نزهة الصقلي: المرأة لا تحتاج إلى يوم واحد في السنة للاحتفال بها

أحرز المغرب تقدماً في مجال حقوق الإنسان، إلا أن تحقيق المساواة بين الجنسين هو الهدف الذي لم تحققه أي دولة بعد

حنان حارت
المغرب ـ ، في اليوم العالمي للمرأة الذي خصص لعرض ما تقدمت به المجتمعات وما أحرزته في تغيير وضع المرأة تسعى النساء المغربيات إلى استحقاق حقوقهن في كافة المجالات.
وكالتنا وكالة أنباء المرأة كان لها الحوار التالي مع الوزيرة السابقة للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية نزهة الصقلي، لتتحدث عن وضع النساء المغربيات بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار/مارس، والخوض في مجموعة من القضايا السياسية.
 
اليوم هو اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الـ 8 مارس/آذار، ماذا يمثل لكم هذا اليوم؟
في الحقيقة اليوم العالمي للمرأة هو لحظة تأمل ويوم لاستعراض الإنجازات التي تحققت لفائدة النساء في مختلف بقاع العالم، وكذا رصد طموحاتهن في المستقبل.
وقد عُرف المغرب على غرار باقي المجتمعات الديمقراطية ميلاد حركات نسائية سجلت حضوراً كبيراً في مختلف هيئات المجتمع المدني، وذلك في أفق بناء مجتمع حداثي يقوم على المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات.
 
تعيش المرأة المغربية صراعاً من أجل حقوق مدنية وسياسية جرت دسترتها، برأيكم ما هو المطلوب فعله للارتقاء بمكانة النساء داخل المجتمع؟
الجواب على هذا السؤال يحمل شقين أحدهما مركب والثاني بسيط، فمما لا شك فيه، أن المغرب قطع أشواطاً كبيرة في تمكين المرأة المغربية من خلال الإصلاحات التي تم نهجها عبر إقرار دستور 2011، والذي ينص فيه الفصل 19 على المساواة في الحقوق المدنية للمرأة المغربية من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، أما الجواب الشمولي فهو يترجم الالتزام بتفعيل الدستور على أرض الواقع من خلال الحركة العالمية وتوصيات مؤتمر بيجين التي تجسد التزام المجتمع الدولي بتحقيق المساواة بين الجنسين وتوفير فرص أفضل للنساء والفتيات، ويؤكد أن حقوق المرأة هي من حقوق الإنسان، وأن المساواة بين المرأة والرجل تعود بالفائدة على الجميع.
 
سبق وخضتم تجربة الانضمام للوزارة، إذا ما قمنا بمقارنة بين حضور المرأة في الحكومة في طبعتها لسنة 2007، وبين حضور النساء في حكومة اليوم وفي ظل التيار الإسلامي، ماذا تقولون؟
لا أخفي عليكم أن الحضور النسائي اليوم في الحكومة المغربية ضعيف من ناحية العدد، وفي رأيي أن تقليص مشاركة النساء، هو ضد ما نص عليه الدستور والقوانين من مساواة في أفق المناصفة.
وإذا عدنا إلى المشهد السياسي لسنة 2007، ليس لأني كنت ضمن الفريق الحكومي، ولكن يمكن القول إنها كانت استثنائية وعرفت حضوراً قوياً للنساء من خلال تواجد سبع وزيرات تم تعيينهم في وزارات لها وزن كبير.
 
إلى أي حد أنتم راضون أو غير راضين على التعاطي الحكومي مع المسألة النسائية في المغرب؟
في الحقيقة غير راضية على كيفية تعاطي الحكومة مع المسألة النسائية في المغرب، فمثلاً قانون مناهضة العنف الذي تم إقراره سنة 2018، اعتبره خطوة ضعيفة لا يحمي المرأة من الاغتصاب الزوجي والسرقة بين الأزواج، فيما هناك بعض الإجراءات جد محتشمة.
 
مبدأ المناصفة بين المرأة والرجل في مراكز القرار كيف ترونه؟
هناك تقدم لا يمكن إنكاره في مسألة تمثيلية النساء في مراكز القرار، لكن رغم هذا التحسن، إلا أنه ما زال لا يرقى لتطلعات النساء في الوصول إلى مناصب المسؤولية، لم يصل بعد إلى مستوى دستور 2011.
كما أن جل الدراسات، توصلت إلى أن العجز في تعليم النساء وفي تمدرس الفتيات مرده إلى غياب النساء في مراكز القرار وضعف تأثيرهن على السلطة العمومية... في رأيي أن وتيرة تنزيل الدستور بمكتسباته يتم بطريقة بطيئة.
 
في رأيكم هل يمكن الوصول إلى المناصفة الكاملة؟
أكيد سنصل إلى المناصفة يوماً ما، وأظن أن المناصفة قابلة للتحقيق، وفي أحاديثنا نقول دائماً إنه لو كان هدفنا الوصول إلى القمر، فعلى الأقل لو كان الطريق صعباً فسنقترب منه، هكذا هي المناصفة فإن السعي إليها سيجعلنا قريبين منها، فقضية النساء استراتيجية، ولها تأثير في جميع القضايا الاستراتيجية للبلاد، ولهذا فإن المساواة بين الجنسين، أحسن طريقة لبناء مجتمع متوازن... والمناصفة بين النساء والرجال لا تهم وصول النساء إلى مراكز القرار، بل مختلف المجالات، كالمساواة في التعليم وغيره.
 
