نيفين عبيد: المساواة بين الجنسين هي الحل الجذري لمختلف الانتهاكات التي تمارس على المرأة

أكدت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة أن المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات وخاصة السياسية، هي الحل الجذري لجميع الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة.

أسماء فتحي

 القاهرة ـ عدد من الانتهاكات تتعرض لها النساء ورغم ما يتم من إجراءات للحد منها من قبل الحكومة أو المؤسسات والأفراد إلا أنها غير ملموسة مقارنة بالأزمات التي تعاني منها النساء باعتبارهن طليعة الفئات التي تعاني نتيجة هشاشة موقفها من مختلف الأزمات.

تطرقت رئيس مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة نيفين عبيد، ومقررة لجنة السكان في الحوار الوطني، والباحثة في مجال التنمية والنوع الاجتماعي، في حوار مع وكالتنا إلى بعض قضايا النساء ومسارات العمل عليها مستقبلاً سواء في مؤسسة المرأة الجديدة، أو في منظمات المجتمع المدني النسوي بشكل عام، مستعرضين جانب من تحديات العمل الأهلي وحجم تأثير المجموعات النسوية على الشارع المصري، وأسباب تعثر بعض القضايا النسائية والإشكاليات المستهدف العمل على تنمية وعي المواطنين بشأنها خلال الفترة المقبلة.

وأوضحت عدد من الملفات التي تمت مناقشتها في الحوار الوطني وبعض القضايا الملتبسة على المتابعين له، مؤكدة أنه نقطة تضاف لرصيد المواطنين وآلية تفاوض هامة في حال التدريب على ممارستها من حين لآخر.

 

حدثينا عن مسار عملكم في مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة وأهم مشاريعكم الحالية؟

المرأة الجديدة مؤسسة لها تاريخ طويل تأسست على يد مجموعة نسوية سياسية معروفة في عام 1984 ولديها دائما ملفات ثرية وأكثر فترات انحسارها تلك التي عانى فيها المجتمع المدني كاملاً من تقليص مساحته العامة.

وحالياً الحكومة أكثر ما يميز مؤسستنا فيها أجيال متعاقبة والجيل الموجود بها هو من يشارك في صناعة القرار بشكل رئيسي وهذا أمر إيجابي، ولدينا تحديات تتعلق بإدارة الأفراد كأي مؤسسة واتجهنا منذ عامين للعمل من خلال مراكز المساندة لتقديم الدعم القانوني، واعتقد أننا حققنا جهد متميز به، ومهتمين ببناء القدرات فقدمنا ورش للجمعيات الأهلية في عدد من المحافظات ونوجه جانب من عملنا أيضاً للجانب النقابي والعمل من أجل التصديق على اتفاقية 190c.

وحصلنا مؤخراً على الصفة الاستشارية من الأمم المتحدة، وهو أمر سيزيد من قدرتنا على التأثير في المجتمع الدولي فلدينا خبرة كبيرة في العمل على تقارير الظل وسيداو وغيرها من الملفات، واعتقد أن العام المقبل سنكون أكثر قدرة على الأداء الحقوقي وطرح بدائل أكبر متعلقة بالسياسات العامة.

ولدينا عدد من المشاريع أكبرها المرتبط بمناهضة العنف ضد المرأة ويركز على محورين أساسيين الدفع بالقانون الموحد لمناهضة العنف ويتم ذلك من خلال قوة عمل بها عدد من المؤسسات الأخرى، فضلاً عن العمل على اتفاقية 190c، والخاصة بعالم العمل الخالي من التحرش والعنف، وقمنا بعدد من الأنشطة في هذا الأمر منها التوعوي والمتعلق بالتمكين النقابي.

ولدينا مراكز المساندة واعتقد أننا قادرين على تقديم خدمة قانونية بشكل رئيسي ثم خدمة نفسية واجتماعية لبعض الناجيات القادرين على التواصل معهن وغيرها من المشروعات وبرامج العمل التي تحقق أهدافنا.

