رتيبة النتشة: إسرائيل حوّلت الفلسطينيات إلى سجانات لأطفالهن

تتفاقم معاناة المرأة الفلسطينية وتفتقر لأبسط مستلزمات العيش خاصة في قطاع غزة، وتتحول الأم من حامية لأطفالها إلى سجانة بأمر من قوات الإسرائيلية، بينما نضالها وإصرارها على الحياة مستمر.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أكدت الناشطة الاجتماعية والسياسية رتيبة النتشة أن الحرب المستمرة على قطاع غزة والتهجير القسري المستمر وحالة عدم الاستقرار التي تشوب كافة مناحي الحياة، لم تحد من عزيمة شعب يمتلك إرادة الحياة والصمود والمرأة الفلسطينية هي جزء من ترسيخ هذه القدرة على الصمود.

أوضحت الناشطة الاجتماعية والسياسية من مدينة القدس وعضو الهيئة الإدارية في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية رتيبة النتشة أن "ما نشهده من أهوال في قطاع غزة تتعدى كل الحدود، فهناك خرق لكل الاتفاقيات الدولية والقوانين الإنسانية فيما يخص المدنيين في الحروب والتي يتم توثيقها على مرأى ومسمع العالم، والتي تعتبر جريمة إبادة جماعية بحقهم".

وأكدت أن "فلسطين اليوم تمثل آخر استعمار ما بعد الحرب العالمية الثانية وانتهاء الاستعمار في فلسطين يعني انتهاء المنظومة الاستعمارية وتحرر كل شعوب العالم التواقة إلى الحرية وإدارة مواردها وثرواتها الاقتصادية وقرارها السياسي".

وحول وضع المرأة في الشرق الأوسط عموماً وعلى الأراضي الفلسطينية خصوصاً قالت "من خلال نشاطي النسوي نحن جزء من ائتلافات عربية ودولية تتعلق بمتابعة شؤون النساء على مستوى فلسطين والإقليم وأيضاً العالم المتطور وللأسف المطلب الموجود على سلم أولويات النساء هو الحصول على وسائل منع الحمل، والسبب الأساسي هو مآسي الحروب التي تعانيها النساء واحتياجاتهن الفزيولوجية كنساء وخوفهن من الاغتصاب ومن الإنجاب في ظل الحرب"، مشيرة إلى أنه هناك تعتيم إعلامي على أوضاع النساء وما يتعرضن لهن من انتهاكات وممارسات.

وبينت أن المرأة الفلسطينية شاركت في كل أشكال النضال والمقاومة بدءاً من المقاومة المترتبة على ترسيخ الهوية الوطنية والثقافية الفلسطينية وفي تنشئة الأطفال إلى مشاركتها في الحياة العسكرية والحياة العامة "المرأة الفلسطينية استطاعت مأسسة عمل المقاومة الجماهيري في الانتفاضة الكبرى في الثمانينات واستمرت بعد اتفاقية أوسلو حتى في المناصب الحكومية، هناك الكثير من الناشطات في المجتمع المدني بالمراكز الحقوقية اللواتي ترصدن الانتهاكات وتكتبن التقارير وترفعهن إلى الأمم المتحدة والعالم".

وبينت أنه "جزء من الجهود التي نبذلها في الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والتي انطلقت قبل أربع سنوات مع تزايد الخطاب العلني الإسرائيلي في إعادة ضم الضفة الغربية وصدور قانون القومية الإسرائيلية الذي يتحدث علانية عن الممارسات الاحتلالية التمييزية ضد الشعب الفلسطيني ضمن قوانين واضحة تعطي اليهود الحق فقط في تقرير المصير في دولة إسرائيل وتعطيهم تفوق عرقي وقانوني على الفلسطينيين وهو ما دفع الكثير من المؤسسات الدولية لكتابة تقارير عن ماهية وطبيعة إسرائيل"، موضحة أن هناك أكثر من ألف عضو وعضوة في العالم مساندين لهذه الحملة وبدأت تنشأ حملات موازية لها في الدول العربية والدول الأوروبية.

