تتحدى الصعوبات لتعيل أحفادها الأيتام

قلة الإمكانيات المادية وغياب الدعم يجبر الكثير من النساء للعمل في بيع الأزهار الموسمية كزهرة النرجس ذات الاستخدامات الطبية المتعددة.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ
تقوم العديد من النساء ببيع الأعشاب والأزهار على قارعة الطرقات لإعالة أسرهن وتحقيق اكتفاءهن الذاتي في ظل تردي الأوضاع المعيشية.
افترشت الأرض تحت شجرة بضاحية المرسى بتونس ووضعت أمامها زهور النرجس وبعض الأعشاب التي تساعد في علاج العديد من الأمراض، لقد اختارت فاطمة المعلاوي مكاناً يكثر فيه المارة وقريب من المحال التجارية، لتبيع ما قطفته من زهور النرجس على شكل باقات صغيرة وأخرى كبيرة لكل منها ثمنها الخاص.
وتقول "ليس هناك إقبال كافي على شراء زهرة النرجس، المارة يعتبرون ثمنها باهظ ولم يضعوا بالحسبان التعب والمضايقات التي تمنعني من حين لآخر من التواجد في هذا المكان"، مؤكدة أنها تضطر أحياناً عندما لا يكون هناك أقبال على شراء أزهارها إلى تخفيض أسعارها أو يمكن للزبون إحضار ثمنها في اليوم التالي.  
وقالت "حتى أتمكن من قطف زهور النرجس وأعشاب إكليل الجبل والزعتر البري والريحان والقضوم وغيرها من الأعشاب الجبلية التي أبيعها بهذا المكان، يجب أن استيقظ في الساعة الثالثة فجراً وأقصد مع عدد من النساء جبل سجنان في مدينة بنزرت لقطفها، حيث نتعرض للعديد من المخاطر فقد تهاجمنا الخنازير والذئاب، وبعد الانتهاء أتوجه إلى مكاني المعتاد".
وأشارت فاطمة المعلاوي إلى أن الحرائق التي طالت جبالاً عديدة في تونس ومنها جبل سجنان أدت إلى نقص كبير في الأعشاب الطبية والعطرية وصعبت عليها عملية جمعها فقد أصبحت هذه العملية تتطلب وقتاً أطول وجهداً أكبر، مضيفةً "كنا نعتمد على الأعشاب في علاج الكثير من الأمراض ولم يكن للأدوية الكيمياوية ذاك الدور الكبير، حتى أن والدتي لم تكن تعرضنا على الطبيب، لقد كانت تستعمل أعشاب الغابة لعلاج كل الآلام وكذلك الحروق". 
وأضافت أنه ليس من السهل بيع الزهور والأعشاب "اضطر أحياناً للبقاء طيلة اليوم في هذا المكان عرضة للبرد، وفي حال لم أبع الكمية التي لدي اضطر للمبيت في الشارع، ونظراً للخطر الذي يحيط بي لا يمكنني النوم وأبقى يقظة طول الليل". 
يتبادر إلى الأذهان سؤال لماذا؟ ولأجل من تفعل فاطمة المعلاوي كل هذا؟، إنها تجلس على الأرض وترتب زهور النرجس في باقات، وتتحدث إلى الزبائن عن متاعب جني هذه الزهور حتى لا تتم مناقشتها عن أسعارها، وتقول "هم دائماً يعتبرون أن سعرها مرتفع لكنهم لا يعلمون حجم العناء المترتب على قطفها من سفوح الجبال، أن رائحتها تختلف عن رائحة زهور النرجس التي تنمو ببعض المناطق المتاخمة للعاصمة"، مضيفةً "أنا جدة لطفلين يتيمين أحدهما في الثالثة من العمر والأخر رضيع كما أعيل ابنتي التي وضعت طفلة من فترة وهي عاطلة عن العمل، لذلك يجب أن أعمل ليلاً نهاراً لتوفير احتياجاتهم من حليب وأدوية وطعام". 
وأكدت أنها واجهت العديد من الصعوبات خاصة أنها تزوجت في سن مبكر ثم تطلقت وحملت على عاتقها مسؤولية عائلتها وأحفادها، وتقول "عملت في تنظيف المنازل والنزل السياحية، كل ذلك لتأمين احتياجات عائلتي ولأوفر لهم حياة كريمة".
وطالبت فاطمة المعلاوي الجهات المعنية بتقديم الدعم للنساء اللواتي ليس لديهن دخل ثابت وتهيئة الظروف الصحية والاجتماعية، بالإضافة لتمكينهن اقتصادياً حتى تتمكن من تأسيس مشاريعهن الخاصة، لافتةً إلى أنها تقطن في منزل يفتقر لأبسط شروط الأمان والرفاهية.