تغلبت على المرض لتصبح نموذجاً للمرأة الطموحة

"لا شيء يستطيع أن يوقف المرأة التي ترغب في تغيير واقعها، أو الانتفاض في وجه الموروث والعقليات الرجعية، لتكون رقماً صعباً في هذه الحياة".

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ شعارها "على الأرض ما يستحق الحياة"، مها جبنون واحدة من النساء اللواتي انتفضن في وجه قيود المجتمع، وتغلبت على المرض الذي كان قد ترك لديها أمل في الحياة لا يتجاوز 1%.

مها جبنون رسامة وحرفية في مجال الصناعات التقليدية في تونس، أصبحت نموذجاً للمرأة الطموحة بعد مواجهتها مرضاً خطيراً.

كانت نسبة شفائها من المرض لا تتجاوز 1 % بعد إجراء العملية الجراحية بحسب طبيبها، وبسبب شغفها بالحياة وحبها لعملها في الصناعات اليدوية، تحدت المرض وخضعت لعملية استئصاله، على الرغم من ضآلة نسبة النجاح التي خطفتها من الموت.

وبالرغم من هذا الكم الهائل من المعاناة تقول مهما جبنون "عندما اكتشفت أنني مريضة وأعاني من وجود ورم في مكان حساس جداً في الرأس، وأنه يجب أن اخضع للعلاج، رفضت أن أبقى مكتوفة الأيدي أو مستلقية على فراش المرض، بل كنت أرسم اللوحات وأحيك وأطرز الملابس".

وأضافت "تعلمت الخياطة بعد ثلاث سنوات من التدريب المهني وحصلت على دبلوم، ثم تعلمت التطريز من زوجة عمي وابنتها وبعدها توجهت لتعلم حياكة الصوف والرسم، فكانت هذه المهارات عوناً لي في التغلب على المرض وكذلك المشاكل التي لحقت بي بعد انفصالي عن زوجي".

وأكدت "لم استسلم للمرض ولم أخش الموت، بل واجهته بالأمل على الرغم من معرفتي بأن نسبة نجاح عملية استئصال الورم سوف تكون في حدود 1% فقط وأن 99% هي نسبة الفشل، نظراً لحساسية مكان وجوده في رأسي، فأقدمت على إجرائها وتمكنت من الانتصار على الورم والحصول على حياة جديدة".

حياتها لم تكن سهلة حتى بعد تماثلها للشفاء، فهي تخوض حالياً معركة الانفصال عن زوجها الذي تخلّى عنها وباع منزلهما وتركها هي وأبنائها دون أن يحمل على عاتقه أي نوع من النفقات، وأمام كل الصعوبات لم تمتلك في جعبتها سوى العزيمة القوية والإصرار على تجاوزها.

وأضافت "بعد الشفاء من المرض أصبحت أكثر حرصاً على عملي، خاصة بعد تعرضي لمشاكل عديدة من قبل زوجي، الذي أقدم على طردي أنا وأبنائي اللذين يحتاجون لإطار عائلي جيد ومنزل ومصاريف الدراسة، ونحن الآن نقطن في غرفة واحدة مع والدتي".

وقالت "رغم أنني لازلت أعاني من أثار المرض إلا أنني أخيط وأطرز وأرسم وأشارك بالمعارض، لأتمكن من توفير نفقات علاجي ومصاريف دراسة أولادي، وأصبحت منتوجاتي خاصة ذات الطابع التقليدي معروفة في تونس"، مؤكدة أن الإنسان يجب ألا يسمح لشيء أن يقف في طريقه وأن يستمر في العمل مادامت لديه الروح التي تحب هذا العمل.

ولفتت إلى أنه "بعد النجاحات التي حققتها يتساءل البعض عن مصدر قوتي وصبري على المشاكل التي أعيشها، فأنا لديّ رسالة وأبناء يجب أن أربيهم واعتني بهم جيداً، وأن أكون مثلهم الأعلى في الصمود، وليس امرأة ضعيفة خانعة تنتظر من ينتشلها من أوضاعها السيئة".

ومن وجهة نظر مها جبنون فإنه يجب على كل امرأة أن تتحلى بالإرادة والصبر لتحقق ذاتها من جهة وتوفير قوتها جهة أخرى، وأن تحاول الانخراط في عمل الجمعيات لأنه يمنحها القوة الكافية لتجاوز الصعوبات التي تمر بها، ويمكنها من التعرف على حقوقها وواجباتها ويساعدها على الاندماج في المجتمع والحياة العامة.

وأكدت على أن "المرأة تعادل ألف رجل في مستوى التفكير والعمل، فهناك من بلغت سن الثمانين ولا زالت تتلقى التدريب وهي في الوقت نفس تساهم في التدريب على الخياطة والحياكة، موضحةً أن "العقلية الذكورية متغلغلة في مجتمعنا وعلى المرأة عدم التأثر بها والإصرار على انتشال ذاتها من رحم الألم".