سعاد براهمة: النساء هن الأكثر تأثراً ومعاناة من الكوارث والحروب
أكدت الناشطة الحقوقية والمحامية سعاد براهمة أن تداعيات الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات تكون وقعها وتأثير أشد على النساء باعتبارهن الحلقة الأضعف في المجتمع.
حنان حارت
المغرب ـ أوضحت الناشطة الحقوقية سعاد براهمة أن تغييب دور المرأة من مراكز صنع القرار لا يكون فقط خلال الأزمات وإنما بشكل دائم، رغم أن دورهن لا يقل قيمة عن دور نظيرها في التدبير المحكم والتفاني.
تعد المرأة من أكثر الفئات تأثراً بالكوارث الطبيعية والحروب لما تتعرض له من عنف وحرمانها الكثير من احتياجاتها، وهذا ما أكدت رئيسة الجمعية المغربية للنساء التقدميات والناشطة الحقوقية سعاد براهمة في حوار مع وكالتنا، مشيرة إلى أن النساء اللواتي تعشن في مناطق الفيضانات أو الزلزال تكن أكثر قدرة على التفكير في كيفية الحد أو التقليص من مخاطر هذه الكوارث، كما تطرقت إلى أهمية التنسيق بين النساء في مناطق الكوارث وذلك لتبادل التجارب والخبرات والتنسيق النسوي.
وسلطت الضوء على أوضاع النساء في المناطق التي ضربها الزلزال قائلة "معاناة النساء المغربيات في المناطق التي ضربها الزلزال تفاقمت، حيث لا ينفك أن يزداد العنف الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي بعد تهدم منازلهن وتعثر إعادة الإيواء".
تعرضت عدة دول في المنطقة لكوارث طبيعية، فلماذا النساء هن الأكثر تضرراً، ولماذا هن دائماً الحلقة الأضعف؟
عند الحديث عن الكوارث الطبيعية، فإننا نتحدث عن حالات مدمرة من فعل الطبيعة وخارجة عن قدرة أو سيطرة الإنسان، ولكن حين نتحدث عن تداعيات الكوارث أو نتائجها، أو حتى مسبباتها البعيدة المدى فإننا نتحدث عن فعل البشر، وتحديداً عن دور الدول في الحد من مخاطرها وتداعياتها المدمرة للبشر على حد سواء.
فإذا أخدنا بعين الاعتبار وضع النساء باعتبارها الأكثر هشاشة وفقراً، فهن الأكثر تواجداً والتزام بالمنازل من أجل رعاية الأسرة وتلبية احتياجاتها المنزلية وهن المزارعات والفلاحات المسؤولات عن تدبير المشاتل الصغيرة من أجل سيادتهن الغذائية، وهن الأكثر تواجداً بالمصانع والحقول باعتبارهن اليد العاملة الأقل أجراً، وهن أيضاً الأكثر نسبة في قطاع الصحة والتعليم، وبالتالي هن الأكثر عرضة للمخاطر خلال الكوارث الطبيعية، وهن اللواتي لم يتمكن من مغادرة البيوت الهشة عند وقوع الكارثة وترك الأطفال خلفهن فقضين مصرعهن تحت الأنقاض، وهن اللواتي سقطت فوق رؤوسهن بنايات المصانع الهشة خلال الزلازل، واللواتي جرفتهن السيول وهن تبحثن عن لقمة العيش من الحقول والوديان، فمتنّ غرقاً وهن اللواتي لم يتمكن من مغادرة المستشفيات فكن الأكثر إصابة والأكثر عدداً بين الوفيات خلال جائحة كورونا.
وبالتالي فإذا كانت الكوارث الطبيعية تؤثر على الجميع نساءً ورجالاً، فإن تداعياتها تكون مؤثرة بشكل أكبر على النساء باعتبارهن الحلقة الأضعف.
هل لك أن تحدثينا عن أهمية التنسيق بين النساء في مناطق الكوارث لتبادل التجارب والخبرات والتنسيق النسوي؟
التنسيق مسألة في غاية الأهمية، فالنساء اللواتي تعشن في مناطق حدوث الكوارث تكن أكثر قدرة والأقوى تجربة ويمكنهن المشاركة في كيفية الحد أو التقليص من مخاطر هذه الفيضانات على المتضررين وتساهمن بشكل كبير في تفادي مخاطرها والتقليص من حجم تداعياتها وعدد ضحاياها، والأمر ذاته بالنسبة للنساء اللواتي تعشن بالمناطق التي حدثت فيها الزلازل، ولذلك التنسيق يكون له أهمية قصوى في تبادل الخبرات والتجارب وتعلم كيفية التقليل من مخاطر وتداعيات الكوارث على البيئة والإنسان وعلى النساء تحديداً، خاصة إذا ما أخدنا بعين الاعتبار أنه وأن كانت الجغرافية والتضاريس مختلفة بالمنطقة الشرق أوسطية وشمال إفريقيا، إلا أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للنساء يتشابه إلى حد كبير إذ أن وضع الهشاشة والفقر والتمييز والإقصاء والعقلية الذكورية والعنف بمختلف أنواعه هو السمة البارزة بالمنطقة ككل وهو ما يجعل وقوع الكوارث أعنف وأشد على النساء.
