية والتصوير علناً، نتيجة ترصد عناصر وأمنيي هيئة تحرير الشام الذين لا يترددون باعتقال الصحفيات اللواتي لا تحملن تصريح من "حكومة الإنقاذ".
وأضافت أنها دائماً ما تتعرض لمواقف خطرة تتمثل بتفتيش الكاميرا الخاصة بها وهاتفها المحمول، بالإضافة لإجبارها على حذف بعض اللقطات أو الصور بالقوة، بعد تهديدها بمصادرة المعدات الخاصة بها، علماً أنها لا تحمل بطاقة صحفية صادرة عن حكومة الإنقاذ، بسبب الشروط والأحكام المعقدة التي فرضتها الأخيرة لتسليم هذه البطاقات.
وأشارت إلى أنها تعرضت للتوقيف مرتين متتاليتين بسبب عدم حيازتها بطاقة صحفية أو إذن تصوير، ولحسن حظها لم يتم تفتيش هاتفها المحمول الذي يحتوي على العديد من المواد الصحفية التي تفضح انتهاكاتهم المستمرة بحق الأهالي وسكان المنطقة.
ولا تخفي الناشطة نيتها في العزوف عن "مهنة المتاعب والمخاطر" كما تصفها، خاصة في ظل حكم هيئة تحرير الشام التي تسعى جاهدة لتزوير الحقائق عبر ترهيب الصحفيين/ات وتهديدهم بالقتل والاعتقال.
وتعاني الصحفيات اللواتي يقطن في المناطق المحتلة من صعوبات في جمع المعلومات والتواصل مع المصادر وخاصة السياسية والعسكرية وصعوبة التصوير في الأسواق والأماكن العامة بسبب حالة الهلع والخوف التي تسعى الهيئة من خلالها لتضييق الخناق عليهن ومنعهن من نقل الوقائع والأحداث.
ولعدم امتلاكها بطاقة صحفية، تعرضت نهى غريب (28عاماً) اسم مستعار وهي ناشطة صحفية مقيمة في مدينة سرمدا شمال إدلب، للاحتجاز 24 ساعة في معتقلات "تحرير الشام"، قبل أن تتم مصادرة معداتها الإعلامية وأبرزها الكاميرا وهاتفها المحمول.
جاء ذلك على خلفية استطلاع رأي مصور أجرته الصحفية مع عدد من سكان المدينة حول الغلاء المعيشي والأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعاني منها معظم الأهالي والمدنيين، قبل أن تعتقلها دورية أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام من وسط السوق الرئيسي.
تقول نهى غريب إن مديرية الإعلام التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" اتخذت من البطاقات الصحفية "شماعة" لاعتقال الصحفيات وملاحقتهن، إذ أنها لا تعطي هذه البطاقة إلا بعد دراسة أمنية وتحقيق أمني يتطلب البوح عن جميع المصادر والوكالات التي تدخل ضمن نطاق عملهن.
وأضافت أن معظم الصحفيات لم يستخرجن هذه البطاقات لكون المرتزقة يرفضون تسليط الضوء على انتهاكاتهم بحق السكان والأهالي في إدلب.
وأشارت الناشطة إلى أنها باتت تعمل بسرية تامة وحذر شديد بعد أن أجبرتها الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة على توقيع تعهد خطي بعدم مزاولة مهنتها دون إذن تصوير أو بطاقة صحفية صادرة من مؤسساتهم تحت طائلة المسائلة والسجن.
من جهتها تحذر رغد الشعراوي (35عاماً) وهي مديرة إحدى مراكز تمكين المرأة بشمال إدلب، من سياسة الترهيب التي تتبعها الفصائل العسكرية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، بحق الصحفيات في ظل غياب القوانين والتشريعات التي تضمن سلامتهن، مما سيفضي إلى تشويه وتزييف الحقائق بسبب خوفهن من نقلها بمصداقية.
وأضافت أن هذه الممارسات والضغوطات لا تحظى باهتمام كبير بين أوساط المجتمع الذي يرفض أساساً فكرة عمل المرأة في المجال الإعلامي بسبب العادات والتقاليد التي تحصر وتقيد عمل المرأة ونشاطها في العديد من المجالات.
وأشارت إلى ضرورة الضغط على سلطات الأمر الواقع لسن قوانين تحمي الصحفيات، من خلال وقفات احتجاجية على السياسة التي وصفتها بـ "التشبيحية" التي تهدف لتزوير الحقائق والمعطيات وفقاً لما يخدم مصالح المرتزقة.