تحت نيران الحرب مركز شؤون المرأة يستمر بتقديم الدعم للنساء

يواصل مركز شؤون المرأة في غزة تقديم خدماته الحيوية تحت نيران الحرب، متحدياً المخاطر لدعم آلاف النساء والفتيات نفسياً واجتماعياً رغم الظروف الصعبة.

نغم كراجة

غزة ـ تعمل الأخصائيات في مركز شؤون المرأة في قطاع غزة على تقديم الدعم النفسي للنساء والفتيات في محاولة لتعزيز صمودهن وانتشالهن بقدر الإمكان من بيئة العنف والضغط التي تعشنه في ظل الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

في قلب قطاع غزة المحاصر، ووسط أجواء متوترة تتخللها أصوات القصف، يقف مركز شؤون المرأة كواحة من الأمل للنساء والفتيات اللواتي تواجهن ظروفاً مأساوية تتجاوز حدود التحمل البشري، رغم قسوة الظروف وانعدام الموارد، يواصل طاقم مركز شؤون المرأة العمل لتقديم الدعم النفسي للنساء اللواتي تواجهن النزوح المتكرر، والضغوطات الناجمة عن القصف المستمر.

تقول منسقة المشاريع في مركز شؤون المرأة، اعتماد كامل وشح "تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، وفي ظل القصف المكثف لا يفرق بين الحجر والبشر، يقف طاقم المركز صامداً ليواصل تقديم الخدمات الإنسانية التي تتطلبها الحاجة الملحة لآلاف النساء والفتيات في جميع أنحاء القطاع".

ولفتت إلى أن خدمات المركز امتدت إلى المناطق الأكثر تضرراً والتي تعاني من نقص حاد في الإمكانيات والموارد، خاصةً في شمال القطاع "استطاع المركز تكوين فريق متخصص من ثماني أخصائيات في المجالين النفسي والاجتماعي، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء والفتيات، من خلال تقديم المساعدة النفسية، وتوزيع حقائب الكرامة، وتقديم الإغاثات النقدية، كما تسعى الأخصائيات إلى تخفيف المعاناة التي تعيشها النساء في ظل ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة".

ورغم الجهود، تواجه الأخصائيات تحديات خطيرة تضاف إلى مهامهن اليومية، كالنزوح المفاجئ الذي يمثل أحد أكبر التحديات، حيث تجدن أنفسهن مضطرات للتنقل وسط ظروف محفوفة بالمخاطر، وأشارت اعتماد كامل وشح في حديثها إلى الأخصائية منى أبو علبة التي فقدت والدتها وشقيقها في إحدى الغارات، لتعيش ألم الفقدان والنزوح مرات عديدة، أنها عادت بعد أسبوعين فقط من فقدانها لعائلتها لتواصل تقديم الخدمات الإنسانية للنساء النازحات، مؤكدةً أن هذا التفاني في العمل يعكس إرادة لا تقهر، وحرصاً لا يتزعزع على أداء الواجب رغم كل الصعوبات.

ولفتت إلى أن الخطر الأكبر يكمن في التنقل بين مراكز الإيواء المختلفة، لأن هذه المهمة، التي لا غنى عنها، قد تؤدي إلى إصابات أو حتى فقدان الحياة في حال وقوع قصف مفاجئ "رغم هذه المخاطر، إذا لم نعمل الآن ونسعف النساء في أشد المحن، متى سنعمل؟

وأكدت أن الأحداث الدامية لن تثني الأخصائيات عن أداء واجبهن، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتعليم النساء مهارات إدارة الضغوط، وتدريبهن على التعامل مع التحديات الحياتية باستخدام وسائل متنوعة، كما تركزن على تحسين العلاقات الأسرية، للتخفيف من الضغوطات النفسية في وقت يشهد فيه الوضع الاقتصادي تدهوراً كبيراً وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية مثل المياه والطعام والكهرباء.

يلعب مركز شؤون المرأة في قطاع غزة دوراً حيوياً في تقديم الخدمات الإنسانية والدعم للنساء والفتيات في مراكز الإيواء وأماكن نزوحهن، خاصةً في المناطق الشمالية التي تعاني من قصف متواصل وشح في الإمكانيات والموارد، وتتنوع هذه الخدمات لتشمل عدة جوانب أساسية تهدف إلى التخفيف من معاناة النساء ودعمهن في مواجهة التحديات اليومية.

