تأهيل المرأة مهنياً في إدلب... بين التمكين والتنميط
سعت منظمات المجتمع المدني إلى استثمار إمكانيات النساء وتطويرها ضمن قالب محدد مسبقاً عبر تخصيص دورات تأهيل مهني في مجالات التمريض والتطريز والتريكو والخياطة والطبخ والأشغال اليدوية وكأن المجالات القيادية والسياسية والثقافية والاقتصادية هي حكر على الرجال.
هديل العمر
إدلب ـ لم تتبنى منظمات المجتمع المدني في الشمال السوري ضمن برامجها أفكار دعم دور المرأة وتعزيز مساهمتها في المجتمع على أساس إمكانياتها وقدراتها وثقافتها، إنما كفئة مستضعفة بحاجة لتمكين عبر تعلم مهن تقليدية متعددة بعيداً عما يجول في أفكارها من خوض مجالات أوسع وأكثر فائدة.
سارعت ربا السلطان 27 عاماً لتعلم مهنة الخياطة بعد الإعلان عن تدريب في أحد مراكز تمكين المرأة في مدينة معرة مصرين شمال إدلب بغية اكتساب مهنة ما في ظل ما يواجهها من فقر وضيق حال.
تقول ربا السلطان وهي زوجة معتقل في سجون هيئة تحرير الشام وأم لثلاثة أطفال أن ظروف الحرب منعتها من إكمال دراستها وكانت ضحية الزواج المبكر دون سابق إنذار لتجد نفسها أم وفاقدة المعيل بعد اعتقال هيئة تحرير الشام لزوجها على خلفية مشادة كلامية مع أحد عناصرها بسبب منع الأخير فتح بسطة على حافة الطريق.
واجهت ظروفاً معيشية صعبة للغاية بعد أن عجزت عن تأمين عمل، فهي لا تملك أي مهنة تمكنها من العمل، وأصبحت تعيش على الصدقات وما ينفقه عليها أهلها وأهل زوجها من مبالغ ضئيلة لا تكاد تسد جوعهم.
وترى ربا السلطان التي بدأت مزاولة مهنة الخياطة بعد إتقانها "أن تلك التدريبات تشكل طوق نجاة للكثيرات أمثالي ممن ضاقت بهن السبل وعجزن عن إيجاد مصدر للدخل يغني عن الحاجة والسؤال".
سناء السوادي 36 عاماً تم اختيارها بالقبول ضمن منحة مالية للمشاريع الصغيرة تقدمت للحصول عليها مع عشرات النساء، فقبولها بمشروع منزلي صغير منحها فرصة للعمل والاستقلالية، حيث حصلت على مبلغ 1000 دولار أمريكي، اشترت به بعض الألبسة النسائية والولادية وراحت تبيعها في خيمتها المهترئة لتصرف الأرباح على طعام أبنائها وتحتفظ بالرأسمال لإعادة الشراء.
لا تجد سناء السوادي أن المرأة في إدلب يمكن أن تهتم في الوقت الراهن بأكثر من اكتساب مهنة مناسبة تشكل مصدر دخل لها والإنفاق على أسرتها وسط الحرب والفقر والنزوح.
من جانبها تحولت رند السيباني 31 عاماً من محامية إلى مدرسة بعد أن عجزت عن تأمين فرصة عمل ضمن اختصاصها وخاصة حين حجمت هيئة تحرير الشام عمل المرأة في هذا الجانب واقتصرت مهنة المحاماة في إدلب على الرجال.
وإن كانت رند السيباني تشجع تمكين المرأة في إدلب ضمن مهن متاحة لها إلا أنها تحذر في الوقت ذاته من تنميط وتحديد دور النساء وحصره ضمن مهن تقليدية كالخياطة والنسيج والكوافير وغيرها من المهن التي تؤطر دور النساء وتحصرهن في دائرة مفرغة.
ودعت للعمل على دعم المرأة وتمكينها وفتح الآفاق لها ضمن امكانياتها وقدراتها وميولها العلمية ومهاراتها، بما في ذلك دورات اللغات والحاسوب وإدارة الأعمال ومهارات التواصل والتصوير والإعلام وغيرها من المجالات الأخرى، إضافة لتقديم تدريبات لها في المجال التوعوي والحقوقي لإبعادها عن كل أشكال الاستغلال.