نور خالد: لكل النساء ضحايا الابتزاز لا تخافي نحن جميعاً معكِ

مع تطور التكنولوجيا أصبح العالم الافتراضي موازي لحياتنا الواقعية، حيث تزايدت أعداد الجرائم الإلكترونية مثل حملات التحريض والتشهير والقذف والابتزاز الإلكتروني التي تقع فريستها النساء بشكل كبير، مما انعكس على زيادة جرائم الشرف وإلحاق الضرر بالنساء في اليمن

نور سريب 
اليمن ـ .
شهد المجتمع المحلي دورات توعوية عدة حول الأمان الرقمي استهدفت الصحفيات والناشطات الحقوقيات بشكل كبير نظراً لكونهن معرضين لعمليات الاختراق المباشرة جراء نشاطهن، فيما لا تزال شريحة كبيرة من الفتيات المدنيات اللاتي يجهلن الكثير عن الأمان الرقمي مما جعلهن يقعن في تلك الدوامة بعضهن تمكن من النجاة وأخريات تدمرت حياتهن وتعرضن للخطر.
وقالت المهندسة المختصة في المجال التقني في مركز عدن منظمة يوديت نور خالد لوكالتنا "الابتزاز بالمعنى العام هو وصول شخص لبيانات ومعلومات معينة غير مصرح بها عن شخص وتهديده بكشف تلك المعلومات الخاصة أو فعل شيء لتدمير الشخص المهدد، ما لم يقم الشخص المُهدد بالاستجابة إلى طلباته والتي بالعادة تكون طلبات مادية أو طلبات محرجة للشخص المُهدد".
وعن أنواع الابتزاز تقول "للابتزاز عدة أنواع وأشدها خطورة على الفتيات في وقتنا الحالي هو الابتزاز الإلكتروني كون التكنولوجيا طاغية بكل جوانب حياتنا العملية والخاصة، وقد وصلت إلينا شكاوي أغلبها متشابهة ولكن يختلف صاحبها فقط، ليست جميعها شكاوي ابتزاز كون المركز أيضاً يقدم خدمات حلول تقنية، لأن بعض الشكاوي تكون للمساعدة التقنية تصادفهم في الإيميلات أو في تطبيقات التواصل الاجتماعي أو في أجهزتهم الرقمية وهكذا.. ولكن أغلب الشكاوي بل معظمها هي من فتيات تعرضن للابتزاز الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي أو تم اختراق إيميلاتهن الشخصية وانتهاك خصوصية بياناتهن من صور ورسائل وبيانات هامة".
وعن أسباب الوقوع في شباك الابتزاز بينت "السبب الأول والأساسي هو قلة الوعي بأساسيات الأمن الرقمي تلك الأساسيات التي يمكن أن تؤمن لهن الخصوصية والأمان في حساباتهن الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً تأمين إيميلاتهن، وأيضاً عدم معرفتهن بمفهوم الهندسة الاجتماعية كون غالبية مشاكل الابتزاز تأتي عن طريقها كونهن يثقن بأي روابط تأتي لهن من أشخاص غريبين يطلبون منهن الضغط على الرابط ليقعن في الفخ بسهولة، ومن أهم الطرق التي تقع فيها الفتيات في هذا الفخ هي تثبيتهن لتطبيقات قد تكون شائعة ولكن بها ثغرات كبيرة يستغلها الهاكر ليقوم باختراق الإيميل والسيطرة عليه بكل ما فيه من بيانات وحسابات وصور وغيره، وقائمة الأسباب تطول".
 
