ريهام هيجو: شنكال صامدة بنضال النساء الإيزيديات

بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة للإبادة الجماعية بحق الإيزيديين، قيّمت المتحدثة باسم حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ) ريهام هيجو، مسيرة النضال والمقاومة على مدى تسع سنوات.

شيلان شنكال

شنكال ـ في الثالث من آب/أغسطس 2014، شنت داعش أكبر عملية إبادة جماعية ضد الإيزيديين في شنكال، ونزح مئات الآلاف منهم وقُتل وأسر آلاف الأشخاص على أيدي داعش، وبالرغم من مرور تسع سنوات على هذه الإبادة، إلا أن جراح المجتمع الإيزيدي لم تلتئم ومعاناته لم تنته بعد، فمصير الآلاف من أقاربهم مجهول، وما زال ضحايا الإبادة مدفونين في مقابر جماعية.

 

"نعتبر الانتقام للإبادة واجبنا"

أفادت المتحدثة باسم حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ) ريهام هيجو أنه في الوقت الحاضر هناك حاجة لمقاومة المجتمع الإيزيدي أكثر من أي وقت مضى، مضيفةً "بالنسبة لمجتمعنا، نحن بحاجة إلى أشخاص قياديين، أشخاص تخلوا عن جميع مصالحهم الشخصية. نحن النساء الإيزيديات، نعتبر أنفسنا مسؤولات عن سنوات من العمل الجاد وعلينا الانتقام من أجل شهدائنا. كحركة نسائية إيزيدية، نناضل منذ تسع سنوات من أجل الانتقام للإبادة وإنقاذ الأسرى والتعرف على ذاتنا. حتى الآن، نعيش مع شهدائنا، لأنه لم يتم بعد فتح عشرات القبور الجماعية والفردية".

وبينت أنه "إلى جانب هذه الآلام والصعوبات، حاولنا، كنساء وكمجتمع إيزيدي، أن نضمد جراحنا. لقد توصلنا إلى قناعة بأنه إذا لم نحمي أنفسنا بأنفسنا، ونأخذ حقوقنا وننتقم، فلن يفعل أحد ذلك من أجلنا. لأننا دافعنا عن أنفسنا ونظمنا أنفسنا ولم نسمح للفرمان الثالث من آب بالوصول إلى هدفه، فقد دفعنا الثمن. قيل لنا لماذا لا تقبلون الاستسلام أو لماذا لا تخضعون. لكن في غضون تسع سنوات، ظلت شنكال صامدة بفضل نضال النساء الإيزيديات. نحن لا ننتهي ونفنى بالقتل والضرب والهجرة، لكن الألم الأكبر بالنسبة لنا كان أسر الإيزيديات، واغتصابهن، وحتى الآن لا يزال مصير آلاف النساء مجهولاً".

 

"لن تنحني المرأة الإيزيدية"

وعن أهمية تنظيم المرأة الإيزيدية بعد الفرمان، تقول "من أحد أهداف الفرمان الـ 74 كان القضاء على الثقافة الإيزيدية والعقيدة والمجتمع في شخص المرأة الإيزيدية، لكن اليوم، بقوة المرأة وبمقاومتها وبنضالها ومعرفتها بقيت شنكال صامدة. أعطتنا تجربة تسع سنوات من النضال التي عشناها كنساء إيزيديات الكثير من التقدم في الجانب التنظيمي. في حرب خانسور وسنون، وقفت النساء في الصفوف الأمامية ولم تسمحن بنشوب الحرب الأهلية، وفي مواجهة تلك الاعتداءات، أظهر موقف الأمهات كيف يكون للمرأة دور وتأثير. مرة أخرى، تهدف خطة اتفاق التاسع من تشرين الأول، والتي لا تزال سارية المفعول، إلى استكمال الفرمان. كانت النساء الإيزيديات أكثر من وقف ضد هذا الاتفاق. بصفتنا حركة نسائية إيزيدية، قمنا بالكثير من العمل على الساحة الدولية هذا العام، وأظهرنا للعالم أجمع أن المرأة الإيزيدية لم تعد كما كانت قبل إبادة 2014، هذا النضال لم يأت فجأة، بل كان نتاج 40 عاماً من العمل الجاد والنضال للحركة النسائية الكردية، لكن في شنكال منذ عام 2014، بدأ هذا النضال".

