تقنين وإرباك... قلة مياه الشرب تزيد معاناة النازحات في المخيمات
المئات من مخيمات إدلب حرمت من حصتها من المياه النظيفة، حيث لجأ قاطنوها إلى أساليب التقنين الحادة مما تسبب بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة والجلدية.
هديل العمر
إدلب ـ تعاني النازحات بمدينة إدلب في الشمال السوري من انقطاع مياه الشرب عن معظم المخيمات وسط حالة من الفقر المدقع، مع غياب أي نوع من الحلول الجذرية التي يمكن أن تنقذ النازحات من التكاليف المرتفعة مقابل شراء المياه.
فقدت المياه النظيفة والصالحة للشرب في 48 % من مخيمات النازحين في إدلب، ووصلت أعداد المخيمات التي تفتقر لخدمات المياه إلى أكثر من 819 مخيماً، ويتوقع زيادة أعدادها نتيجة توقف المشاريع الخاصة باستدراج المياه، ما يضع النازحات في مواجهة واقع مرير في كيفية تدبير أمورهن اليومية، حيث قالت صبرية الشيخ خليل تبلغ من العمر 41 عاماً، وهي نازحة مقيمة في مخيمات كفر يحمول شمال إدلب، إن أكثر ما كانت تخشاه وقع عندما تم حرمان العديد من المخيمات من المياه الصالحة للاستهلاك البشري والمجانية.
وأضافت أنها في حيرة من أمرها حول كيفية إنجاز أعمالها اليومية مع عدم توفر الكمية الكافية من المياه التي أصبحت تدفع ثمنها على نفقتها الخاصة، في الوقت الذي لا تملك فيه دخل ثابت جراء قلة فرص العمل التي يعاني منها زوجها المصاب بأمراض مزمنة متعددة منها الضغط والسكري.
وأشارت إلى أن احتياج عائلتها اليومي من المياه النظيفة تقدر بـ 70 لتر يومياً للفرد الواحد موزعة على الشرب والاستحمام والنظافة والغسيل، وبعد انقطاع المياه النظيفة عن المخيم باتت مجبرة على تدبر متطلبات عائلتها بـ 30 لتر فقط.
من جانبها قالت ياسمين كروان البالغة من العمر 39 عاماً نازحة مقيمة في مخيمات قاح شمال إدلب إنها بدأت بخطة تقنين قاسية بعد توقف مشاريع ضخ المياه للمخيم، ولا سيما أن عائلتها تصنف من العوائل المعدومة الدخل، وبسبب الضائقة المالية التي تمر بها تضطر لبيع بعض مخصصاتها من المواد الغذائية التي تحصل عليها كحصة شهرية من منظمات المجتمع المدني لتتمكن من شراء المياه النظيفة.
وأضافت "أقنن استخدامات المياه إلى أبعد الحدود، وذلك بتقليل كميات المياه المستخدمة في الغسيل والاستحمام، غير أنني أخشى أن يؤثر ذلك على صحة أطفالي لا سيما وقد بدأت تظهر عليهم أعراض أمراض جلدية منها القمل بسبب قلة عدد مرات الاستحمام في الشهر"، مبينة أنه بالرغم من التقنيين الذي بدأته منذ أكثر من ستة أشهر إلا أن ذلك لم يحدث أي تطورات بهذا الأمر، وأن الكثير من العوائل في المخيمات عاجزة عن تأمين مياه الشرب بسبب الفقر والعوز.
وقالت الطبيبة الإخصائية بالأمراض الداخلية يسرى نداف إن ساكني المخيمات لا يملكون رفاهية الوصول للمياه النظيفة، كمياه الشرب أو المياه التي يحتاجونها لقضاء احتياجاتهم اليومية، وهو ما تسبب في إصابتهم بأمراض مختلفة، موضحةً أن أكثر الأمراض شيوعاً جراء نقص المياه النظيفة هي الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي والأمراض المعدية، التي يعتبر بعضها أمراض خطيرة.
وأكدت أن توفر المياه النظيفة في الوقت المناسب وبالقدر الكافي خاصةً للأشخاص المقيمين في المخيمات نظراً لضعف أوضاعهم لا سيما الأطفال والنساء، حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وضرورة من ضروريات الحياة والصحة.