سودانيات هاربات من جحيم الحرب تروين قصص البحث عن الأمان

تركت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عام، الفارين/ات من الاشتباكات يواجهون مصيراً مجهولاً أثناء رحلتهم في البحث عن أماكن أكثر أماناً.

آية إبراهيم

السودان ـ عانت الكثير من السودانيات خلال فترة نزوحهن من مناطق الاشتباكات إلى المناطق الآمنة، حيث تستغرق الرحلة من منطقة لأخرى عدة أيام خلافاً عن السابق والتي كانت فيها بعض الرحلات لا تتجاوز ساعات إضافة للعديد من المخاطر التي تواجههن في الطريق.

مع استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اندلعت منتصف نيسان/أبريل من العام الماضي تستقبل العديد من الولايات السودانية الآمنة بشكل يومي أعداد من النازحين/ات وسط ظروف معقدة ومعاناة كبيرة من كافة النواحي فهناك من لا يجد وسيلة ترحيل للتنقل من منطقة لأخرى ويضطر للسير لساعات حتى الوصول للوجهة التي يقصدونها أو ينجحوا في الحصول على مركبة تقلهم بصعوبة.

تقول شادية محمد أحمد وهي إحدى المعلمات اللواتي كن تسكن في منطقة الدروشاب بمحلية بحري شمال الخرطوم "عندما بدأت الحرب لم أكن أنوي مغادرة منزلي الذي مكثت فيه رغم المعارك المستمرة، على الرغم من مواجهتي معاناة كبيرة أثناء تواجدي فيه، لأقرر بعدها المغادرة والتوجه إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط البلاد إلى أن سيطرت عليها قوات الدعم السريع".

وأشارت إلى أنهم غادروا مدينة ود مدني بعد سيطرت قوات الدعم السريع عليها إلى منطقة ليست ببعيدة تسمى الحوش، "الوصول إليها لم يكن بالأمر السهل على الرغم من قربها لكن لم يكن هناك وسائل نقل إليها ما أدى إلى مغادرتنا للمدينة سيراً على الأقدام ومن ثم استقلال وسيلة نقل بدائية".

وعن رحلة نزوحهم تقول "ذهبنا من منطقة الحوش إلى ولاية سنار ووصلنا خلال سبع ساعات على الرغم من أن الرحلة لا تتجاوز ساعة ونصف ومنها إلى ولاية القضارف وكسلا التي مكثنا فيها لمدة أسبوع من أجل الراحة ثم كانت وجهتنا الأخيرة إلى بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق البلاد التي نعاني فيها كثيراً بسبب ظروف الحياة الصعبة التي نعيشها".

وتختلف المعاناة التي واجهها الذين غادروا العاصمة الخرطوم منذ الأيام الأولى للحرب عن معاناة الذين غادروها بعد شهور إذ أن الطرق كانت سالكة في الفترة الأولى مما سهل الوصول إلى الوجهة التي أرادها النازحون إضافة إلى استقرار سعر التذاكر لكن بعد مرور الثلاث أشهر الأولى من الحرب تفاقمت المعاناة خاصة بعد إغلاق الجسور ما اضطرر المسافرين للبحث عن طرق أخرى للمغادرة وقد يستغرق ذلك أيام للوصول، علاوةً على ارتفاع أسعار التذاكر ثلاث أضعاف في وسيلة ترحيل عادية تصل لأن تكون داخلية وغير سفرية.

 

 

من جانبها وصفت الممرضة سوهندا علي رحلة نزوحها من الخرطوم إلى ولاية القضارف شرق البلاد بالقاسية إلى حد كبير "ما زاد معاناتنا اصطحابنا للأطفال إضافة إلى أننا خرجنا دون أن تكون بحوزتنا أموال والتي كانت ستسهل من حركتنا نوعاً ما ومع الوصول إلى الوجهة التي قصدناها كان الوضع غير جيد".

 

 

أما حكمة عبد الرحمن التي تتحسر على ما مضى من الحياة التي كانوا يعيشونها قبل اندلاع الحرب تقول عن تجربتها مع النزوح "خرجت من العاصمة الخرطوم برفقة أسرتي التي تتكون من 7 أفراد وتوجهنا جميعاً إلى مدينة ود مدني وسط البلاد قبل أن تسيطر عليها قوات الدعم السريع"، مشيرةً إلى أنهم غادروا ود مدني إلى مدينة القضارف حتى استقروا بواحدة من المدارس التي تأوي نازحين "أتمنى أن ينصلح حال البلد ويعود الجميع إلى منازلهم".

 

 

وهو الحال بالنسبة لـ كوثر أحمد التي قدمت من منطقة بري التي تتوسط العاصمة الخرطوم إلى ولاية القضارف، تقول أنها وصلت من خلال فاعلي الخير وأنها لم تكن تملك أي مال وتنقلت من سيارة إلى أخرى إلى أن وصلت لواحدة من المدارس "أقطن الآن في إحدى المدارس التي تأوي نازحين نعاني جداً من صعوبة الأوضاع مع استمرار الحرب".

وفي جولة لوكالتنا بواحدة من المدارس بولاية القضارف التي تأوي الكثير من النازحات اللواتي قدمن من العاصمة الخرطوم تحمل كل واحدة منهن رواية قاسية ومختلفة عن الأخرى في رحلة نزوحهن للبحث عن الأمان في ظل استمرار المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وهن تواجهن ظروف قاسية ومصير مجهول لكنهن حصلن على الأمان.