تحدثت الناطقة باسم حركة المرأة الإيزيدية ريهام هيجو عن مشاكل المرأة الإيزيدية وتأثير الوعي الجندري المفروض في المجتمع "نظمنا أنفسنا من خلال إنشاء مجالس نسائية في كل مكان في شنكال. تتم مناقشة قضايا المرأة في تلك المجالس، فكل امرأة عندما تواجه مشكلة ترى في المجلس النسائي مكاناً للحل، ونحاول في كل قرية الوصول إلى جميع النساء والاستماع إلى مشاكلهن وحياتهن وتقديم المساعدة والحلول لهن. قبل المجزرة، لم يكن بإمكان أي امرأة في مجتمعنا مشاركة مشاكلها، لكننا الآن نناقش هذه المشاكل مع كل من النساء والرجال في المجالس. إلى حد كبير، قمنا بتغيير طريقة التفكير والمعالجة الخاطئة للمشاكل والنظرة للحياة لدى معظم النساء".

وذكرت ريهام هيجو أن المرأة يجب أن تعيش في المنزل على قدم المساواة "لأن المرأة هي التي تبني المنزل وتديره، يجب أن يكون للرجل والمرأة نفس الحقوق وأن يعيشوا كأصدقاء لبعضهما البعض في المنزل، وفي الوقت نفسه يجب أن يقوموا بتطوير هذا الأمر لدى أطفالهم أيضاً. كحركة نسائية، فإن مجهودنا هو تعزيز الصداقة بين الجنسين على أساس المساواة والحياة الحرة. حالياً، من أكثر المشاكل شيوعاً في مجتمعنا ارتفاع عدد حالات الطلاق بين الرجال والنساء، فقد كانت نسبة الزواج المبكر مرتفعة للغاية ولا يزال هذا موجوداً كما هناك مشكلة تعدد الزوجات".

 

"يمكن للمجتمع الإيزيدي أن يحمي نفسه بقيادة المرأة ونضالها"

قالت ريهام هيجو إنهن تقيمن النساء الإيزيديات اللواتي قدن نضال مجتمعهن عبر التاريخ كإرث لحماية ثقافة وعقيدة الإيزيديين، مضيفةً "إذا لم نتمكن من تنظيم النساء وجمعهن معاً، فلن نتمكن من إيجاد حل دائم. على مدى السنوات التسع الماضية، كنا نناضل من أجل تطوير القوة التنظيمية للمرأة، وإبراز إرادتها وطابعها، كما كان هناك العديد من النساء الرائدات في تاريخ المجتمع الإيزيدي، مثل خاتونة فخرا، سيتيا إيش، سيتيا ناخشان، داية زرو والمئات من النساء البارزات، نريد الآن أيضاً خلق نساء رائدات لمجتمعنا، لأنه لا توجد حقيقة تقول إنه يجب على المرأة البقاء في المنزل فقط، وسنقوم بتنظيم المرأة على أساس دين ومعتقد وثقافة وحقيقة وواقع مجتمعنا".

وعن أهمية التعليم والتنمية والتغيير لدى المرأة والمجتمع الإيزيدي، توضح "واجهنا في السنة الأولى كحركة نسائية العديد من الصعوبات في مجال تعليم النساء، لأنه كان هناك منظور مفاده إذا لم يتعلم الشخص في مرحلة الطفولة، فلا يمكنه التعلم وتثقيف نفسه بعد بلوغه سناً كبيرة، لكن مقارنةً بالسنوات الأولى، كسرنا هذا المفهوم إلى حد ما. ركزنا بشكل خاص على التعليم، كنا نفتح دورة تدريبية مغلقة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، خلال تلك الدورات، قمنا بتعليم وتثقيف النساء حول واقع المرأة وتاريخها والدفاع عن النفس، والصحة، والأمة الديمقراطية، كما عقدت جلسات تثقيفية مفتوحة في القرى لمدة يوم أو يومين. حتى الآن، يستمر عملنا في التعليم وفتح الدورات، وتنظيم ندوات للنساء".

وأشارت إلى أن النساء الإيزيديات تشعرن بالقوة والأمان بعد تعليمهن "الآن بعد هذه الدورات، تمكنت النساء من حل جميع المشاكل السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والاقتصادية في شنكال. تم اتخاذ هذه الخطوات بين النساء والمجتمع الإيزيدي، ويمكن للمرء اعتبارها خطوة للتحرك نحو ثورة ذهنية".

