تتشابه السياسة في عفرين وشنكال... مطالب بحماية الإيزيديات

تعاني الإيزيديات من انتهاكات جسيمة يرتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته في مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا، وعلى وجه الخصوص المعتقلات منهن في سجون المرتزقة.

سيبيلييا الإبراهيم

حلب ـ ناشدت عضوة منسقية المرأة الإيزيدية نوروز ادو، المنظمات الحقوقية والإنسانية لحماية النساء الإيزيديات من كافة أنواع الانتهاكات التي تمارسها تركيا ومرتزقتها في المناطق المحتلة، مطالبةً بعدم التزام الصمت حيال ما تعيشه المعتقلات منهن.

تعيش النساء في مناطق شمال وشرق سوريا التي احتلتها تركيا ومرتزقتها ظروفاً مأساوية في ظل ما تعانينه من انتهاكات كالعنف والاغتصاب والقتل، كما هو حال النساء الإيزيديات.

 

"هدم المزارات ومحو الثقافة الإيزيدية على رأس انتهاكات تركيا"

عن الأوضاع التي عاشها الإيزيديين قبل احتلال تركيا لعفرين وبعدها، أكدت عضوة منسقية المرأة الإيزيدية مكتب حلب نوروز ادو أنه "قبل احتلال مقاطعة عفرين على يد تركيا ومرتزقتها كان الإيزيديين يمارسون حقوقهم وواجباتهم بشكل طبيعي، فهذه المقاطعة كانت ملاذ آمن لهم في ظل الإدارة الذاتية، فقد تم افتتاح بيت للإيزديين في عفرين حتى يمارسوا طقوسهم الدينية فيه كما كانوا يحيون أعيادهم وأفراحهم بكل أمان".

 

"هربنا من عفرين خوفاً من تكرار سيناريو شنكال"

وأما عن أوضاع الإيزيديين بعد احتلال مقاطعة عفرين فقالت "عندما خرج الناس إلى الشوارع وهم ينادون بأن تركيا ستبدأ بالهجوم على عفرين، نحن كإيزيديين لم نصدق ذلك لقد كان احتلال عفرين على يد تركيا ومرتزقتها أمر لم نستطيع تصديقه حتى اليوم، لقد خشينا أن تتكرر جرائم شنكال التي ارتكبها مرتزقة داعش عام 2014 بحق الإيزيديين، فالإرهاب ذاته ولكن بأسماء مختلفة، لذلك قررنا الفرار من عفرين وتركنا خلفنا كل شيء إلا أننا لم ننسى أرضنا وسنعود إليها قريباً منتصرين على أعداء الديمقراطية والحريات".

وأضافت "منذ اللحظات الأولى لاحتلال عفرين قامت تركيا ومرتزقتها بتدمير كافة المزارات الخاصة بالديانة الإيزيدية لكي يحرموا كل من يؤمن بها من ممارسة طقوسه الدينية ولكي يمحو الحضارة الإيزيدية التي تمثل أصل حضارات الكرد التي تسعى تركيا وكل من يقف معها دوماً للقضاء عليه وعلى إرادة شعبه الذي له تاريخ طويل في النضال ضد الأنظمة القمعية والرأسمالية".

ولفتت إلى أنه "يحاولون محو تاريخ الشعب الكردي من خلال القضاء على الإيزيدية، فقد رأينا خلال هجوم مرتزقة داعش على مدينة شنكال أنه تم في المقام الأول استهداف الإيزيديين الذين مورس بحقهم أبشع الجرائم والانتهاكات كما تم إجبارهم على اعتناق ديانات غير ديانتهم، ولحماية ثقافتهم وديانتهم هرب الإيزيديون من شنكال وتوجهوا إلى دول أكثر أمان لهم".

 

"الإيزيديات تنظمن صفوفهن"

وعن التشابه الكبير بين الانتهاكات التي تعرض لها أهالي شنكال وعفرين، أشارت نوروز ادو إلى أن "سياسة تركيا وداعش واحدة، كما أن العالم بأسره قرر أن يبقى صامتاً إزاء مجزرة عام 2014 التي ارتكبها داعش بحق الإيزيديين، ولم يحرك ساكناً تجاه ما حدث للنساء هناك من اغتصاب وبيع في أسواق النخاسة، وحتى هذه اللحظة هنالك العديد منهن لا تزلن معتقلات".

وأضافت "ورداً على الجرائم المرتكبة بحق الإيزيديين قمنا بتنظيم أنفسنا في صفوف وافتتحنا مكاتب خاصة بالنساء الإيزيديات في مناطق متفرقة من شمال وشرق سوريا، بهدف حمايتهن وضمان كافة حقوقهن المشروعة، وبالنسبة لأهالينا المتواجدين في عفرين لا نستطيع التواصل معهم بالشكل المطلوب لأن ذلك يشكل خطراً على حياتهم، فهم تعرضوا لكافة أشكال الانتهاكات وكان آخرها إجبارهم على اعتناق الديانة الإسلامية، بالإضافة لوجود العديد من الإيزيديات المعتقلات في سجون الاحتلال التركي ومرتزقته، وهن تتعرضن لأبشع أشكال التعذيب، وبحسب عدد من المصادر فقد تم قتل امرأة إيزيدية في سجون المرتزقة من شدة التعذيب الذي مورس بحقها".

