'شعار Jin jiyan azadî أصبح شعاراً عالمياً ومصدر إلهام لجميع نساء العالم'

اقتداءً بنضال المرأة في معامل النسيج وصولاً لانتفاضة النساء في إيران ستجعل المرأة قرن الواحد والعشرون قرناً لحرية المرأة.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ أكدت رئيسة حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا عذاب عبود أن الاقتياد بنضال المرأة عبر التاريخ انطلاقاً من انتفاضة معمل النسيج وصولاً لمقاومة الأخوات ميرابال مروراً بثورة المرأة في شمال وشرق سوريا وامتداداً إلى انتفاضة إيران سترسم النساء خارطة النصر لتجعل قرن الواحد والعشرون قرن حرية المرأة.

يقول القائد عبد الله أوجلان "الثورة التي لا تحوي المرأة في صفوفها لا يمكن لها أن تحقق النجاح" وهذا مختصر لما قالته عذاب عبود رئيسة حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج، بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي للمرأة الثامن من آذار/مارس.

 

"الأنظمة الاستبدادية تغير أساليبها وفق الحقب التي تعيشها"

تطرقت عذاب عبود في حديثها إلى واقع المرأة وأساليب قمعها واستعبادها عبر التاريخ "المرأة تعرضت لانكسارات كثيرة عبر التاريخ، فتعرضت للظلم والاستعباد في جميع مراحل التاريخ ولكن كل مرة كان بشكل وأسلوب جديد، وخاصة أثناء اندلاع الحروب تكون المرأة هي الضحية، أيضاً تأثير بعض المفاهيم الخاطئة للأديان أدت إلى تعنيف المرأة وتعذيبها وسلب حقوقها منها، وتهميش وجودها كإنسانة، إلى جانب العادات والتقاليد البالية التي كان له دور في انكسار المرأة، ناهيك عن الأنظمة الرأسمالية والاستبدادية التي تقمع النساء منذ أقدم العصور إلى الآن، حيث تتغير أساليب الحكم حسب الحقبة التي تعيشها البرجوازية والاقطاعية والرأسمالية والآن في حقبة الدول القومية لا تزال المرأة تعاني من التهميش".

 

"الثامن من آذار بات الأمل لجميع نساء العالم"

وحول انتفاضة النساء في معمل النسيج في عام 1857 قالت "بدأت انتفاضة النساء في معمل النسيج كثورة اقتصادية للتحول فيما بعد إلى ثورة إنسانية ثورة لإثبات الوجود، وضحت الكثير من النساء بأروحهن في تلك الانتفاضة التي أقيمت ضد النظام الاستغلالي نتيجة تعرضهم للحرق في معامل النسيج".

وأكدت أن "الحرية لا تأتي بدون ثمن، الحرية تنتزع، لأن المعادي للحريات دائماً يقمع أي تطلع للحرية ولكن في نهاية المطاف انتصرت انتفاضة النساء، رغم أن الصحافة الأمريكية حاولت بكل جهدها إخفاء مستجدات الانتفاضات والجرائم التي كانت ترتكب، ولكن لا أحد يستطيع تغطية الشمس بالغربال فبعد أعوام من تلك الحادثة اقتدت آلاف النساء بتلك المقاومة، فكانت تلك الانتفاضة بصيص أمل لكافة نساء العالم لأن المرأة في كافة الدول كانت تعاني من الاضطهاد، وحتى في يومنا الراهن رغم أن الكثير من الدول تدعي بالتقدم وتتشدق بأنها ديمقراطية تفتقر للمساوة بين الجنسين ولم تحقق العدالة للمرأة بالشكل المطلوب الذي يعطيها حقها".

وأوضحت أنه "نتيجة نضال المرأة وإصراراها توسعت دائرة النضال لأن معاناة المرأة واحدة في أي قرن كان وفي أي جغرافية كانت لأن واقع النساء واحد ومشترك، ففي كل الدول تتعرضن للعنف نتيجة تعصب الديني، والاستغلال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي حتى أصبح فيما بعد يوم الثامن من آذار يوم عالمي للمرأة تحتفل به النساء بالإنجازات التي حققتها والتضحيات التي قدمتها".

 

"مشاركة المرأة في ثورة أكتوبر استمدتها من نجاح ثورة الثامن من آذار"

وعن أسباب منع احتفال المرأة بيومها العالمي الذي يحاكي مدى جبروتها في وجه الظلم والاضطهاد قالت عذاب عبود "المرأة منعت من أن تحتفل بنصرها، حتى لا تكون هناك فرصة أمام النساء لتطور من نضالهن ومستواهن الخطابي ومطالباتهن بحق التصويت والانتخاب، وليس فقط النضال من أجل مطالبهن الاقتصادية".