وأكدت أن "المرأة الفلسطينية تعمل على قدم المساواة مع الرجال وتخوض ذلك النضال باعتبارها كاتبة ومفكرة وجامعية وقادرة على التواصل مع الجهات، فنحن اليوم لدينا إنتاج فكري مقاوم لإسرائيل ولهذا الفكر العنصري الذي يحاول ترسيخه الاكاديميون الإسرائيليون".

وبينت أنه "منذ بداية الحرب على غزة كان هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل وأغلبهن وضعن أطفالهن بعد مرور سبعة أشهر عليها، في ظروف صعبة جداً مع انعدام الخدمات الصحية وانعدام وجود مياه للنظافة الشخصية وانعدام الخصوصية في ظل وجودها في مراكز الايواء، حيث تضطر للجلوس مع عدد كبير من النساء والأطفال لا تعرفهم مسبقاً وتفتقر إلى الخصوصية والقدرة على الراحة والحفاظ على نظافتها الشخصية والحصول على احتياجاتها، فالطوابير على الحمامات في مراكز الإيواء طويلة، حيث يتم استعمال حمام واحد من قبل 700 شخص".

وعن وضع الأسيرات قالت "هناك عدد كبير من الأسيرات في السجون الإسرائيلية اللواتي حرمن من الملابس وقضين كل فترة الشتاء في زنزانات مكتظة جداً، مع تعرضهن للتعذيب الدائم والتجويع وعدم الحفاظ على خصوصيتهن والتفتيش الدائم لهن، وسجلت منظمات دولية حالتين من الاغتصاب والحمل لفتيات قاصرات في ظل تعتيم كبير على حالة الأسرى".

 

الذاكرة الفلسطينية وطائر الفينيق

وأوضحت أنه "بعد 76 سنة من النكبة المستمرة ونزوح الشعب الفلسطيني اضطرارنا لتغيير أماكن سكننا عدة مرات أصبح في الذاكرة الفلسطينية ما نسميه طائر الفينيق الذي يخرج في كل مرة من تحت الركام أكثر قوة وصلابة على المقاومة والاستمرار بالحياة، فهناك صور مشرقة للأطفال ونساء تغنين وترقصن وشباب يمارسن حياتهن ويدرسن بعد إعادة التحاقهم بالجامعات والمدارس في الخيام، فنحن نتحدث عن شعب يمتلك إرادة الحياة والصمود والمرأة الفلسطينية هي جزء من ترسيخ هذه القدرة على الصمود".

وأوضحت أنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر تم التبليغ عن 700 حالة اعتقال للأطفال 53 حالة هم لأطفال تحت سن الـ 12، وبسبب اكتظاظ العديد من السجون تم تحويل عدد كبير منهم وسجنهم في المنزل، فأصبحت الأم سجانة على ابنها وبدل أن تشكل مصدر حماية وأمان له، فهي تراقب عدم خروجه من المنزل وفي حال خروجه تتعرض هي للعقاب ويحمل الابن همّ الخروج من المنزل حتى يحمي والدته فأصبحت العلاقة الأسرية مشوهة بسبب سياسات إسرائيل وفرض وظيفة جديدة على الأمهات بأن تصبحن سجانات لأبنائهن وهذا وحده عبء بالإضافة إلى كل ما تعانيه المرأة من انتهاكات وممارسات لاإنسانية.

وأكدت أن المرأة الفلسطينية بالرغم من ريادتها في النضال الفلسطيني وقوتها المستمرة ورغبتها في الحياة تعيش معاناة مضاعفة من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية وغيرها الكثير من الانتهاكات.

وحول مبادرة جامعيون تونسيون من أجل تدريس الطلبة الفلسطينيين عن بعد أوضحت "التونسيين هم جزء من النضال الفلسطيني بطرق مختلفة حتى خارج الأراضي الفلسطينية وبالتالي كان واجبنا أن نبادر في تعليم الفلسطينيين عن بعد لذلك أطلقنا هذه المبادرة".