وطالبت نوروز ادو المجتمع الدولي بوضع حد لتركيا ومرتزقتها الذين عاثوا فساداً ودماراً في المناطق المحتلة "نناشد كافة دول العالم لحماية الحضارة الإيزيدية التي تأسست على السلام ونادت به".

 

 

إيزيدية تروي ما عاشته في سجون المرتزقة

وحول الجرائم التي يرتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته بحق النساء الإيزيديات في عفرين، قالت عدول صفر البالغة من العمر 63 عاماً من قرية قيبار في مقاطعة عفرين "مع بداية احتلال تركيا لمدينة عفرين خرجنا إلى جبل الأحلام عندما كانت القذائف تتطاير فوقنا، لقد كانت مشاهد مفزعة جداً كنا نحاول إنقاذ أرواحنا، حتى السيارات لم تتوقف لمساعدة أحد فكل شخص يحاول الفرار من المجازر التي تحدث، كل الذين خرجوا من عفرين تركوا قلوبهم وأرواحهم هناك، قصدنا مقاطعة الشهباء وبعدها ذهبنا إلى مدينة قامشلو".

وأشارت إلى أنه "بعد بقائنا فترة قصيرة بمقاطعة قامشلو قررت أن أزور ابنتي في مقاطعة الشهباء فمنذ احتلال عفرين انقطعت جميع أخبارها عني، وفي طريق إلى هناك توجه الباص إلى منطقة غريبة لم أزرها من قبل حيث كانت الدبابات تملأ المكان، وعندما سألت عن مكان تواجدنا أخبروني أننا في مدينة جرابلس، وأنا لم أكن أعرف الطرقات والمدن في مناطق شرق الفرات وما حدث لمدينة عفرين جعلنا تائهين".

وأضافت "بقينا في جرابلس لمدة يومين ثم توجهنا إلى مدينة أعزاز ومنها إلى الشهباء وفي الطريق قام مرتزقة تركيا باعتقال كافة النساء في ذلك الباص وتوجهوا بنا إلى سجن أعزاز، حيث تعرضنا لكافة أشكال العنف هناك من ضرب مبرح وصعق بالتيار الكهربائي وكذلك اقتلاع للأظافر كما تم وضعنا في الدواليب، لقد كانوا يحققون معنا لساعات طويلة، لقد كنا نرى الدماء تخرج من الغرف التي يتم فيها اعتقال الرجال فنحن كنا معتقلين في مبنى واحد".

 

كونها امرأة إيزيدية مورس بحقها أشد أنواع التعذيب

وعن العنف الذي تعرضت له، أوضحت عدول صفر أنه "كانوا يقولون لنا أنه لديهم أوامر بضرورة موت أكثر من شخص تحت التعذيب، كانوا يهددوني في كل يوم بأنهم سيقتلونني فقط لأنني إيزيدية وكنت دائماً أقول لهم بأنني لم أفعل شيء حتى يكون الموت عقابي، وبعد مرور 22 يوماً على اعتقالي في سجن أعزاز تم تحويلي إلى المحكمة التي تم فيها أيضاً تعريضي للضرب المبرح كما قاموا بسكب ماء ساخن على وجهي، بعد ذلك تم نقلي مع العديد من النساء المعتقلات من عفرين وغيرها من المدن إلى سجن مارع حيث تعرفت هناك على امرأة اعتقلت هي واثنتان من بناتها، طلبت مني أن انتبه لكل كلمة انطق بها أمامهم".

ولفتت إلى أنه "خلال فترة اعتقالي بدأ شهر رمضان كانوا يحاولون إجبار الإيزيديات على الصيام، وكنت أخبرهم أنني امرأة إيزيدية زرادشتية وأنه لي طقوسي الخاصة من صيام وصلاة وفي كل مرة أقول لهم ذلك يزداد التعذيب بحقي، لقد كانوا في كل مرة يهددوني بأنهم في حال لم أمتثل لأوامرهم فسيقومون بقتلي فهم لديهم أوامر أن يقتل ما يقارب عشرة أشخاص تحت التعذيب كل يوم".

 

"سجون المرتزقة تمتلئ بالنساء المعتقلات"

وأضافت "دائماً كانوا يرددون أن الإيزيديين هم كفار فلم استطع التزام الصمت حيال هذا فقلت لهم وهل الجرائم التي ارتكبتموها بحق أفراد هذا الإيزديين ومزاراته في شنكال أليس كفر، لقد مارسوا بحقي كافة أشكال التعذيب فقط لأنني إيزيدية، ولحسن حظي بعد فترة علم أبنائي بمكان اعتقالي بعد عناء طويل، ثم قاموا بدفع مبلغ مالي كبير حتى استطعت الإفلات من ظلمهم، لقد تم إطلاق سراحي من سجون المرتزقة بعد ثلاثة أشهر من التعذيب".

ونوهت عدول صفر إلى أن "المنظمات الإنسانية والحقوقية صامتة حيال ما يعانيه المدنيين في مناطق شمال وشرق سوريا التي احتلتها تركيا ومرتزقتها وفي عفرين خصوصاً، ونطالبها بأن تخرجهم من أراضينا وتحاسبهم على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبوها بحق الأهالي والدمار الذي تسببوا به، ألم يحن الوقت للخروج من هذا الصمت الذي قتل العديد من الأبرياء".