برأيك لماذا النساء دائماً في الأزمات يُغيب دورهن في القيادة خلال وضع التدابير ومحاولة إيجاد الحلول لها؟
تغييب دور المرأة من على طاولات وضع التدابير لا يكون فقط خلال الأزمات، ولكن في الغالب يكون بشكل عاما ودائم، مع العلم أنهن الأقدر على المواجهة والتصدي والتدبير المحكم والتفاني، وأيضاً الأقدر على إعطاء أفكار جديدة لتفادي المخاطر والتقليص من نتائجها الوخيمة لما قد تشكله من تهديد على حياة الناس وما قد تخلفه من ضحايا خاصة في صفوف النساء والأطفال، كما أنهن تقصين كذلك من مراكز صنع القرار المتعلقة بتدبير الأزمات والتقليص من تداعيات الكوارث علماً أن خصوصية الوضع النسائي تقتضي أن يكون التدبير والقرار نسائي لأنهن الأعلم و الأقدر على إيجاد حلول وتأمين الاحتياجات الخاصة بالنساء.
هناك تجارب نسائية معروفة مشهود لها بالكفاءة والقدرة على تجاوز أزمات الكوارث وإنقاذ الآلاف من ضحايا الكوارث الطبيعية.
هل أثرت كارثة الزلزال التي ضربت المغرب في الفترة الأخيرة على النساء من الجانب الحقوقي، وما هو معدل العنف الموجه ضدهن؟
بالتأكيد أن زلزال الأطلس الكبير والمتوسط أو ما اشتهر بزلزال الحوز بالمغرب، أثر بشكل واضح وجلي على جميع الفئات، فقد خلف مئات الضحايا ومئات المصابين/ات.
إلا أنه عمق على وجه الخصوص معاناة سكان هذه المناطق خاصة النساء، حيث أن الفقر والإقصاء والتمييز كان هي العناوين الأبرز في قضيتهن، وقد اعتبرت النساء اللواتي التقيناهن أن كارثة الزلزال وأن تسببت في موت ذويهن فقد أحياهن بالنسبة لباقي سكان المغرب الذين لم يكونوا يعلمون شيئاً عن وضعهن المرير المرسوم بالعنف بشتى أنواعه من العنف الاقتصادي إلى الاجتماعي إلى المؤسساتي، فقد أقصين من مجال الصحة والتعليم فلا مستشفيات قريبة لذلك تضطر أن تلد النساء بالبيوت، حيث تمتن في حالة تعسر الولادة هن ومواليدهن، لأن لا مستشفى قريبة ولا طرق معبدة لنقلهن، وبالتالي فإن معاناة النساء لن تنفك تزداد والعنف بأنواعه سيتفاقم مع تهدم منازلهن وتعثر الإنقاذ وإعادة الإيواء وتأخر تقديم المساعدات، ناهيك عن استثناء النساء منها.
في الختام ماهي رسالتك، وكيف يمكن النهوض بحقوق النساء في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط؟
لا يمكن أن أمر خلال هذا الحديث دون الحديث عن كوارث من نوع آخر، كوارث هي من فعل البشر؛ وما يقع الآن في فلسطين من قتل وإبادة للمدنيين، وما يحدث في صفوف النساء والفتيات والأطفال على وجه الخصوص، فلا يمكننا إلا إدانة هذه الهجمات وإدانة المطبعين وصمت الأنظمة العربية والمجتمع الدولي إزاء ما يحدث في فلسطين .
ومن أجل تجاوز هذه الكوارث يجب التفكير بكل تمعن فيما تعانيه النساء في المنطقة ككل، وعلى كافة المكونات وضع اليد في اليد للنهوض بدور النساء والتعريف بحقوقهن، من أجل مواجهة كل ما تتعرض له المرأة في المنطقة سواء نتيجة الكوارث الطبيعية أو نتيجة الحروب، يجب العمل على تمكين النساء من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولن يكون ذلك إلا بتشكيل تنسيقيات للعمل والتعاون فيما بينها وتبادل التجارب من أجل تجاوز هذا الوضع الصعب الذي تعيشه النساء في المنطقة.