والأشهر الثلاثة القادمة ستشهد متابعات دولية أكبر خاصة أن الصفة الاستشارية ستساهم في جعلنا نتجاوب مع المجتمع الدولي والدعوة لأوراق العمل والتقارير الخاصة بالقضايا العالمية المعنية بحقوق الإنسان والمرأة تحديداً.

 

هناك عدد من المؤسسات النسوية المؤثرة في الداخل المحلي وأنتم جزء منها، فما آفاق العمل الجماعي فيما بينكم مستقبلا للتغيير في واقع المرأة المصرية؟

أرى أن مؤسسة المرأة الجديدة لا تعمل بمفردها فاغلب الورش تتم بالتعاون مع جمعيات أهلية ونقابات، وحتى العمل على التقارير الدولية سيكون مع مؤسسات أخرى، وفي مؤتمر العمل الأهلي خصصنا جلسة للمبادرات الشبابية ليتحدثوا عن أبرز التحديات التي تواجههم.

ولا أرى أن المرأة الجديدة مقصرة في العمل الجماعي وفي الواقع هناك تعاون فعلي كما هو واضح بقوة العمل على قانون مناهضة العنف، فنحن جزء منه ولسنا بمفردنا، ولكن من المهم أن تكون لدى المؤسسة أهدافها الخاصة وأجندتها التي ترغب في تحقيقها على المدى القريب والبعيد وفي ضوء ذلك يتم بناء الشراكات.

ومؤسسة المرأة الجديدة في الوقت الحالي تهتم بواجباتها الشخصية كمؤسسة صانعة قرارها وهذا هو الأفضل لها في الوقت الحالي، وهو أيضاً الذي حقق لها النجاح سواء على صعيد المخرجات والانتاج وكذلك استقلالها.

 

إلى أي مدى ترين أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة مؤثرة على حياة النساء وقضاياهن؟

الإجراءات التي تتخذها الحكومة لا تصل إلا لعدد من النساء وذلك لأن المرأة العادية لا تستطيع لمس تأثير تلك الأعمال مقارنة بحجم تأثرها بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تكبل قدرتها على التفكير وربما التغيير.

فهناك عدد من الأمور التي تقوم بها الحكومة على مستوى السياسات العامة والتشريعات ولكنها غير مؤثرة أو ملموسة مقارنة بما يحدث فعلياً من تأثير للأزمة الاقتصادية على واقع النساء وحياتهن الخاصة والعامة.

ومهما تحدثنا عن مشاريع ريادة الأعمال والشركات الناشئة وخطوط انتاج وسلاسل القيمة والإمداد وإيجابية تأثير ذلك ومردوده لن يمكننا أن نصفه محسناً للفقر أو مقللاً من تأنيثه أو محسناً لوضع عموم النساء.

 

لدينا عدد من النتائج المحبطة في القضايا الشائكة ومنها تشويه الأعضاء التناسلية للنساء، فما هي أسباب ذلك في تقديرك وكيف ترين آلية التغيير الممكنة بها؟

تجريم تطبيب الختان كانت خطوة جيدة فأغلب من يمارسه أطباء وكان من المنتظر أن ينعكس الأمر على هذه الممارسة ويحد منها ولكن غياب الرقابة المجتمعية لم يكن كافياً لذلك.

فأغلب الورش التي نفذناها في المحافظات أكد الحضور بها أن الأطباء يقومون بالختان وأن عياداتهم معلومة للجميع ولا يقترب منهم أحد والبعض أبلغ عنها وتمكن من غلق بعضها ولكننا لا نستطيع أن نجزم بوجود الرقابة القانونية والمجتمعية الكافية لغلق ذلك الملف وحسمه.

كما أن الرسالة التي توجه لوقف تشويه أعضاء النساء التناسلية مازالت خجولة وغير صحيحة فدائماً ما نتحدث عن ضرورة التوقف لأسباب صحية وجنسية رغم أن الأمر غير قاصر على ذلك ولكنه يتعلق بمكانة المرأة وأوضاعها في الأسرة المتدنية والذي يفضحه العنف الممارس ضدها وتزويجها طفلة وتعنيفها كلما أمكن.

