'تمكنت نساء روج آفا من تطوير أنفسهن لحماية المجتمع والمرأة'

أوضحت نسرين تحلو أنها واجهت عادات وتقاليد مجتمعها التي حرمتها من أبسط حقوقها منذ طفولتها لتنضم بذلك إلى ثورة روج آفا بإرادة حرة وقوية، وتشارك في تأسيس قوات الحماية الجوهرية ـ المرأة.

شيرين محمد

قامشلو ـ في ظل ما مرت به المنطقة من تطورات سياسية، كان للمرأة دور كبير وأساسي في المجتمع، ومع بداية تأسيس قوات الحماية الجوهرية شاركت في الدفاع عن أرضها بهدف حماية المرأة والمجتمع والسير بهم نحو الحرية.

نسرين خلف تحلو البالغة من العمر 45 عاماً من أقدم عضوات قوات الحماية الجوهرية ـ المرأة، تنحدر من منطقة تربسبيه التابعة لمقاطعة قامشلو في شمال وشرق سوريا، تعد الوحيدة بين أشقائها العشرة التي لم تكمل تعليمها مما جعل شخصيتها مختلفة، وعن ذلك تقول "كنا نعيش في القرية وكانت المدرسة بعيدة عن منزلنا كنت أذهب إلى القرية المجاورة لتلقي التعليم ولدي آمال وأحلام كثيرة، وكنت أتوق دائماً لتجربة كل شيء جديد".

لم تكن تقبل نسرين تحلو ما كان يعيشه المجتمع من معاناة وتخلف، ومن جهة أخرى كونها طفلة من عائلة كردية عاشت في مجتمع يسيطر عليه حكم لا يقبل التعددية والاختلاف "كنت أعيش ضمن عائلة كردية في وقت لم يكن للكرد أي حق في التعبير عن آرائهم والتحدث بلغتهم، لطالما حلمت أن أكمل دراستي بلغتي وأن أتحدث بها في المدرسة كما أني لم أستطع المشاركة بالأعياد القومية".

وأشارت إلى أنه "رغم كل الصعوبات التي كنا نمر بها، إلا أننا تربينا على القيم والأخلاق والثقافة الكردية داخل مجتمع متنوع المكونات واللغات والثقافات، وتعلمنا كيف نحترم المكونات الأخرى وثقافاتها".

وأضافت "ما زالت هناك مواقف عالقة في مخيلتي ولم أنساها حتى اليوم، كنت أحلم بأن أصبح ناشطة سياسية لانتقد جميع السياسات التي تجرد الشعوب من تاريخها وحقيقتها وأسعى لتغييرها أو شاعرة تكتب بقلمها معاناة شعبها الكردي أمام السياسات التي تمحي وجودهم ولغتهم".

ولفتت إلى أن هذه الصعوبات لم تكن الوحيدة التي تقف عائقاً أمامهم في المجتمع وخاصة النساء فقد كن تعانين من أفكار وعادات وتقاليد المجتمع التي تحرم المرأة من ممارسة حقوقها "كانت هناك جملة تتردد دائماً إلى مسامعنا (أنتِ امرأة لا يحق لكي ذلك)".

وبينت نسرين تحلو أن زوجها كان من المكون العربي لم يمنعها يوماً من ممارسة حقوقها أو حتى التحدث بلغتها، وكان يساندها في جميع قراراتها التي تتخذها، كما تمكنوا معاً من تربية أطفالهم على أساس احترام المكونات الأخرى في المجتمع والتعلم والتحدث باللغتين الكردية والعربية، ولكنها منذ ما يقارب الـ 20 عاماً مارست دور الأب والأم بعدما فارق زوجها الحياة.

وعام بعد آخر، أحلام نسرين تحلو المنتظرة أن تتحقق كانت تكبر معها "لم يكن هناك أي مخرج ينقذنا كنساء من العادات والتقاليد البالية، أردت دائماً رسم طريقي الخاص في الوقت الذي كنت أبحث فيه عن مخرج لإنقاذ نفسي وأحلامي، إلى أن تعرفت على فكر القائد عبد الله أوجلان، فقد جذبتني أفكاره كونها تنادي بحرية المرأة وتعطيها الحق بالتعرف على ذاتها قبل كل شيء".

