نغم لدادوة: غياب زوجي كان مفاجئ وسبب أزمة نفسية لطفلّي

مع اعتقال أحمد اضطررت للانتقال إلى بيت عائلتي لصعوبة العيش لوحدي مع أطفالي، غيابه كان مفاجئ وشكل صدمة على الأطفال

تحرير بني صخر 
رام الله ـ ""، تقول نغم لدادوة زوجة الأسير أحمد عبد الكريم. 
تحاول الفلسطينية نغم لدادوة (29) عاماً من المزرعة الغربية شمال غرب رام الله، وهي أم لطفلين أن تقف على قدميها متمسكة بأمل أن يستنشق زوجها الحرية مجدداً.
اعتقل "الاحتلال الإسرائيلي" أحمد عبد الكريم إدارياً في الخامس من شباط/فبراير 2020، من منزله في بلدة بيرزيت، وقبع في سجن الجلمة في حيفا للتحقيق معه على مدى 22 يوماً وفيما بعد تم نقله إلى سجن مجدو على مفترق مجيدو في المنطقة الشمالية في إسرائيل.
تقول نغم لدادوة "ما يزال أحمد موقوفاً لدى الاحتلال الإسرائيلي والمحاكم تؤجل محاكمته، حيث لا يوجد شيء واضح فيما يخص الموعد القادم للمحاكمة أو الفترة التي سيقضيها في السجون، إضافةً إلى أن التهم الموجهة ضده غير واضحة أيضاً، لكن في البداية كانت التلميحات تدل على أن سبب الاعتقال هو النشاط السياسي خلال دراسته الجامعية، لإدارة الأعمال في الكلية العصرية". 
وجددت المحكمة الإسرائيلية الاعتقال الإداري بحق الأسير أحمد عبد الكريم للمرة الثانية لمدة 4 أشهر وذلك في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2020.
ويعتبر الاعتقال الإداري إجراءً تلجأ إليه إسرائيل لاعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمةٍ محددة ودون محاكمة، مما يحرم المعتقلات والمعتقلين ومحاميهم من معرفة أسباب الاعتقال، وغالباً ما يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل ولمرات متعددة.
 
العبء مضاعف
تقول نغم لدادوة التي تحمل شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة بيرزيت عام 2013، أن "تجربة غياب الزوج والأب صعبة جداً، فغياب شريك الحياة بشكل كامل صعب من جميع النواحي، فالحياة الزوجية هي مسؤولية مشتركة، اليوم أنا أحمل كل المسؤوليات لوحدي". 
وعن الأعباء المادية التي ألقيت على عاتقها تقول "فيما يخص الناحية المادية من مصاريف وغيره كان التأثير كارثي حيث لم أكن أعمل وكان لدينا التزامات شهرية معينة من ضمنها إيجار المنزل وقسط المدرسة، إضافةً إلى احتياجات البيت الأساسية مما شكل عبء مضاعف عليَّ خاصة أن اعتمادنا الوحيد على دخل أحمد والذي كان يعمل موظف حكومي، في البداية لم أجد عمل والالتزامات كبيرة لذا اضطررت لترك البيت والانتقال للعيش مع عائلتي". 
حاولت نغم لدادوة جاهدة البحث عن عمل في ظل ظروفٍ معيشية صعبة إضافة للحجر الصحي "من أجل أن أكون أب وأم بنفس الوقت بحثت جاهدة عن عمل بالرغم من صعوبة الأمر بسبب جائحة كورونا، لكنني بعد أشهر حصلت على عمل كمحاسبة بغير مجال دراستي".
إن التحديات التي تواجهها ليست مادية فقط لكنها كما تقول تفتقد الصديق والشريك "في الحقيقة أن اعتقال الزوج يضع الزوجة بتحدي كبير، فأحمد لم يكن مجرد زوج بل صديق روح يدعمني في نجاحي وتميزي وهو من أشاركه أفكاري وأحلامي ويساعدني على تحقيقها لكن باعتقاله فقدت كل ذلك، فقدت الملجأ والأمان". 
الآلام النفسية ألقت بظلالها على زوجة الأسير ولا أمل في إطلاق سراحه "غياب أحمد ترك فراغ داخلي عظيم، فقد مر على زواجنا ٦ سنوات ونصف ولم تكن حياتنا الزوجية تقليدية، باعتقاله كنت أعد الليالي والأشهر التي أرهقتني، والأمر الذي زاد الطين بلة فقدان أحمد لوالدته، حيث توفيت بعد اعتقاله بأسبوع ما تسبب له بوعكة صحية شديدة ولم أكن معه لمواساته، كل ذلك شكل أزمة في حياتي وأدخلني بحالة نفسية أثرت على أطفالي".
وعن تأثير اعتقال زوجها أحمد عبد الكريم على أطفالها تقول "تأثير الاعتقال على أطفالي كان متفاوت نتيجة لأعمارهم فالطفل الأكبر بعمر 5 سنوات كان متعلق بوالده كثيراً وغيابه أثر عليه بشكل كبير خاصة أن أول شهور من اعتقاله غُيب بشكل كامل، دون زيارات ولا محاكم وبالطبع لا يوجد اتصال، بمعنى أوضح لم نكن نعرف عنه شيء، كل هذا أثر على نفسية الطفل، أما الطفل الأصغر والبالغ من العمر سنة فقط فلم يكن مدركاً لمعنى كلمة أب وحرم منها". 
 
المناضلات الحقيقيات
"تجربتي بأسر زوجي لا تقارن بتجربة الزوجات اللاتي حكم على أزواجهنَّ بالأحكام العالية أو المؤبد، أستطيع القول إنهنَّ المناضلات الحقيقيات فهنَّ يقدمنَّ دون مقابل، لكون العبء الذي يكون عليهنَّ لا يمكن وصفه سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية".
بعد خمسة أشهر من اعتقال أحمد عبد الكريم سمح لزوجته نغم لدادوة بزيارته للمرة الأولى وكان ذلك في آب/أغسطس 2020، لم تتعدى مدة تلك الزيارة النصف ساعة.
وفيما بعد سمح لها بالزيارة الثانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، "كانت أطول 45 دقيقة تقريباً".
ألقت نغم لدادوة باللوم على المعنيين بشؤون الأسرى "بشكل عام المؤسسات التي تعنى بالأسرى ربما لا توجه جهودها بالشكل المطلوب، ففي آخر زيارةً لي لأحمد قمت بسؤاله عن ظروف الاعتقال في السجن فأخبرني أن البرد قارس ولا يوجد وسائل تدفئة كافية، كما أن الأغطية خفيفة لا تفي بالغرض". 
وعن ظروف الأسرى في السجون بينت أن "هناك تفاصيل حياتية للأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيلية لا يتم تسليط الضوء عليها، مثلاً مع إصابة عدد من الأسرى بفيروس كورونا، لم تعر السجون الإسرائيلية اهتماماً واكتفت بتزويدهم بالمسكنات فقط، صحيح أن هذا احتلال ونحن الطرف الأضعف لكن يجب أن نضغط بشكل أكبر لحماية الاسرى في السجون".
والجدير ذكره أنه حتى نهاية كانون الثاني/يناير 2020 قد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل قرابة الـ 5000 أسير منهم 42 أسيرة تعيش أوضاعاً صعبة، في ظل ممارسة سياسة العزل الانفرادي، وسيف الكاميرات المراقبة المسلط عليهنَّ، والإهمال الطبي المتعمد، بحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.