وحول نضال النساء في ثورة أكتوبر في روسيا 1917 قالت "اقتادت النساء في روسيا آنذاك بيوم الثامن من آذار وفتحت المجال لانتفاضتها، إذ نزلت  128 ألف امرأة إلى الساحات تطالبن بحقهن في التصويت وإنهاء حكم القيصر الذين عانوا منه خلال 370 عاماً، وكانت المرأة في تلك الانتفاضة أيقونة الشجاعة والإلهام".

ولفتت إلى أنه "نتيجة تلك الانتفاضات ودور المرأة البارز في ثورة أكتوبر في روسيا استطاعت إنهاء الحكم في تلك المرحلة وتحقيق مطالبها".

 

المرأة حققت الكثير من المكتسبات والإنجازات لكن التاريخ لم يكتب بقلمها

وأشارت إلى أن "هناك شخصيات قيادية عبر التاريخ ونذكر منها زنوبيا التي كانت تقود امبراطورية تنافس الإمبراطورية الرومانية آنذاك، وفي كل مرحلة من التاريخ كانت تظهر شخصيات تاريخية ولكن دائماً ما كانت هذه الإنجازات يتم اخفائها ونسبها للرجل، فجميع الثورات التي شهد عليها التاريخ لعبت المرأة فيها دوراً فعالاً سواء الثورات السياسية أو الثقافية، ودائماً ما يكون هناك دور كبير للمرأة في الثورات ونجاحها ولكن لا يتم ذكره في التاريخ، لأن التاريخ لم يكتب بقلم امرأة لذلك دور المرأة والمكتسبات التي حققتها مهمشة في صفحات التاريخ".

وأوضحت أسباب تهميش المرأة "لاتزال المجتمعات تعاني من سيطرة وهيمنة الذهنية الذكورية، وحرية المجتمعات تبدأ من تحرر المرأة، والهيمنة الذكورية لا تسمح أن تعيش المجتمعات بحرية، لذلك تسعى لتجزئة المجتمع وتقطيعه حتى يخدم مصالح الذهنية الذكورية".

وذكرت عذاب عبود في سياق حديثها ثورات ربيع الشعوب قائلة "شهد الشرق الأوسط الكثير من الثورات التي سميت بربيع العربي رغم أنها شملت كافة الشعوب، فهل حققت هذه الثورات تغير ديمقراطي في الشعوب؟ وهل حصلت فئات المجتمع سواء كان رجل أو امرأة على حقوقهم؟ والاعتراف بحقوق الإنسانية؟، لم تنجح بالشكل المطلوب لأنه كان هناك غياب حقيقي لجميع الحركات التي تطالب بالحرية، ولم يكن هناك تركيز على أحداث ثورة مجتمعية يتم من خلالها تغير الذهنية الذكورية، والتغير يعني تغير الأنظمة مع تغير ذهنيتها تعتمد على معايير ديمقراطية واتخاذ حرية المرأة أساس لحرية المجتمع، ولا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي بدون وجود امرأة مشاركة في هذا المجتمع، وإلا سيكون مجتمع عقيم لأن المرأة تمثل نصف المجتمع".

 

المرأة في شمال شرق سوريا غيرت منعطف الثورة السورية لتصبح ثورة ديمقراطية حقيقية

وتطرقت إلى الأزمة السورية "الكثير حاول جعل الآزمة السورية منصة لتحقيق المشاريع السياسية وبعض الجهات حاولوا جعلها مكان لفوضى خلاقة ولكن في شمال وشرق سوريا لم يكن هناك مكان للفوضى بل أصبح مكان لفكر جديد ديمقراطي، واستطاعت المرأة أخذ حقها في المساواة والعدالة في جميع مجالات الحياة وانتفضت على الواقع، ففي سورية لم يتم الاحتفال بيوم الثامن من آذار وتم تشويه حقيقة هذا اليوم وجعله يوم احتفال بالانقلابات العسكرية خلال أكثر من نصف قرن، ولكن في شمال وشرق سوريا استطاعت المرأة لعب دور كبير في تغير منعطف الثورة السورية لتصبح ثورة ديمقراطية حقيقية".

وأكدت "بفضل المرأة ومشاركتها في كافة مجالات الحياة مقتدية بالفكر الديمقراطي ومشروع الأمة الديمقراطية الذي هو النهج الحقيقي الذي استندت عليه المرأة ويرتكز على حرية المرأة التي هي أساس لحرية المجتمع، أصبحت ثورة المرأة هي أساس نجاح كل الثورات وأثبتت هذا النجاح على أرض ، فشعار Jin jiyan azadî الذي أصبح اليوم شعاراً عالمياً ومصدر إلهام للعالم والشرق الأوسط وخاصة النساء اللواتي تعانين من الظلم والاضطهاد في ظل أنظمة سياسية مستبدة ورأسمالية".

