نساء في مخيمات إدلب تسعين لردم الفجوة التعليمية

القطاع التعليمي في مخيمات إدلب بالشمال السوري يعاني تردي ملحوظ في مستوياته، كما حرم آلاف الأطفال من حقهم في التعليم بسبب النزوح وتدمير المدارس والانفلات الأمني.

لينا الخطيب

إدلب ـ في مخيمات إدلب العشوائية التي يخلو معظمها من المدارس والمراكز التعليمية تطوعت عدد من النازحات لتعليم الأطفال وتعويضهم عما فاتهم بهدف خفض نسبة الأمية في صفوفهم.

بهدف مواصلة الأطفال رحلتهم التعليمية والتقليل من نسب الأمية، تطوعت عدد من النازحات في مخيمات إدلب في الشمال السوري لتعويض الأطفال ما فاتهم من العلم على أمل بناء مستقبل أفضل لهم، حيث قالت مدرسة للغة العربية النازحة من مدينة سراقب إلى أحد مخيمات بلدة حربنوش شمالي إدلب سهى الكرامي البالغة من العمر 33 عاماً "أعلم الأطفال في المخيم القراءة والكتابة وأساسيات العمليات الحسابية، بعد أن حرمتهم الأزمة من إتمام تحصيلهم العلمي على مدار الثلاثة عشر عاماً، فإلى جانب النزوح والدمار تدهورت قطاعات حياتية مختلفة في البلاد أبرزها التعليم، الأمر الذي أثر سلباً على عدد كبير من الأطفال وحرمهم من حق التعليم، لذا قررت مساعدتهم بالإمكانيات المتاحة".

وأكدت على عدم وجود مقاعد ومدافئ ومحروقات ولا خيم لاستخدامها كمدارس تفي بالغرض المطلوب، لذلك يجبر الأطفال على الجلوس على الأرض وفي البرد القارص حتى يحصلوا على معلومات حتى لو كانت بسيطة، مضيفةً أن حلقات التعليم التي تقوم بعقدها لاقت إقبالاً كبيراً من قبل الأطفال، حيث لم يمضِ على عقدها أكثر من شهرين حتى وصل عددهم فيها إلى50 طفل، كما تحاول أيضاً تعليم النساء "الأميات" الكتابة والقراءة.

سهى الكرامي ليست المرأة الوحيدة التي تطوعت لتعليم الأطفال وانتشالهم من ظلام الجهل إلى نور المعرفة، أنه حال مرام الشيخ طه البالغة من العمر 25 عاماً وهي نازحة من مدينة معرة النعمان إلى مخيم كفر يحمول شمالي إدلب، حيث تطوعت لتعليم أطفال المخيم، وتقول "حصلت على شهادة التعليم الثانوي، وحين انتقلت للعيش في هذا المخيم لاحظت أن الأطفال في المخيمات حرموا من حقهم في التعليم، وقد أحزنني ذلك كثيراً أنهم لا يعرفون قراءة أي كلمة مهما كانت بسيطة، لذا قررت مساعدتهم على الرغم من الخطر، وبدأت باستقبالهم في خيمتي بشكل يومي بهدف تحسين مستواهم العلمي".

وأضافت "لاحظت أن الطلاب عانوا كثيراً جراء ما عاشوه من مشاهد القتل والدمار والتهجير، لذا أحاول قدر المستطاع الرفع من معنوياتهم وكسبهم الثقة بأنفسهم وتشجيعهم على مواصلة التعليم كونه السبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل لهم".

عائشة البوشي البالغة من العمر 38 عاماً نازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم كللي شمالي إدلب، وأم لأربعة أطفال حرموا من حقهم في التعليم بسبب الانفلات الأمني وتدمير المدارس، تقول "الفقر والنزوح حرم أطفالي من التعليم وانعدام الأمان والاستقرار، لذلك أجبر أبني الأكبر على التوجه للعمل، فيما بقي أخوته الثلاثة في المنزل"، مضيفةً "عندما قامت إحدى النساء بالتطوع لتعليم أطفال المخيم، التحق أطفالي بالحلقات التعليمية وكانوا في غاية السعادة، لقد قمن بتعويضهم بكل ما فاتهم واستذكار ما تعلموه سابقاً قبل النزوح".

وعن وضع التعليم في مخيمات إدلب قالت الموجهة التربوية أمينة البدوي من مدينة قاح شمالي إدلب "لقد تم تدمير المدارس والمراكز التعليمية في معظم مدن الشمال السوري، والدعم معدوم تجاه المجال التعليمي في المخيمات على عكس ما تروج له المنظمات التي تدعي أنها إنسانية، لقد حرم الأطفال من حقهم في التعليم، أنها أبرز تبعيات الأزمة السورية وأشدها تدميراً، لقد وقع جيل كامل في براثن الجهل والأمية، هذا ما كانت تسعى لتحقيقه الدول الرجعية والاستعمارية، فمن منظورها أن تدمير الأطفال تعليمياً يسهل عليها احتلال الأرض وجعلهم متخلفين ليس لديهم وعي إزاء ما يحدث وما تفعله هذه الدول من نهب وسرقة.

وأضافت أمينة البدوي أنه "لازالت الصعوبات والتحديات تواجه القطاع التعليمي في الشمال السوري وعلى رأسها الانفلات الأمني والنزوح والفقر الذي زاد من نسبة عمالة الأطفال وارتفاع التكلفة المعيشية وعدم قدرة الأهالي على تأمين مستلزمات الطفل التعليمية، إضافة إلى حالات الزواج المبكر وغيرها من الأسباب".

يعيش آلاف الأطفال السوريين حياة صعبة في إدلب التي تغص بمئات المخيمات العشوائية، وحرموا من التعليم، لتكون المبادرات التطوعية من قبل نساء نازحات بصيص أمل للعودة إلى مقاعد الدراسة والحصول على أبسط حقوقهم.