مواجهة جرائم الابتزاز 
وعن عمل المنظمة قالت المهندسة نور خالد "نحن كجهة توعوية بشكل أساسي نعمل على نشر التوعية لتجنب وقوع الفتيات، نقوم بشكل دوري بعمل دورات وورشات تدريبية تستهدف الفتيات بشكل اساسي في رفع الوعي لديهن بأهمية الأمن الرقمي وتقديم المعلومات الأساسية التي قد تفيدهن في تجنب الوقوع في هذا الفخ ولكن في حال وقوع أحدهن في فخ الابتزاز الإلكتروني، تلجأ إلينا ونحن بدورنا نقوم بالتحري من خلال محادثات التهديد والابتزاز وبعد التأكد نقوم بتقديم نصائح معنوية أولاً لها كي لا تخاف وتُجاري من يهددها وتلبي طلباته، ومن ثم نقوم بالتواصل بشكل رسمي مع شركة فيسبوك كوننا "شركاء موثوقون لها" فنرسل حساب الشخص المُهدَّد ومعه بيانات التهديد من رسائل وغيرها وننتظر حتى يتم تقفيل الصفحة بشكل نهائي وحظر الهاكر أيضاً".
وحول الصعوبات التي تواجه عمل منظمة يوديت أوضحت "هناك الكثير من الصعوبات غالبيتها من قبل الفتيات اللواتي تعرضن للابتزاز، بسبب خوفهن الكبير عندما نطلب منهن الحضور للمركز أو أحياناً يرفضن إعطاء أي معلومات شخصية ويتم التبليغ من حسابات وهمية ونحن نعذرهن لأن الابتزاز هنا جريمة قد تُعاقب عليها الفتاة التي لا ذنب لها وأكثر عائق قد تواجهه أي فتاة في بلادنا هو عدم وجود قانون رادع لمثل هذه الجرائم الإلكترونية التي يُعتبر الابتزاز الإلكتروني على رأسها، مما يعطي الهاكر والمبتزين الحرية في اللعب في أعراض الفتيات واستغلال خوفهن، فمن أمن العقوبة أساء الأدب". 
"نحن جهة توعوية بشكل أساسي... ولكن نعمل بجهد على أن يكون هناك تواصل بيننا وبين الجهات الأمنية لكي نستطيع إخراج تصاريح تمكننا من العمل بشكل أوسع وتوفير أمان أكثر" هكذا أجابت عن تساؤلنا حول العمل مع الجهات الأمنية.
 
نصائح هامة 
وقدمت نور خالد نصائح هامة للفتيات "النصيحة الأولى والأساسية هي عدم الخوف ابداً فالابتزاز الإلكتروني هو حادث قد نتعرض له جميعنا ولهذا علينا جميعاً أن ندرك أن عالم الإنترنت فيه مخاطرة كبيرة مثل فوائده أيضاً.. لذلك عليهن بالتوعية الدائمة بأساسيات الأمان الرقمي لكي يتمكنن من حماية أنفسهن من أي خطر وهذه بعض النصائح التقنية الاساسية، كما عليهن عدم الوثوق بأي شخص خلف الشاشة وحتى وأن كان قريباً، والشك الدائم في أي رابط يرسل إليهن والتي يجب فحصه عبر موقع "virus total"، إلى جانب تأمين إيميلاتهن وحساباتهن الشخصية بكلمة سر، والتحديث الدائم للتطبيقات وتجنب تنزيل البرامج من أماكن غير معروفة، بالإضافة إلى الحذر من برنامج "سناب شات" وتأمينه عند استخدامه لما فيه من ثغرات تُسهل على الهاكر اختراقه".
واختتمت المهندسة نور خالد حديثها بالتشديد على ضرورة مساندة النساء ضحايا الابتزاز قائلة "أود من خلال وكالتكم أن أوجه ثلاث رسائل أساسية لكي نتمكن من محاربة المبتزين، الأولى للفتيات أختصرها، لا تخافي نحن جميعنا معكِ، الثانية للأهل يجب عليهم احتواء الفتيات لأن الابتزاز الالكتروني فخ قد تتعرضوا أنتم له فلا تحملوا بناتكم مسؤولية أُناساً عديمي الضمير فعدوكم الحقيقي هو الهاكر وليس من تعرضن للابتزاز، ورسالتي الثالثة والأخيرة للحكومة اليمنية عليهم بشكل عاجل إصدار قانون جرائم إلكترونية يُجرم الابتزاز الإلكتروني الذي يعتبر جريمة كبيرة قد تصل عقوبته في دول أُخرى من 3 سنوات إلى 5 سنوات، مع غرامة كبيرة جداً تختلف من دولة لأخرى، فالابتزاز الإلكتروني سبب رئيسي في تفاقم قضايا الشرف في بلدنا وقد راح ضحيته العديد من الفتيات".
وعلى الرغم من أن القانون اليمني حدد عقوبة الابتزاز بالمادة 313 والمادة 254 من قانون الجرائم والعقوبات بالحبس خمس سنوات لجريمة الابتزاز أو الغرامة وجعل للقاضي السلطة التقديرية في أي من العقوبتين يأخذ حسب حال الجريمة، إلا أن جرائم الابتزاز الإلكتروني ازدهرت بسبب غياب الدولة وضعف سلطة القضاء في مختلف المدن اليمنية وعجز الأجهزة الأمنية على مواكبة التطور التقني من خلال إنشاء مباحث انترنت لمكافحة الجرائم الإلكترونية المختلفة وإيقاف شبكات الابتزاز التي تستغل ثغرات الانترنت وتعمل من خلال صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية.