ترحيل الناجيات من الزلزال إلى مناطق تفتقر لأدنى مقومات الحياة
تقوم تركيا بترحيل النساء والأطفال الناجين من الزلزال المدمر إلى المدن التي احتلتها بدلاً من أن تؤمن لهم المأوى المناسب.
هديل العمر
إدلب ـ تستمر تركيا بعمليات ترحيل اللاجئين السوريين لديها قسرياً إلى مدن الشمال السوري، كان آخرها ترحيل النساء والأطفال الناجين من كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا.
تأتي عمليات الترحيل الأخيرة بعد فقدان العديد من اللاجئات السوريات ذويهن وأزواجهن ومنازلهن جراء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط/فبراير الماضي، بالتزامن مع الانتخابات التركية التي جعلت من قضية ترحيل السوريين إعلانات دعائية لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
لم تتوقع آيات الإبراهيم البالغة من العمر 33 عاماً وهي نازحة من ريف دمشق لجأت إلى تركيا، أن تفقد زوجها ومنزلها ويتم ترحيلها إلى مدينة إدلب في الشمال السوري في فترة زمنية قصيرة، خاصة وأنها لا تملك أي أقرباء في هذه المدينة، الأمر الذي جعلها تواجه تحديات وصعوبات اقتصادية ومعيشية واجتماعية غاية في الصعوبة.
وعن تفاصيل ترحيلها قالت إنه وبعد وفاة زوجها نتيجة انهيار أحد جدران المنزل عليه، بات عليها أن تتحمل مسؤولية طفليها وحدها، لتضطر بعدها للبقاء في الحدائق كونها أكثر أماناً دون اصطحابها لوثائقها الشخصية التي فقدتها تحت ركام المبنى المدمر.
وأضافت أنها اضطرت للعيش مع طفليها في الحدائق والمرافق العامة نتيجة عدم وجود أي خيارات أخرى متاحة أمامها، وخلال ذلك قامت السلطات التركية باعتقالها لمدة يومين بتهمة عدم حيازتها بطاقة "الهوية " والثبوتيات الشخصية، قبل أن يتم ترحيلها إلى إدلب عبر معبر باب الهوى الحدودي.
وأشارت إلى أن الشرطة التركية أجبرتها على التوقيع على ورقة العودة الطوعية قبل ترحيلها، وهو ما سيحرمها من العودة إلى تركيا لفترة لا تقل عن خمس سنوات، في حين لن تتمكن من الحصول على حقوقها وحقوق أطفالها في التعليم والصحة قبل هذه الفترة.
ولا تخفي النازحة الأوضاع المأساوية التي تعيشها والتي تسببت لها بأزمات نفسية، في ظل الظروف الصعبة التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة في الشمال السوري، خاصة وأنها لا تزال تقطن في مركز إيواء جماعي بالقرب من مدينة جنديرس التي تقع تحت سيطرة تركيا ومرتزقتها دون أي خدمات تذكر.
وأوضحت آيات الإبراهيم أن جميع محاولاتها لتأمين فرصة عمل ضمن منطقة سكنها باءت بالفشل، نتيجة قلة الفرص وندرتها، بالإضافة للأجور الزهيدة.
لم تسلم صفاء المنور البالغة من العمر 29عاماً وهي نازحة مقيمة في مدينة إدلب، من عمليات الترحيل القسرية، حين اعترضتها إحدى الحواجز العسكرية التركية بالقرب من معبر باب السلامة الحدودي أثناء عودتها من قضاء الإجازة التي منحت للسوريين اللاجئين في تركيا ضمن المناطق المتضررة من الزلزال.
وقالت إن عناصر الشرطة سحبوا منها جميع الأوراق الثبوتية بما فيها بطاقة "الهوية" الخاصة بها وبأطفالها قبل أن تتم عملية ترحيلها بشكل تعسفي يخالف قوانين حماية اللاجئين، لتمنع بعدها من دخول الأراضي التركية مجدداً.
وأضافت أنها ستضطر للمجازفة بعبور الحدود بطريقة غير شرعية وتحمل أعباء ومخاطر هذه الخطوة، حتى تستطيع العودة إلى زوجها الذي بقي محتجزاً في تركيا على أمل أن يهيئ ظروف مناسبة لعائلته بعد انهيار المبنى الذي كانوا يقطنونه في مدينة أنطاكيا، مشيرةً إلى أن إمكانية عودتها إلى تركيا بطريقة شرعية باتت غير ممكنة بعد أن أجبرتها السلطات هناك على التبصيم على ورقة العودة الطوعية و"إتلاف بطاقة الهوية" وهو ما يجعل عودتها بطريقة آمنة مستحيلة.
من جهتها أكدت الناشطة الحقوقية في إدلب رؤى عبد الرحمن ذات الـ 38عاماً، حدوث انتهاكات وتجاوزات بحق النساء والأطفال المتضررين من كارثة الزلزال وعلى رأسها عمليات الترحيل القسري بحجج وذرائع مخالفة لاتفاقيات حماية اللاجئين الدولية.
وشددت على ضرورة تشكيل لجان حقوقية وقانونية في الداخل السوري لاستقبال شكاوى المدنيين الذين تعرضوا لانتهاكات واضحة أفضت بترحيلهم بشكل قسري، وذلك لمحاولة إعادتهم بالإجبار إلى مناطق الشمال السوري التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.