رغم وطأة الفقر وعنصرية المحاكم... المطلقات في إدلب محرومات من حقوقهن
تواجه المطلقات في إدلب والشمال السوري ظروفاً بالغة التعقيد وسط تقاعس المحاكم عن تحصيل حقوقهن، إضافة للوصمة واللوم المجتمعي ما يضعهن أمام خيارات صعبة.
هديل العمر
إدلب ـ أكدت نساء مدينة إدلب، أن انعدام الدعم الحقوقي وغياب العدل في تحديد القضاء لنفقة أطفالهن والتي لا تلبي الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية للأبناء يدفعهن للتخلي عن حضانة أطفالهن.
لم تعد ريماس البر البالغة من العمر 28عاماً قادرة على تحمل نفقة أبنائها بعد تخلي طليقها عن تقديم النفقة لهم مما دفعها مرغمة للتخلي عن حضانتهم وإرسالهم إلى والدهم من جديد، بعد أن أُغلقت كل الأبواب في وجه حصولها على دعم أو مساعدة أو حتى فرصة عمل.
تقول ريماس البر وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي ومقيمة في مخيم "الرحمة" شمال بلدة كللي، إن قرار ترك أبنائها لم يكن سهلاً، لكن لم يعد أمامها خيار آخر بعد أن ضاقت بها السبل وعجزت عن تحصيل الحد الأدنى من حقوقها وحقوق أبنائها الثلاثة الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم خمس سنوات.
وأشارت إلى أن حياتها مع طليقها لم تكن مثالية بل كانت أشبه بالجحيم وهو ما دفعها للتمرد على الضرب والإهانة وطلب الانفصال، غير أن زوجها اشترط عليها التخلي عن جميع حقوقها مقابل الطلاق وحضانة أبنائها، وهو ما حدث قبل أن تقرر التخلي عن أطفالها لسوء أحوالها المادية وعدم توفر فرصة عمل لها وتخلي الزوج عن الإنفاق على أطفاله.
وازداد عدد النساء المطلقات اللواتي تعتبرن من الفئات الأشد ضعفاً وتهميشاً في إدلب خلال سنوات الحرب، فيما تمنع بعض الممارسات الاجتماعية في إدلب والشمال السوري الكثير منهن من المطالبة بحقوقهن ونفقة أطفالهن خوفاً من التشهير وتشويه سمعتهن من قبل الطليق وعائلته إن حاولن تقديم شكوى قضائية من جهة، وانعدام الدعم الحقوقي وغياب العدل في تحديد القضاء لنفقة أطفالهن والتي لا تلبي الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية للأبناء المحتضنين من قبل أمهاتهم من جهة أخرى.
أما فدوى الكبتاوي فلم تتوقع يوماً أن يحكم لها القاضي بنفقة لولديها وقدرها 100 ليرة تركية عن كل طفل بعد طلاقها من زوجها والحصول على حضانة أبنائها "ما الذي يمكن أن تؤمنه 200 ليرة تركية لكل طفل شهرياً، إذا كانت علبة الحليب الصغيرة يبلغ سعرها 180 ليرة تركية وهي لا تكفي الطفل أكثر من ثلاثة أيام، فكيف سأتدبر بقية التكاليف والنفقات".
ونوهت إلى أنه بعد توقف زوجها عن دفع النفقة بعد مدة قصيرة اضطرت للتخلي عن حقها في النفقة ورفض اللجوء إلى القضاء الذي لم ينصفها، مضيفةً أن مبلغ 200 ليرة تركية في الشهر لكل طفل لا يستحق العناء في رفع دعوة قضائية ومكابدة عناء التردد إلى أروقة المحاكم ذهاباً وإياباً لتحصيلها من جديد.
من جهة أخرى قالت الحقوقية راما السند 41 عاماً أنه ينبغي للمطلقة في إدلب أن تحصل على "كامل حقوقها" المشروعة إن تقدمت بشكوى قضائية فالقضاء يجب أن يكفل للمتخاصم أمامه كافة الحقوق وخاصة فيما يتعلق بحقوق النساء وقضايا الطلاق.
ولفتت إلى أن النفقة حددت بـ 200 ليرة تركية ومن الممكن أن تزيد أو تنقص بحسب الوضع المادي للزوج، فإن كان ميسور الحال تستطيع الزوجة المطلقة التقدم بطلب من المحكمة مع الإثبات لزيادة النفقة، موضحةً أنه مبلغ زهيد عموماً ولا تستطيع المطلقة الاعتماد عليه في الإنفاق على أبنائها.
أما فيما يتعلق بالمهر والمعجل، أضافت إن المحاكم التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب تماطل في قضايا الطلاق ولا تلزم الزوج بدفع المعجل خاصةً إن توارى الزوج عن الأنظار "إن أغلب القضايا من هذا القبيل لا يتم فيها توكيل محامين وخاصة الطلاق والنفقة، وهذه القضية لها درجتين، فإن لم يقنع قرار القاضي الزوجة يمكنها اللجوء إلى محكمة الاستئناف وهي مؤلفة من ثلاث قضاة، ينظرون بالدعوى من جديد ويدرسونها دراسة عميقة قبل إصدار الحكم النهائي، الذي يمكن أن يمتد لسنوات".
ويقدر فريق منسقو استجابة سوريا أعداد الأرامل دون معيل بأكثر من 47 ألف أرملة، يضاف إلى هذا الرقم أعداد كبيرة من المطلقات.