روائية فلسطينية: القصص والأحداث التي لا نكتبها تصبح ملك لأعدائنا
كثيرة هي القصص المؤلمة التي تغرق قطاع غزة الذي يعيش حرباً منذ أكثر من عام، انتهكت خلالها حقوق ساكنيها وتعرضوا للقتل والقمع وهو ما تناولته رواية "هذا الحجر لي".
رفيف اسليم
غزة ـ "هذا الحجر لي" رواية فلسطينية تجسد معاناة الفلسطينيين، وتسلط الضوء على مجموعة من الحقوق التي حرموا منها في ظل الحصار والهجمات.
كتبت الروائية الفلسطينية سجى حمدان رواية "هذا الحجر لي"، لتسرد للعالم قصص عن فلسطين متمثلة بالهجمات المتكررة والمعاناة اليومية مع القوات الإسرائيلية التي تحاول بكل الطرق سلب الأرض وتهجير أهلها منها، مسلطة الضوء على نضال المرأة والأم الفلسطينية وتمسكها ليس بالأرض فحسب بل بالحجر المتبقي من بيتها المدمر.
وأوضحت أنها أنهت كتابة روايتها عام 2019، وتتناول خلالها الحياة اليومية للشباب والشابات في قطاع غزة، وخاصة العاملين والعاملات في قطاع الصحافة والإعلام خلال مغادرة المدينة في رحلة سريعة لزيارة مدن الضفة الغربية حلماً بنيل الحرية المزيفة، ولسخرية القدر حوصرا هناك في مخيم جنين من قبل القوات الإسرائيلية.
ولفتت إلى أنها أطلقت على روايتها اسم "هذا الحجر لي" لأن "الفلسطينية عندما يتم قصف بيتها لا يبقى منه سوى الحجر الصغير الذي تستطيع من خلاله تمييز ركام بيتها عن ركام بيت جارتها، والحجر هو رمز النضال الفلسطيني الذي تم التمسك به منذ بداية احتلال الأرض، وحتى نضال المطالبة بالتحرر من الذل والمهانة والقيود المفروضة".
وتدور أحداث الرواية حول فكرة حصار كل ما هو فلسطيني أينما ذهب فحازم وسلمى هم بطلي القصة غادرا قطاع غزة وهما على أمل التعرف على النصف الآخر من الوطن خلال رحلة سريعة تم التنسيق لها بصعوبة بالغة، لكنهما احتجزا في مخيم جنين مع عشرات العائلات هناك، وقد اكتملت المعاناة حينما تعرضت مدينة غزة لهجوم إسرائيلي مباغت في ذات الوقت وقصف منزل سلمى وانقطعت الاتصالات مع عائلتها.
ونوهت سجى حمدان إلى أن أهمية الأعمال الأدبية في الوقت الحالي تكمن بالتوثيق أي نقل القصص "كون القصص التي لا نكتبها تصبح ملك لأعدائنا"، وكون النسيان هو عامل أساسي في ضياع تلك القصص، مشيرةً إلى أنها فوجئت عندما قرأت الرواية في العام 2024، ووجدت تشابه كبير بين أحداثها وأحداث الإبادة الدائرة في الوقت الحالي، كقصص القتلى، والعائلات التي تباد بشكل كامل والبيوت التي تقصف على رؤوس ساكنيها وغيرها من القصص.
وتوثق الرواية الكثير من الشخصيات الفلسطينية الرمزية، التي قد يجدها القارئ الفلسطيني في حياته اليومية، كشخصية سلمى الفتاة القوية الطموحة المتمردة على المجتمع، وشخصية أبو طارق الرجل الحكيم صاحب الخبرة، وشخصية أم طارق أحد أبرز نساء المخيم التي تبرعت في طهي المأكولات الفلسطينية وتربية أبنائها ومساعدتها لكافة النساء اللواتي يحتجن لمساعدة.
وأوضحت أنه كما للأشخاص رمزيتها الخاصة كان للأحداث أيضاً، فقد اختارت مخيم جنين لخصوصيته وخصوصية الرسالة التي تريد إيصالها للعالم، وهي كيف يمكن للقوات الإسرائيلية إلقاء الصواريخ الثقيلة في مساحة لا تتجاوز عدد من الكيلومترات ليدمر بضربة واحدة عشرات البيوت كما في مخيم جباليا اليوم ومخيم الشاطئ وعدد من المخيمات الأخرى بالجنوب أيضاً.
وتروي سجى حمدان، أن المخيمات دوماً ما كانت تخرج النوابغ والأديبات والمفكرات والعالمات لذلك تركز القوات الإسرائيلية الضربات عليها، لافتة أنها خلال الرواية سلطت الضوء على رمزية المرأة الفلسطينية والتنوع في شخصياتها فهي منتجة داخل وخارج المنزل، وداعمة لقضيتها ولديها قدرة على البذل، مضيفة أن المرأة الفلسطينية مكلومة تفقد أولادها كأم طارق وأم حازم مريضة السرطان التي تمنع عنها إسرائيل العلاج والجرعات بسبب حصار مدينة غزة.
ونوهت إلى أن الرواية ركزت على مشاعر فقد الشقيقة لأخيها أيضاً، وكيف تحاول الشابة الفلسطينية إعادة بناء حياتها بعد فقدان أحد أفراد أسرتها وبيتها والكثير من الأمور التي يصعب وصفها عبر الكتابة، مبينة أن معاناة الشابات الفلسطينيات مضاعفة.
ولفتت إلى أن أحداث الرواية تلخصت في منزل أم طارق في المخيم بالتالي ركزت على جميع مكونات الأسرة الفلسطينية، خاصة الأطفال، مبينة كيف تخلق داخلهم روح المقاومة لتدحض رواية "سيموت الكبار وينسى الصغار"، وتسلط الضوء على مجموعة من الحقوق أبرزها منع الاعتداء عليهم بالضرب أو قتلهم وحرمانهم من الطعام والشراب والتعليم خلال أيام الحصار والهجمات على وجه التحديد.