وحول الخدمات المتنوعة التي يقدمها المركز قالت اعتماد كامل وشح "نقدم الدعم النفسي والاجتماعي بشكل مكثف للنساء والفتيات، عبر فرق متخصصة تتكون من أخصائيات نفسيات واجتماعيات، ويتم تقديم الإسعاف النفسي الأولي للتخفيف من آثار الصدمة الناتجة عن القصف والنزوح، كما تتضمن هذه الخدمات جلسات فردية وجماعية تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية للنازحات، ومساعدتهن على التكيف مع الظروف الصعبة، كما يتبنى المركز نهجاً خاصاً لدعم النساء اللواتي فقدن أسرهن أو تعرضن للنزوح المتكرر حيث يتم توفير برامج دعم نفسي مكثف لهن ومساعدتهن في التعامل مع آثار الفقدان".

كما يحرص المركز على تقديم برامج تدريبية تهدف إلى تعليم النساء والفتيات مهارات حياتية وإدارة الضغوط من خلال استخدام وسائل متعددة في هذه البرامج لتعليم النساء كيفية التعامل مع الصعوبات اليومية، وتحسين علاقاتهن الأسرية في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وانعدام المقومات الأساسية "هذه المهارات ضرورية لدعم النساء في الحفاظ على تماسكهن الأسري والنفسي رغم الظروف القاسية"

ونظراً لشح الموارد والإمكانيات في المناطق الشمالية، يقوم المركز بتوزيع "حقائب الكرامة" التي تحتوي على مستلزمات شخصية أساسية للنساء والفتيات، بالإضافة إلى تقديم إغاثات نقدية مباشرة لتمكين النساء من تلبية احتياجاتهن الطارئة "قدمنا خدماتنا لآلاف النساء والفتيات في مراكز الايواء ومخيمات النزوح وأماكن استضافتهم، وفعلنا ما بوسعنا من أجل توسيع نطاق جهودنا والوصول إلى الفئات المستهدفة".

ونوهت إلى أن المنطقة الشمالية بأكملها تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية والدعم النفسي والاجتماعي وسط حرب طاحنة مستمرة، والنساء في غزة بحاجة ماسة إلى متابعة ودعم مستمر لتعزيز صمودهن المجتمعي "توفير هذا الدعم ليس مجرد ترف، بل هو ضرورة حتمية لتمكينهن من مواجهة التحديات اليومية التي تعترض حياتهن".

"وتواجه النساء في مراكز الإيواء والنزوح في غزة العديد من القضايا خلال الحرب الجارية التي تتنوع بين الظروف المعيشية القاسية، والضغوط النفسية والاجتماعية المتزايدة، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والأمنية، أهم هذه القضايا هي اكتظاظ مقرات الإيواء بالسكان والذي أدى إلى انعدام الأمن والحماية والخصوصية، وتفاقم المشكلات الصحية في بيئة تفتقر إلى الضروريات الأساسية مثل المياه النظيفة، المرافق الصحية الملائمة، والنظافة العامة" بحسب ما قالته اعتماد كامل وشح.

وأضافت "في ظل الضغط الهائل والظروف الصعبة، ازدادت حالات العنف الأسري داخل مراكز الإيواء، وتواجه النساء صعوبة في الوصول إلى الدعم القانوني بسبب الفوضى وغياب النظام القضائي، كما أن قضايا حقوق المرأة قد تتجاهل أو تهمل، مما يزيد من حدة الظلم والتمييز ضدهن".

وترى أن المجتمع الدولي والمجتمع المحلي مطالبان بتقديم الدعم اللازم لتمكين المركز من مواصلة دورها الحيوي حيث يتطلب ذلك توفير الموارد اللازمة لتعزيز الخدمات المقدمة، خاصةً في المناطق الأكثر تضرراً ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال جهد مشترك يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء اللواتي تعانين من آثار النزاع المستمر بوحشية.

 وفي ختام حديثها عبرت اعتماد كامل وشح عن أملها في أن تنتهي الحرب على قطاع غزة قريباً حتى يتمكن مركز شؤون المرأة من استئناف تقديم خدماته بشكل موسع وبجودة أفضل للفئات المستهدفة "نحن الآن نقدم الخدمات الإنسانية والمساعدات الطارئة التي تحتاجه النساء نظراً للإمكانيات المتاحة، في محاولة لتعزيز صمود المرأة وانتشالها بقدر الإمكان من بيئة العنف والضغط النفسي والاجتماعي، وخدماتنا الإنسانية والإغاثية للمرأة في قطاع غزة لن تتوقف".