يخاطرن بحياتهن من أجل حماية المدنيين
كرست ثلاث نساء من المكون الكردي حياتهن وخاطرن بها من أجل حماية أبناء وطنهن وسلامته بانضمامهن إلى منظمة "ITF" التي تعمل على استخراج وإزالة الألغام.
نجاح معيش
الحسكةـ
منى بشير خليل، ياسمين سليمان وميديا أصلان دقوري ثلاث نساء من المكون الكردي في شمال وشرق سوريا. لكل واحدة منهن قصة مختلفة. فقد تعرضن للكثير من المآسي والأحداث التي لا يمكن أن تنسى أثناء الحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ تسعة أعوام. تسعى كل واحدة منهن وتعمل لتأمين حياة حرة، سلمية وآمنة على أراضي وطنها. ومن أجل المحافظة على سلامة وأمان الأرض والمجتمع والأطفال يعرضن حياتهن للخطر ويقمن بإزالة الألغام وبقايا الحرب التي خلفتها مرتزقة داعش.
تعمل النساء الثلاثة مع منظمة Enhancing Human Security (ITF) (منظمة تعزيز الأمن البشري) ويقمن بتفكيك وإزالة الألغام المتبقية من مخلفات الحرب.
أسست جمهورية سلوفينيا منظمة Enhancing Human Security"" في الثاني عشر من شهر آذار/مارس 1998. وهي منظمة إنسانية متخصصة في إزالة مخلفات الحرب والألغام التي زُرعت في فترة الحرب وتقديم المساعدة الإنسانية لضحايا الألغام.
"نحن سعداء جداً بعملنا"
منى بشير خليل من حي المفتي بمقاطعة الحسكة تبلغ من العمر (22 عاماً) أم لطفلين وهي حامل حالياً. تعمل في إزالة الألغام منذ عامين، وعلى الرغم من كونها حاملاً إلا أنها لم تتوقف عن العمل. أوضحت منى خليل أنها خضعت للكثير من التدريبات قبل بدء العمل وتابعت قائلة "أنا أعمل منذ عامين، تلقينا تدريباً على إزالة الألغام لمدة شهر كما تلقينا تدريبات عالية الخطورة أيضاً. وبالطبع تلقينا التدريب الطبي، حتى إذ ما حدث أي طارئ في حقل الألغام يكون بمقدورنا جميعاً مساعدة أصدقائنا وتقديم العون والمساعدة الطبية لهم. إنه لأمرٌ صعبٌ جداً بالنسبة لشخصٍ لم يتلقَ التدريب. نحن سعداء جداً بعملنا".
"العديد من المدنيين كانوا ضحايا"
خلفت الألغام المتبقية من الحرب مع داعش العديد من الضحايا. لذا تخاطر منى خليل بحياتها من أجل سلامة المدنيين الذين يعيشون في تلك المناطق وتقول "الكل يعلم وكما رأيتم أنتم أيضاً كيف أنه وقعت العديد من الانفجارات وكان العديد من المدنيين ضحايا لهذه التفجيرات. هذه منظمة إنسانية، نحن نأتي لمساعدة الشعب والأطفال وكل شخص، من بينهم أطفالنا أيضاً".
بدأت منظمة (ITF) عملها أول مرة بعد حرب البوسنة والهرسك، وامتد نشاطها ليشمل بقع جغرافية أخرى، تعمل على تقديم المساعدة الإنسانية وتدمير الأسلحة المحظورة، وإزالة الألغام.
"لا يميزون بين المرأة والرجل"
لم يقتصر العمل في إزالة الألغام على نساء مقاطعة الحسكة فحسب، بل شاركت نساء مقاطعة قامشلو معهن أيضاً. ياسمين سليمان (22عاماً) من مقاطعة قامشلو وتعمل في مجال الألغام منذ ثلاثة أعوام. وهي حالياً عضو في فريق إزالة الألغام في منظمة ITF. هكذا تحدثت ياسمين عن عملها "قبل انضمامي إلى هذه المنظمة، عملت لمدة ثلاث سنوات في مجال الألغام. تلقينا الكثير من التدريبات منها العملية وتحديد مناطق الخطر. كنا نقوم بالتجارب ونتقدم الأشخاص الذين يقومون بإزالة الألغام ونحدد لهم مكان تواجد اللغم. نحن الآن نعمل في هذه المنظمة منذ شهرين، تلقيت التدريب والآن أقوم بإزالة الألغام بنفسي. وأفضل شيء في هذه المنظمة أنهم لا يميزون بين المرأة والرجل".
"كرست نفسي لهذا العمل"
أعربت ياسمين سليمان عن رغبتها وأهدافها من الانضمام إلى منظمة (ITF) قائلةً "لقد كرست نفسي لهذا العمل، فمثلاً سنعيد الأرض الزراعية إلى مالكها الذي كان يتدبر أمور معيشته من محصولها منذ سنين بعد أن نقوم بتنظيفها من الألغام ليكون بمقدوره الاستفادة منها مرة أخرى. حتى لو كان ما سننظفه مدرسة سيفرح بها الأطفال. ولكن هناك العديد من الضحايا، فقبل مدة داس طفلٌ كان يرعى الأغنام على أحد الألغام وفقد ساقيه. تنظيف الأراضي من الألغام من أجل شعب وأطفال بلادنا هدف عظيم جداً".
عملت ميديا أصلان دقوري البالغة من العمر 24 عاماً من قرية الرشيدية التابعة لمنطقة تل تمر في مقاطعة الحسكة منذ هجمات داعش الأولى على مناطقهم على حماية أراضيها. فقد زوجها حياته في المقاومة ضد الهجمات على قرية غيبيش في منطقة تل تمر، فاضطرت إلى تحمل مسؤولية طفليها اليتيمين. هاجمت الدولة التركية قريتهم في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2019. وأثناء الهجمات اضطرت إلى أخذ طفليها ومغادرة القرية والتوجه إلى مدينة الحسكة. تقول ميديا التي تعيش الآن في مدينة الحسكة وتعمل منذ عامين في إزالة الألغام "نعم حياتنا في خطر، لكننا تعودنا. عملنا عمل إنساني، نزيل بقايا مخلفات داعش وفي المقابل نتخذ التدابير لحماية أنفسنا".
غطت برامج ومشاريع المنظمة العديد من الدول التي نشبت فيها الحروب كـ جنوب شرق أوروبا، أوروبا الشرقية، آسيا الوسطى، الشرق الأوسط، جنوب القوقاز، أفريقيا.