قصص مأساوية لأطفال مرضى السرطان في السودان
في استراحات متعددة يسكن عدد من الأطفال المصابون بالسرطان مع أسرهم في الولايات السودانية الآمنة التي لجأوا إليها بعد الصراع الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ عام ونصف في رحلة بحث علاج من المرض.
آية إبراهيم
السودان ـ معاناة مزدوجة تواجهها أمهات الأطفال اللواتي أتين بأبنائهن من مناطق مختلفة خصوصاً العاصمة السودانية الخرطوم التي لاتزال المواجهات مستمرة فيها وولاية الجزيرة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، تتمثل في رحلة نزوحهن ومن ثم البحث عن العلاج وكيفية تسديد فواتيره ليصطدمن بواقع أليم وأوضاع مأساوية يومية تنتظرن أن تتغير كل لحظة.
في جولة لوكالتنا باستراحة "دويم ود حاج" بمحلية مروي في الولاية الشمالية رصدت عدد كبير من الأسر التي جاءت بأبنائها المصابون بالسرطان حيث يبلغ أكبر طفل بينهم 12 عاماَ، يتجولون جميعهم داخل الاستراحة وهم يحملون آلامهم منهم من يعرف مرضه ومعاناة أسرته ويمني نفسه بالشفاء، ومنهم من لا يعرف لماذا موجود في هذا المكان ويلعب ويمرح غير مكترث لحجم المعاناة.
نسيبة عوض الكريم وهي امرأة من ولاية النيل الأبيض وسط السودان، وصلت إلى مدينة مروي شمال البلاد برفقة ابنها المريض بالسرطان الذي يبلغ من العمر 12 عاماً لتلقي العلاج بعد رحلة نزوح بين العاصمة الخرطوم ومدينة ود مدني ومنها إلى مروي.
وتقول نسيبة عوض الكريم إن ابنها أصيب بالسرطان قبل عامين من اندلاع الصراع وكان يتلقى العلاج بالعاصمة الخرطوم وبعد اندلاع الصراع منتصف نيسان/أبريل 2023، واشتداد المعارك في العاصمة نزحوا إلى مدينة ود مدني التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع ومنها نزحوا إلى مروي، مضيفةً "عانينا كثيراً في رحلة النزوح حتى بدأنا العلاج حيث واجهتنا فيه مشكلة انقطاع الجرعة، إضافة إلى أنها باهظة الثمن وابني يأخذ جرعات كثيرة تصل إلى عشرة، والآن توقف العلاج بسبب عدم توفر الجرعات".
ما بعد اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع جند العاملين بعدد من المنظمات الخيرية والجمعيات التي تقدم خدمات لأطفال السرطان، أنفسهم بشكل كبير لتقديم خدمات ومساعدات لهم في ظل ظروف البلاد خصوصاً في عملية ترحيلهم من الولايات التي يتواجد فيها اشتباكات إلى ولايات آمنة ومن ثم تبدأ رحلة البحث عن العلاج والسكن رغم توفر استراحات خاصة بهم، إلا أنها أصبحت مكتظة ولا تسع العدد الكبير يقابل ذلك غلاء في أسعار إيجار العقارات.
من جانبها تقول الدكتورة زينب جابر وهي مسؤولة في منظمة "كلنا قيم" التي تهتم بأطفال السرطان، إن ظروف أطفال السرطان ومرافقيهم سيئة للغاية خصوصاً وأنهم قادمين من ولايات مختلفة ويحتاجون للسكن والغذاء وتوفير احتياجات الطفل من تغذية وعلاجات وأحياناً قيمة التحاليل الطبية وتذاكر سفر وغيرها، مشيرةً إلى أن قيمة الجرعات الكيماوية باهظة الثمن، بالإضافة إلى الجلسات الإشعاعية وتكاليف إيجار السكن فوق إمكانيات المرافق لقلة فرص العمل.
ولفتت إلى أن المنظمة تدعم الطفل المريض في أربعة محاور رئيسية (السكن الصحي، التغذية العلاجية، الترحيل من وإلى المستشفى داخل الولاية، التعليم والدعم النفسي والعلاجي والترفيه) بدعم من فاعلي خير من أبناء الشعب السوداني في الداخل والخارج.
أنفال معتصم واحدة من الطفلات اللواتي أصبن بمرض السرطان، إضافة إلى إصابتها بالسكري، تحدثت عن مرضها بأنها سقطت في إحدى الأيام في المدرسة ولم تلتفت للأمر وبعد فترة من ذلك اكتشفت أنها مصابة بالسرطان وبدأت رحلة العلاج ما بين كسلا شرق السودان ومدني ثم مروي، لتناول الجرعات التي أشارت إلى انعدامها، مبينةً أنه تبقى لها عشرة جلسات.
معاناة المصابون بالسرطان من الأطفال في السودان ليس بالأمر الجديد، لكنها تضاعفت ما بعد اندلاع الصراع حيث تعاني الأسر من توفير العلاج والتنقل من منطقة إلى أخرى وتوفير السكن وغير ذلك مما يواجهونه في ظل ظروف اقتصادية صعبة واستمرار المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكن مع ذلك هناك أمل كبير وسط الأطفال وذويهم بأن ينصلح الحال ويعم الأمن والسلام والاستقرار ويعودوا معافين إلى ديارهم.