تطبيق القوانين... بداية الحل للتخلص من زواج القاصرات

رغم وجود قوانين تمنع زواج القاصرات إلا إنه مع تفشي الفقر نتيجة الحرب زاد لجوء الأهل إلى تزويج الفتيات للتخلص من نفقات رعايتهن، ويعد تطبيق قوانين تحمي المرأة بداية الحل للتخلص من هذه الظاهرة في شمال وشرق وسوريا.

سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ
ارتفعت نسبة زواج القاصرات في منبج وريفها إلى 75%، وتعدد الزوجات إلى 50%، وأما حالات الطلاق فقد بلغت 65%، وبلغ العنف ضد المرأة نسبة 30%، وفي الرقة بلغت نسبة زواج القاصرات 30%، وتعدد الزوجات 70%، وحالات العنف 50%، وحالات الطلاق ارتفعت بشكل غير قابل للقياس، وفي مدينة الطبقة بلغت نسبة زواج القاصرات 30%، وتعدد الزوجات 35 %، وذلك حسب إحصائيات قامت بها إدارة المرأة في المناطق المذكورة.
تقول الإدارية في مركز دراسات الجينولوجيا (علم المرأة) بمدينة منبج غالية نعمت أن ظاهرة زواج القاصرات لها أبعاد اجتماعية ودينية "ازدادت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، فهي ليست جديدة، وباتت بحاجة لإيجاد الحلول التي تبدأ من تحليل المجتمع والتغيرات التي طرأت عليه".
ولفتح المجال للحل الجذري والحصول على نتائج، يجب البحث والتقصي في جميع الأبعاد التاريخية والدينية والاجتماعية حول هذه الظاهرة، بحسب ما بينت غالية نعمت "زواج القاصرات هو عُرف في بعض المجتمعات، وتكون النتيجة سلبية على الفتيات خاصة".
وتوضح غالية نعمت أن "التكاثر كان حاجة في بداية تكوين البشرية لاستمرارية البقاء، لكن في الوقت الحالي لم نعد مهددين بالانقراض، إن قلة الوعي وعدم تنظيم الحياة الاجتماعية، ومحاولة إشباع الرغبات، تسببت في زيادة سكانية غير منتظمة، تُشكل خطراً على سلامة وصحة وبنية المجتمع". 
ولا ترتبط هذه الظاهرة بالفكر القبلي أو العشائري "في مرحلة هيمنة السلطة الذكورية على المجتمع، تولدت الحاجة إلى زيادة عدد الرجال للدخول في الحروب وزيادة القوة والحفاظ على السلطة، وهذا كان أحد أسباب الزواج المبكر في بداية انتشار هذه الظاهرة".
وتضيف غالية نعمت "ساد الانسجام بين الأبناء والآباء في السابق بسبب وجود التوازن، لكن تغير ذلك مع نشوب الحروب، ونشوء الامبراطوريات المعتمدة على سلالات معينة يقودها الرجال، ولهذا أعطيت المرأة دوراً ثانوياً يقتصر على الإنجاب فقط، وبهذا اُغتصب حق الأنثى في الحياة وعيش طفولتها، ومُنحت ظاهرة تعدد الزوجات صورة قانونية شرعية".
وانتشر قديماً وجود "الجواري" في وقت لم يكن هنالك زواج رسمي، والحديث لغالية نعمت "خرجت المجتمعات عن النظم الأخلاقية، وتلاعبت السلطة الذكورية بالعديد من التشريعات المنصوص عليها في الأديان، لتحرفها عن مسارها الصحيح لتخدم مصالحها". 
وعن النضال ضد ظاهرتي تعدد الزوجات وزواج القاصرات أكدت الإدارية أن "المرأة لا يجب أن تحارب وحدها، اليوم يجب على الجميع أن يحارب معها هذه الظاهرة، فهي قضية عامة لا تدمر المرأة وحدها، وبالتخلص منها نحقق مجتمع ديمقراطي حر تسوده المساواة".
وفي سوريا لعبت الحرب التي بدأت عام 2011 دوراً في زيادة هاتين الظاهرتين "خلفت الحرب التهجير والقتل والخراب، لهذا أجبرت العديد من الفتيات على الزواج مبكراً، بحجة حمايتهن وتخفيف أعباء الحياة عن أسرهن، على الرغم من أن القاصر لا تستطيع تأسيس عائلة سليمة، لذا نرى ازدياداً ملحوظاً في حالات الطلاق".
وحول النتائج السلبية على القاصر الغير مؤهلة جسدياً واجتماعياً في حال تزوجت، تبين غالية نعمت أن "الفتاة تتعرض لحالات النزيف والتشوهات التي تظهر على جسدها، ولا سيما في الرحم، قد تؤدي إلى وفاتها".
وترى أنه من الواجب اتخاذ العديد من الإجراءات للحد من هاتين الظاهرتين، وأبرزها تطبيق قوانين المرأة التي اقترحها مؤتمر ستار في كافة مناطق شمال وشرق سوريا، وصادق عليها المجلس التشريعي في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وتم إنشاء ديوان العدالة الاجتماعية، في حين أنها لم تطبق إلا على الموظفين والعاملين ضمن المؤسسات في عدد من المناطق كـ "منبج، الرقة، والطبقة".
وتأسست هيئة المرأة في السادس من أيلول/سبتمبر 2018، لتضع مخططاً ضمن عام 2021، يتم العمل فيه على توحيد قانون للمرأة على مستوى شمال وشرق سوريا. 
وفي ختام حديثها تؤكد الإدارية في مركز دراسات الجينولوجيا بمدينة منبج غالية نعمت على أنه "يتم تدارك المشكلات فكرياً عبر المحاضرات الموضحة لقوانين المرأة، وكيفية تطبيقها، ويساعد في ذلك مركز دارسات الجينولوجيا والمجلس القضائي وديوان العدالة".