ما رأيكم بخصوص المستجدات المتعلقة بالقوانين الانتخابية الجديدة المتعلقة بتمثيلية النساء في السياسة؟ 
من حيث المبدأ لا يمكن سوى الاعتزاز بهذا الانشغال الذي يسير في اتجاه تعزيز المشاركة السياسية للنساء في ظل العلاقة التكاملية بين هذه المشاركة والمساواة وتحقيق للتنمية وهو ما تؤكده مجموعة من التقارير الدولية التي تشير إلى أن تقليص عدم المساواة باب من أبواب تحقيق التنمية البشرية.
 
كيف تقيمون وضع المرأة المغربية مقارنة مع نظيراتها في المنطقة؟
من المعروف أن منطقة مينا أي شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تشكل فيها المرأة الحلقة الأضعف، بحيث أن مجموعة من الحقوق لفائدتها لم تتحقق بعد، لكن المغرب له من المؤهلات ما يجعله متقدم في مسألة المرأة مقارنة مع نظيراتها في المنطقة، لكن تبقى المكتسبات المحققة لحد الآن لفائدة النساء المغربيات غير كافية، فنجد أن التمثيلية السياسية للنساء ضعيفة، بالإضافة إلى حصر طاقات النساء، والزواج المبكر، فهناك مجموعة من العراقيل ما زالت تحد من تموقع المرأة في مكانها الصحيح.
 
أنشأتم جمعية "أوّال حريات"، لماذا هذه الجمعية وما سبب تأسيسها؟
أولاً قبل الحديث عن أهداف الجمعية، لابد من إعطاء لمحة عن الاسم الذي تم اختياره، "أوّال" هو اسم أمازيغي ويعني الكلام؛ الكلام لكسر التابوهات فيما يخص الحريات الفردية، الزواج المبكر، الأطفال خارج إطار الزواج، المساواة في الإرث، العلاقات الرضائية، وغيرها من التابوهات التي يمنع النقاش فيها، وسبب إنشاء الجمعية يأتي لأن هناك انفصام في المجتمع، وجاءت الجمعية لوضع التابوهات على طاولة النقاش وإيجاد حلول لها.
فمثلاً؛ لا يمكن أن نقول إن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج غير موجودة، وإلا سنكون نتحدث عن واقع آخر لا نعيشه، وبالتالي فإن الحديث عن هذا الأمر سيمكننا من مناقشة هذه التابوهات بشكل عقلاني وفي إطار احترام للتقاليد والدين لإيجاد مخرج.
 
بعيداً عن السياسة وقريباً من نزهة الصقلي الإنسانة، هل ترين أن النساء يمكنهن الاستغناء عن الرجال؟
النساء والرجال على حد سواء في حاجة إلى بعضهم البعض، أولاً بهدف الإنجاب والحفاظ على استمرارية الإنسان هذه العلاقة فرضتها الطبيعة، وثانياً من أجل تربية الأبناء، وبالتالي فلا يمكن للمرأة أن تستغني عن الرجل ولا الرجل يعيش من دون امرأة.
 
هل ممارسة السياسة والعمل الجمعوي، كان على حساب أسرتكم أم أنكم استطعتم الموازنة؟
بالعكس ممارستي للسياسة أو العمل الجمعوي لم يؤثر على حياتي الخاصة، فبحكم أن زوجي كان مناضلاً سياسيا فهو متفهم، وعمل على تحفيزي منذ البداية على ممارسة السياسة من خلال انسحابه منها، ليكون حاضراً بشكل مستمر في البيت، وبالتالي ترك لي فرصة النضال وفرض نفسي في المشهد السياسي.
 
في نظركم هل اليوم العالمي للمرأة يشكل التفاتة كافية لوضعية المرأة داخل المجتمع المغربي؟
أولاً المرأة لا تحتاج إلى يوم واحد في السنة للاهتمام بوضعها، فهي تحتاج منا إلى التفاتة في كل يوم لأنها عماد الأسرة وهي نصف المجتمع.
 
أخيراً ما هي رسالتكم للمرأة المغربية، وكيف تريدون رؤيتها مستقبلاً؟
آمل أن تتساوى النساء في حقوقها مع الرجل، والمرأة المغربية مهما كانت الظروف فهي قادرة على العطاء، وأملي أن تكون لها سلطة وإمكانيات لتحقيق الأهداف المنشودة.
 
من هي نزهة الصقلي:
نزهة الصقلي هي الوزيرة السابقة للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية (2007 ـ 2012)، وتعد من الوجوه السياسية النسائية المغربية لحزب التقدم والاشتراكية الذي التحقت به سنة 1998.
ارتبط اسمها بالدفاع عن حقوق المرأة، وانخراطها الوازن في الحركة الجمعوية، إذ كانت من مؤسسات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، كما ساهمت في تأسيس جريدة "نساء المغرب" في أواسط الثمانينات، وهي الجريدة التي تعد الثانية في مجال الصحافة النسائية، بعد جريدة 8 مارس آنذاك.
في عام 2004، نالت نزهة الصقلي جائزة الامتياز العالمية، كإحدى مناصرات حقوق المرأة، كما يعرف عنها أنها تخوض في نقاش التابوهات باندفاع وصلابة.