صمود وتضحيات أهالي حي الشيخ مقصود كانت القوة الوحيدة التي حمته
"حي الشيخ مقصود يعيش بأمان واستقرار اليوم بعد تضحيات جسيمة ومعاناة كبيرة" بهذه الكلمات استذكرت نساء حي الشيخ مقصود بمدينة حلب السورية الذكرى التاسعة لأشرس وأعنف الهجمات على الحي.
فيدان عبد الله
حلب ـ واجه أهالي حي الشيخ مقصود بمدينة حلب أعنف الهجمات التي شنتها مرتزقة مدعومة من قبل الدولة التركية، وأبدت المرأة مقاومة منقطعة النظير.
لطالما عُرف حي الشيخ مقصود بالمنطقة الأكثر أماناً واستقراراً في مدينة حلب على مدار سنوات الحرب السورية، حيث تكاتف الأهالي من مختلف المكونات وأعلنوا إدارتهم الذاتية للحي، لكن ذلك لم يرق لحكومة دمشق والمرتزقة لذلك عمدتا إلى استهدافه بالطائرات والأسلحة الثقيلة وحتى المحرمة دولياً.
وكان هجوم 16 شباط/فبراير 2016 الأبرز حيث دام لأكثر من ثمانية أشهر، مستهدفاً الحي من ثلاثة محاور، ولشراسة الهجوم أعلنت حركة المجتمع الديمقراطي في الحي النفير العام بعد خمسة أيام من بدايته، وعلى الفور لبى الأهالي النداء رجالاً ونساءً منهم من شارك في القتال ومنهم حضر الطعام للمقاتلين/ات وقسم انتشروا في الحي بين الأهالي لتنظيمهم وتدريبهم على كيفية حماية أنفسهم من القصف العشوائي.
وفي الذكرى التاسعة للهجوم قالت ياسمين إدلبي عن تفاصيل الهجمات والمقاومة التي أبداها الأهالي، "كانت شهور صعبة عاشها سكان الحي، حيث هجرت هذه الهجمات الكثير من العوائل من مختلف المكونات والطوائف، إلا أن من بقي شاركوا في صد الهجمات والدفاع عن الحي، ومن لديه خبرة في التمريض تمركز في المستوصف الوحيد في الحي لمساعدة الجرحى".
وعن الظروف الصعبة التي مر بها أهالي الحي قالت "كنا نرى الأطفال يتضورون جوعاً ويطالبون بأقل حقوقهم ولا ينالونها، واجهنا المصاعب والعوائق في سبيل البقاء على قيد الحياة، الحصار الذي فرضته حكومة دمشق وصمتها عن الهجمات جعل من الحي جزيرة معزولة عن العالم".
وأكدت أن الهجمات التي نفذها المرتزقة لم تكن تستهدف الشعب الكردي أو القوات العسكرية فقط "تم استهداف جميع مكونات حي الشيخ مقصود، لم تفرق بين كردي أو عربي لقد اختلطت التضحيات في سبيل الدفاع عن إدارتنا، لقد أظهر أهالي الحي المعنى الحقيقي لوحدة الشعوب وأنها الحل للأزمة السورية وبذلك أصبحوا مثالاً للصمود والتضحية".
من جانبها قالت عضو مؤتمر ستار فاطمة محمد التي أخذت دورها في تنظيم وتوعية الأهالي خلال الهجمات، إن "حي الشيخ مقصود منذ بداية الأزمة السورية طبق نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية على أساس وحدة الشعوب، هذا الأمر لم يلقى استحسان المرتزقة التي لطالما كانت على خلافات ونزاعات متواصلة بين بعضها البعض، لذلك عمدت إلى زعزعة وحدة المكونات وعرقلة تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية".
ونوهت إلى أن "المرتزقة ظنوا أن فرض سيطرتهم على المنطقة بالأمر السهل كما فعلوا في الكثير من أحياء حلب، لكن الصمود والتضحية التي أبداها أهالي الحي شكلت صدمة كبيرة بالنسبة لهم، وكانت مشاركة المرأة في الصفوف الأولى وتسطيرها أسمى مواقف النضال والتضحية صدمة غير متوقعة لهم"، مؤكدةً أن المرأة "كانت على الدوام في الشوارع إما مقاتلة أو تحضر الطعام أو تنظم الأهالي وتقدم الدعم المعنوي للمقاتلين/ات، كما ضحت بأبنائها للدفاع عن الحي ولتؤكد أنها قادرة على العيش بدون أبناء لكن لا تعيش بدون كرامة ووطن".
ووصفت موقف حكومة دمشق بـ "غير إنساني ولا يقبله القانون ويرفض العقل تصديقه، لقد رضيت بالتزام الصمت واللامبالاة حيال ما كان يرتكب من جرائم ومجازر بحق المدنيين العزل في حي الشيخ مقصود كما قامت بفرض حصار خانق على الحي ومنعت دخول المساعدات للأهالي"، مؤكدة أن "صمود وتضحيات أهالي الحي كانت القوة الوحيدة التي حمته ودافعت عن قضية شعب كامل، ليصبح حي الشيخ مقصود مكاناً آمناً يعمه السلام".
بدورها قالت زلوخ عبدو إحدى النساء اللواتي قاومن خلال الهجمات إن "ممارسات وانتهاكات المرتزقة على حي الشيخ مقصود لا يمكن وصفها بالكلام وذلك لشدة شراستها ووحشيتها وقسوة مشاهدها والمواقف التي مر بها الأهالي"، مضيفةً "حرمنا من الكهرباء والغاز وحتى المياه والخبز كنا نحصل عليها بصعوبة شديدة، لقد حرمنا الكثير من مقومات وأساسيات الحياة فقط للنيل من عزيمتنا وإرادتنا ودفعنا للاستسلام، إلا أننا واصلنا النضال والمقاومة حيث شاركت النساء إلى جانب الرجال ونجد اليوم في كل عائلة شهيد/ة ضحوا في سبيل حماية الحي ولرفض السياسات التي تعمد إلى إنهاء مشروع الأمة الديمقراطية".
وأضافت زلوخ عبدو أن أهالي حي الشيخ مقصود لم يحصلوا على الأمان إلا بعد تقديم الكثير من التضحيات والمقاومة، مؤكدة على أنهم لن يتخلوا عن الحي مهما كلفهم الأمر وسيواصلون مقاومتهم وصمودهم حتى تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية في كافة مناطق سوريا.