نازحة تمتهن الخياطة رغم الظروف الصعبة

تحت خيمة صغيرة في مخيم تل السمن لنازحي مدينة تل أبيض استطاعت رغداء عبد الحسين تحدي جميع الظروف بماكينة خياطة وبجهد وإصرار، إعالة أسرتها وتثبت أن المرأة قوية وقادرة على مواجهة كل الصعوبات.

يسرى لأحمد

الرقة ـ يأوي مخيم تل السمن الذي تأسس عام 2019 نازحي/ات مدينة تل أبيض/كري سبي عقب احتلالها من قبل تركيا وفصائلها، وتواجه النازحات فيه ظروف صعبة، وتعملن في مجالات مختلفة وتعتبرنه أملهن الوحيد للعودة إلى منازلهن.

تقول رغداء عبد الحسين إحدى النساء اللواتي لا تزالنا تدفعن فاتورة ما تركته الحرب على أسرتها بعد إصابة زوجها أثناء احتلال مدينتها "بعد القصف التي تعرضت لها مدينتنا وأطلاق الرصاص الحي على المدنيين تعرض زوجي لإصابة في قدميه مما أدى إلى أصابته بشلل في أطرافه السفلية، وبحُكم أعاقة زوجي أجبرت على العمل لأتمكن من إعالة أسرتي وشراء الأدوية لزوجي".

وأوضحت أنه بعد سماعها بافتتاح ورشة خياطة نسائية يقدم تدريبات مهنية للنساء في مجال الخياطة كتعلم القصات والموديلات لم تتردد عن الانضمام إليها "منذ صغري لدي شغف بخياطة الملابس كون أمي كانت تعمل في هذا المجال، ولدي اطلاع على كل ما يخص الخياطة من قصات وموديلات فكنت أجلس دوماً إلى جانبها واشاهدها كيف تعمل، لذا قررت التعلم لأزيد من خبرتي أكثر".

وأوضحت أنه إلى جانب حبها لمهنة الخياطة فهو مجال مناسب لها كونها تستطيع العمل داخل المنزل "لا أستطيع ترك زوجي وأطفالي لوحدهم لذلك كان هذا المجال مناسب جداً لظروفي".

وعن صعوبات التي تواجهها أثناء عملها أشارت إلى أن المخيم يفتقر للعديد من الخدمات الأساسية ومتطلبات الحياة كالكهرباء والمياه "في فترات انقطاع الكهرباء لا أستطيع العمل بالشكل المطلوب مما يؤدي إلى تأخير تسليم الطلبات في الوقت المحدد الأمر الذي يؤثر سلباً على عملي".

وحول نسبة الأقبال والطلبات على عملها قالت رغداء عبد الحسين إن "عدد النساء اللواتي تعملن في الخياطة داخل المخيم قليل جداً، إذ تجبر العديد منهن لقطع مسافات خارج المخيم، لقصد محلات وورشات الخياطة، لذلك ساهم عملي بتوفر تكاليف وأعباء كبيرة عليهم وهذا ما زاد نسبة الطلبات لدي".

وأكدت أنه على الرغم من الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة داخل خيم لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف، إضافة لفقدان العديد من الخدمات في القطاع الصحي والتعليمي، ألا أنهم لن يستسلموا وسيقاومون فهو سبيليهم وأملهم الوحيد للعودة إلى منازلهم ومدينتهم، معتبرةً أن عملها في مجال الخياطة نضال وكفاح، ولتثبت أن المرأة قادرة وقوية ولن ترضخ للظروف".

وأضافت أن للعمل أهمية كبيرة خاصةً للنساء داخل المخيم كونه سبيلهن الوحيد للمقاومة ضد كل الظروف التي تعشنها، فالمرأة هي من أكثر المتضررين في النزوح حيث يقع على عاتقها تولي وإدارة كافة المسؤوليات الأمر الذي سيمنحها القوة والثقة بنفسها أكثر للاستمرار في المقاومة".

واعتبرت أن عملها في مهنة الخياطة بمثابة فسحة من الأمان والراحة النفسية "في الأوقات التي أشعر فيها بالضغط النفسي أجلس على ماكينة الخياطة وأبدأ بالعمل، فهذا يساعدني على تفريغ الطاقة السلبية التي نعيشها في مخيمات النزوح يومياً".

وفي ختام حديثها وجهت رغداء عبد الحسين رسالة إلى جميع النساء بأن لا تستسلمن لأي ظرف كان، فالمرأة هي المُستهدفة الأولى في كل حرب كونها القوة الأساسية للمجتمع، لذا مها فعل المُحتل لن يستسلموا وسيحاربون ويناضلون حتى تحرير ارضهم من المحتل التركي.