قرار إداري يثير الجدل بفصل الذكور عن الإناث في مشفى المواساة بدمشق

عبرت ناشطات ومهتمات بالشأن الاجتماعي والصحي عن رفضهن لقرار الفصل بين الجنسين، معتبراته انعكاساً لفهم قاصر لطبيعة العمل الطبي، وابتعاداً عن معالجة القضايا الحقيقية التي تواجه المؤسسات الصحية.

راما خلف

دمشق ـ في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط السورية، صدر قرار بفصل الذكور عن الإناث في مشفى المواساة بالعاصمة دمشق، وهو ما اعتبره كثيرون خطوة إلى الوراء في بيئة من المفترض أن تكون مهنية بالدرجة الأولى.

 

قرار غير منصف وغير منطقي

في شهادة حيّة، عبّرت تسنيم القادري، وهي ناشطة في المجال المدني، عن استيائها من القرار قائلةً "القرار الذي صدر بفصل الرجال عن النساء في مشفى المواساة ليس منصف، وبعيد عما هو منطقي في هذا الوضع، فالقرار يفتقد لأولويات المرحلة".

وشددت على أن الحلول التي تتعلق بقضايا مثل التحرش أو أي مخالفات سلوكية لا تكون عبر الفصل، بل من خلال تفعيل قوانين وعقوبات واضحة "فكرة الفصل، هي فكرة أكل عليها الدهر وشرب، وعلينا العمل على الوعي المجتمعي وهذا أهم بكثير من الانشغال بفصل الجنسين".

 

المهنة لا تحتمل التقسيم

من جهتها، وصفت الشابة بتول سرحان القرار بأنه غير عملي ويؤثر سلباً على سير العمل الطبي "أرفض هذا القرار، فلنفترض وجود طبيب وطبيبة فقط في المناوبة إذاً كيف سيتم التنسيق للمرضى".

وأشارت إلى أن مهنة الطب لا تحتمل الفصل أو الانعزال، لأنهم يعملون في بيئة تعتمد على التنسيق والتكامل بين الطواقم الطبية "الطب مهنة يتساعد فيها الجميع من أجل المريض فالمسألة ترتبط بحياة إنسان".

وأضافت أن مثل هذه القرارات لا تتماشى مع متطلبات العمل الطبي الحديث، ولا تُطبّق في معظم دول العالم، حيث تكون الكفاءة هي العامل الأول وليس النوع الاجتماعي.

 

بين المعايير المهنية والقيود المجتمعية

ما بين مواقف رافضة وانتقادات واسعة، يُطرح السؤال هل أصبح الفصل بين الجنسين حلاً لغياب ثقافة احترام الآخر؟ وهل تعود هذه السياسات لضعف في إدارة المؤسسات أو لتكريس قيم لا تنسجم مع السياقات المهنية أو المجتمعية؟

القرار يفتح الباب واسعاً لنقاش أعمق حول الدور المطلوب من الجهات الرسمية في دعم بيئة مهنية وصحية قائمة على الكفاءة والمسؤولية، لا على الفرض والإقصاء، وبينما تستمر ردود الأفعال في التفاعل، يبقى الأمل معقوداً على وعي المجتمع الطبي نفسه، الذي يرفض أن تُختزل قضاياه بقرارات سطحية لا تلامس عمق المشكلات ولا تنصف العاملين فيه.