 

"سيستمر نضالنا لمحاكمة داعش وشركائه"

ولفتت ريهام هيجو إلى وجوب محاكمة داعش وشركائه بأسرع ما يمكن "أحد أعمالنا المهمة هو تصعيد النضال من أجل الحصول على كافة حقوقنا، يجب أولاً محاسبة القوى والأطراف التي أساءت إلينا وأرادت كسر إرادتنا، والقوى التي دعمت داعش وتركت الساحة فارغة لهم، كما يجب محاسبة الأشخاص الذين تركوا المجال الجوي مفتوحاً أمام داعش ومساعدتهم على دخول أراضي شنكال".

وأوضحت أنه "في حال محاكمة داعش سيتم الكشف عن حقيقة الدولة التركية وتعاونها مع داعش وتقديم الدعم لهم بشتى الطرق، كما أن الدولة التركية هي التي لا تسمح بمحاكمة داعش اليوم وتشكل عقبة. كلما طرحت محاكمة داعش في الأجندة، تكثف الدولة التركية هجماتها وتحاول منع ذلك. كنساء إيزيديات سنشارك في محاكمة داعش، وسنحتل مكانة في تلك المحكمة".

 

"شنكال موطن الإيزيديين"

وعبرت ريهام هيجو عن سعادتها بعودة الأهالي إلى أراضيهم "شنكال هي موطن الإيزيديين. اليوم، يجب على كل إيزيدي، أينما كان، أن يعتبر شنكال قبلتهم. من واجبنا حماية شنكال وهذا الواجب لا يقع فقط على عاتق أولئك الذين يعيشون حالياً في شنكال، بل واجب كل إيزيدي في أي مكان في العالم. لا يمكن للناس أن يعيشوا بفخر وحرية إذا لم يكونوا على أرضهم، وإن المجتمع الذي لا يعيش في موطنه لا يمكن أن يكون لديه إرادة قوية".

وأضافت "عودة الأهالي إلى شنكال هذا العام كان يجب أن تحدث قبل عدة سنوات، فمنذ أن تم تحرير شنكال من داعش، كان الوضع آمناً أي بعد الفرمان بعام، كان بإمكان كل إيزيدي العودة إلى شنكال. إذا لم يقم مجتمعنا بإعادة إعمار منزله من جديد، فلن يستطيع أحد أن يفعل ذلك. نحن سعداء جداً بعودة أبناء شعبنا، وخاصة هذا العام عاد الكثير منهم إلى أرضهم".

 

"علاج جراحنا هو الوحدة والتحالف"

ركزت ريهام هيجو خلال حديثها على دور وحدة المجتمع الإيزيدي "من أجل أن تحصل شنكال على مكانتها، واستقلاليتها، وضمان حقوقنا ولكي نتمكن من كسر هذه الهجمات اليومية التي تشنها الدولة التركية على قادة مجتمعنا، علينا دعم ومساندة شنكال. ندعو شعبنا ونقول يجب أن نكون صوتاً واحداً وقلباً واحداً ونبني وحدتنا. دعونا نعقد تحالفنا. كمجتمع لديه أقدم ثقافة وعقيدة، فإننا نفتقر إلى الكثير، ولهذا السبب نقول حتى لو لم يكن فكر كل واحد منا من حيث الآراء السياسية والأيديولوجية واحداً، يجب علينا بناء وحدتنا. لهذا السبب فإن علاج جراحنا هو الوحدة والتحالف بيننا".

وعن أثر فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان على المرأة والمجتمع الإيزيدي، تقول "بصفتنا حركة المرأة الإيزيدية، نظمنا أنفسنا على أساس أفكار وفلسفة القائد أوجلان. من خلال معرفة هذا الفكر، اكتسبنا الفرصة لمحاربة كافة الهجمات، وبالمقاومة رددنا على الخطط التي تنفذ ضد أمتنا. المهمة الأكثر أهمية هي دعم قضية القائد أوجلان ونشر فكره وفلسفته والمطالبة بتحريره جسدياً".

وبينت ريهام هيجو أنهم قاموا بالكثير من الأعمال في شنكال تحت شعار "Jin jiyan azadî"، لافتةً إلى أنه "في الماضي كنساء إيزيديات كنا في بيوتنا وكنا ننظر إلى العالم من نافذتنا. ولكن الآن، بالنسبة لنا، فإن آلام جميع النساء واحدة، فإن العنف والهجمات تنفذ علينا جميعاً وننحن مهمشات. مع الثورة التي بدأت في شرق كردستان بمقتل جينا أميني، رأينا أنه من واجبنا مساندة المرأة ليس في شنكال فقط بل أينما كانت. لقد قمنا بتنظيم أنشطة ومؤتمرات حول ذلك، كما تم العمل على الجانب الدبلوماسي".