والرسالة هنا يجب ألا تتوقف عند ممارسة الختان وتطرح تساؤلاً حول أسباب فعل ذلك لكون أمر يتعلق بمكانة المرأة في الأسرة والمجتمع، فالنساء ما زلن تابعات للموروث الثقافي الذكوري والسلطوي وهي رسائل شجاعة تخشى الدولة مواجهة المجتمع بها وتظل المجموعات النسوية هي القادرة على ذلك. فجذور المسألة تكمن في عدم المساواة بين المرأة والرجل في هذا المجتمع ووضعها في مرتبة أقل.

 

كونك مقررة لجنة السكان في الحوار الوطني... أخبرينا عن محاور عمل اللجنة؟ وكيف ترين إسهامات الحوار الوطني في مجال الحقوق؟

خلال الفترة الماضية من انعقاد جلسات الحوار الوطني ناقشت لجنة السكان محورين من أصل 4 محاور متمثلة في تشخيص القضية السكانية، وتنمية الخصائص السكانية والأسرة المصرية وتنظيمها فضلاً عن التوزيع الجغرافي.

ونخن قادرين على الدفع بتشخيص يفيد بأن القضية السكانية هي تنموية بالأساس وأن هناك بعد اجتماعي واقتصادي لها كونها مرتبطة بارتفاع معدلات الفقر واستهداف تفعيل دور الأفراد ليصبحوا شريك حقيقي في التنمية لتتحول الزياد السكانية من عبء لقاطرة تنمية فعلية.

الحوار الوطني إن لم تكن هناك مكاسب منه فوجوده لن يحدث ضرراً، والنقاشات التي تتم حول المحور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي نقطة في رصيد المواطنين بغض النظر عن ملاحظات أي شخص حول آلية التنفيذ والمتابعة.

وعلينا التواجد في كل هامش من حرية التعبير عن الرأي، والتفاوض في كل مرة نستطيع فيها فعل ذلك، وأيضاً كلما أمكن الرفض الواضح كلما اقتضت الحاجة لذلك، فالتواجد في الهوامش يجعل هناك فرصة في طرح بدائل للتغيير وقدرة أعلى في التنفيس، ورؤية الرأي والرأي الآخر عادة ما تجعل المواطنين يقفون بدقة على ميولهم.

والحوار على المستوى السياسي طرح تصور حول نظم انتخابية مختلفة وأعتقد أن طرح فكرة القائمة النسبية مناسب ليصبح الأمر أكثر وضوحاً أمام المواطنين ومتخذي القرار، كما قدم توصية خاصة بمفوضية مناهضة التمييز على مستوى التشريعات، وهو أمر هام جداً لأنها استحقاق دستوري متأخر جداً.

أما عن المسألة الاقتصادي فبها قضيتين هما الأكثر إلحاحاً، ما يتعلق بالدين لزيادته وطرق السداد وفوائده وهو أمر لم يتم وضع توصيات بشأنه حتى الآن، كما أن اللجنة الوحيدة التي لم تعقد جلساتها حتى الآن رغم أهميتها تلك المعنية بارتفاع الأسعار والتضخم فمن المهم أن يتم نقاش الأمر ووضعه تحت السيطرة أكثر من ذلك لأنه يهدد السلامة المجتمعية.

وهناك خصوصية في المحور الاجتماعي لإمكانية تحقيق مكتسبات به، وتم الخروج بقانون الوصاية من لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي وأن لم يكن ذلك هو الهدف الرئيسي لها لكونها معنية بالأحوال الشخصية والعنف ضد المرأة وفي الواقع هذا لم يحدث حتى الآن وحاولنا الدفع بقانون موحد لمناهضة العنف خلالها ولدينا أمل كبير في الجلسات المغلقة حول القضيتين باعتبارهم الأهداف الرئيسية للجنة والذي ينتظره قطاع كبير من المجتمع المدني النسوي وعموم النساء.