وتطرقت إلى انتفاضة نساء إيران "شهدت إيران عدة انتفاضات تطالب بإجراء تغيرات ديمقراطية تلبي مطالب الشعب الموجود لكنها لم تنجح، ولكن نجاح الانتفاضة الأخيرة في إيران كونها كانت بصبغة المرأة والشعب الذي التف حول هذه الانتفاضة، وهذا تأكيد بأن المرأة إذ ارادت الحياة ستناضل وستصنع الحياة، فرغم الاعدامات الموجودة الانتفاضة مستمرة وتوسعت رقعة الاحتجاجات، وكان لدور المرأة تأثير على واقع النظام الإيراني".

 

وجه داعش يتكرر في أفغانستان

وأوضحت "في كل فترة هناك احتلال فكري للمجتمعات وغزو فكري يستهدف المرأة والرجل أيضاً ورأينا مدى استغلال الدين من بعض الجماعات الإرهابية التكفيرية البعيدة كل البعد عن الدين، والتي دائماً يكون هدفها سياسي تستغل الدين لهذه المصلحة ورأينا مدى تأثير مرتزقة داعش على المرأة والمعاناة التي تعرضت لها، واعتبر هذا التنظيم من أخطر تنظيمات الإرهابية في العالم".

وأشارت إلى أن "هذا التنظيم يتكرر وجهه في أفغانستان لدى حركة طالبان والمعاناة التي تعانيها المرأة من منعها من التعليم وأبسط مقومات الحياة وحقوقها كإنسانة التي تضمنها جميع الأديان والأمم المتحدة"، موضحة المعاناة التي تعرضت لها النساء الإيزيديات "تعرضت النساء الإيزيديات لمعاناة كبيرة أثناء وجود مرتزقة داعش، ولكن النساء الإيزيديات جعلن من المعاناة التي عاشوها بداية جديدة وانتفضن على الواقع ونظمن أنفسهن وشكلن وحدات حماية وهذه الإرادة أيضاً استمدوها من انتفاضة الثامن من آذار".

 

الاقتياد بنماذج الانتفاضات هي الخلاصة لجعل قرن الواحد والعشرون قرن حرية المرأة

وأكدت أن "الكثير من النساء لم تحصلن على حقوقهن في ظل النظام والدستور السائد فنحن بحاجة لبناء دستور ديمقراطي حقيقي يضمن حقوق كافة المكونات وحق المرأة".

وقالت "ما نحتاجه اليوم نحن كنساء أن نكون بقلب واحد وبروح واحدة ونقتدي بانتفاضة المرأة في معامل النسيج التي استطاعت من خلال تضحياتها أن ترسم خارطة جديدة للعالم وتثبت وجودها واستطاعت أيضاً في ثورة أكتوبر بروسيا أن تحقق إنجازات وكما فعلت المرأة في شمال و شرق سوريا التي جعلت من شعار  Jin jiyan azadî شعاراً عالمياً للحرية والديمقراطية والعدالة ونحن بنفس هذه المعنويات والإصرار يجب أن نكون يد واحدة وعلى قدر من المقاومة والصمود والثبات في ظل الحرب والظروف والعادات والتقاليد البالية والأنظمة السياسية السائدة التي لا تزال تحكم جميع الشعوب بطريقة دكتاتورية، لكن إن اجتمعت قوة المرأة وإرادتها تستطيع أن تصنع المستحيل وتغير واقع المجتمعات بشكل كامل وأيضاً يكون لها دور على الرغم من التحديات التي تواجهها".

وأكدت أنه على "جميع النساء سواء كانوا من أفغانستان أو إيران أو إيزيديات أو النساء في مناطق المحتلة الاقتداء بالنماذج التاريخية انطلاقاً من معمل النسيج وصولاً لمقاومات الأخوات ميرابال مروراً بثورة المرأة في شمال وشرق سوريا وامتداداً إلى انتفاضة إيران سيرسمن خارطة النصر لأن هذا هو الأمل الوحيد الذي سيخلصنا كنساء من جميع المعاناة التي نتعرض لها.

في ختام حديثها عاهدت رئيسة حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج عذاب عبود بالسير على نهج الشهيدات والمناضلات من أجل الحرية لجعل قرن الواحد والعشرون قرن حرية المرأة.