ولم تكن الوحيدة التي تبحث عن مخرج للخلاص من العادات والتقاليد التي تقيد المرأة، وعن ذلك تقول "كان هناك الكثير من الفتيات اللواتي تبحثن عن الحرية وتردن التخلص من كل ما تعانين منه، وكان فكر القائد أوجلان بمثابة الخلاص فاخترن طريقهن للحرية بأنفسهن".

وعن بداية الثورة في روج آفا، قالت نسرين خلف تحلو "قرر أحد أولادي الانضمام إلى الثورة كمقاتل بعد انتشار داعش في كل مكان، فقررت بعدها الانضمام إلى الثورة والمشاركة فيها، ومن ثم قمنا بتأسيس قوات حماية المجتمع ـ المرأة التي كانت أساس نجاح ثورة روج آفا".

وأضافت "في البداية قمنا بإنشاء مجموعات صغيرة من النساء والرجال لحماية الأحياء، فكنت من أوائل النساء اللواتي حملن السلاح وبدأنا بحماية المنطقة تحت اسم قوات حماية المجتمع ـ المرأة"، لافتةً إلى أنهم قرروا إنشاء قسم خاص بالمرأة ضمن وحدات حماية المجتمع بهدف حماية النساء من كافة أشكال الانتهاكات والعنف.

وتحت اسم قوات الحماية الجوهرية ـ المرأة، بدأت النساء بالعمل على حماية الأحياء السكنية وإنشاء حواجز على مداخل ومخارج المدينة لمنع دخول أي شخص غريب إلى المنطقة كما أوضحت نسرين خلف تحلو، "كنا نسطر التاريخ بمقاومتنا وبطولاتنا خاصةً في السنوات الأولى من العمل استطعنا حمل السلاح والوقوف لأيام عديدة لحماية أطفال ونساء المنطقة".

وعن انضمام النساء إلى قوات الحماية الجوهرية ـ المرأة، تقول "سارعت النساء دون أي خوف بالانضمام إلى قوات الحماية، وتمكنا من تطوير أنفسنا لنصبح قوة تحمي المجتمع والمرأة، ولم يكن لدينا مراكز خاصة، لذلك كنا نجتمع في المنازل والأحياء لمناقشة أوضاع المنطقة وكيفية حمايتها".

وبينت أنه "عند حدوث أي مشكلة نقوم كقوات الحماية الجوهرية ـ المرأة بالتدخل وإرسال ما تم جمعه من دلائل للأسايش فكان هدفنا حماية المنطقة من أي خطر، وإلى جانب عملي في قوات الحماية الجوهرية ـ المرأة كنت أعمل في الاقتصاد والزراعة ولجنة الصلح في مؤتمر ستار من أجل بناء أساس متين لنضال المرأة في مجتمع متطور من كافة النواحي".

ولفتت إلى أنه لا يوجد في العالم بأسره قوة خاصة بالمرأة، وهذا ما يميزهم عن غيرهم كونهم استطاعوا كسر القوالب النمطية للمرأة، وتمكنوا من تنظيم قوات خاصة بها دون الانحياز إلى أي دولة أو مصالح وسياسات "نقوم بكل ما يقع على عاتقنا لحماية مجتمعنا ومناطقنا ومكتسبات ثورتنا حتى يومنا الراهن".

وذكرت ما قدمه المجتمع لهم وما قدموه للمجتمع ويسعون إلى زرع روح المقاومة في الأجيال القادمة من أجل أن يسيروا على خطى آبائهم وأمهاتهم الذين قاوموا وناضلوا ضد كافة الهجمات.

وفي ختام حديثها، طالبت نسرين خلف تحلو جميع النساء اللواتي تناضلن من أجل الحصول على حقوقهن لتتابعن مسيرتهن نحو الحرية "بالتضامن تستطيع النساء تحقيق حريتهن لتكن بذلك صاحبات قرار وإرادة حرة".