نازحات عفرين... بمقاومتهن في المهجر تخلقن حياة جديدة
تثقل الحرب كاهل الآلاف من مهجري عفرين في مقاطعة الشهباء، بالإضافة إلى الآثار النفسية التي تتسبب بها كونهم يعيشون في مخيمات لا تقي من برد الشتاء وحر الصيف، ولافتقارهم لأبسط مقومات الحياة، وخاصة الأطفال لاختلاف الواقع الذي يعيشونه مع غيرهم.
روبارين بكر
الشهباء ـ تستمر مقاومة أهالي عفرين في المهجر منذ خمس سنوات، رغم كافة الظروف الصعبة والمعاناة التي يعيشونها، مؤكدين أن المعاناة تكسبهم القوة والعزيمة والإصرار.
حول تأثير الحروب والأوضاع التي تتعرض لها مقاطعة الشهباء من هجمات مستمرة من قبل المحتل التركي وحصار حكومة دمشق على الحالة النفسية للمهجرين أوضحت المرشدة الاجتماعية بمقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا هيهان علي "تعد النساء والأطفال أكثر المتضررين أثناء الحروب والأزمات، كما يتسبب التهجير بظواهر اجتماعية واضطرابات نفسية لدى الغالبية، فمناطق النزوح التي تكون عبارة عن مخيمات أو منازل مدمرة غير مؤهلة للسكن، وهذا الأمر بحد ذاته مشكلة ينتج عنها الكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية وخاصة إن طالت مدة السكن ضمن هذه البيوت الغير آهلة، ومع عدة عوائل في منزل واحد أو في خيمة لا تتجاوز مساحتها 20 متر مربع، وفي ظل انعدام كامل لمقومات الحياة".
وأوضحت أنه "في حال الحروب تفتقد بعض النساء المعيل والتي يؤثر بشكل مباشر على أوضاعهم، مما يتسبب في اضطرابات نفسية وسلوكية، والتي تؤدي إلى خلل بالنسيج الاجتماعي".
وبينت أن "الظروف التي يعيشها الأطفال تؤثر على حياتهم، ففي بعض الحالات نلاحظ من خلال تجولنا في المخيم بأن الأطفال أثناء اللعب يستخدمون بعض الألعاب ويحولونها إلى أدوات خطيرة كتحويل العصا إلى سلاح، وذلك يعود إلى تأثير المحيط الذي يعيشونه والظروف التي مروا بها".
وأضافت "إن الحصار تسبب في عدم توفير الكتب المدرسية والتي ساهم في تأخير التعليم وتسرب الطلاب من المدارس، وميولهم للعمل هرباً من الوضع الذي يعيشونه والأزمات التي يتعرضون لها، فالمنطقة تفتقر إلى لجان الدعم النفسي وجلسات توعية وإرشاد للتخلص من الاضطرابات التي تنتج بسب النزوح والأزمات والحروب".
وناشدت هيهان علي جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية أن تقوم بواجبها حيال الوضع المأساوي الذي يعيشه مهجري عفرين في المخيمات وتقديم المساعدات والمستلزمات الضرورية واللازمة لتوفير احتياجات الأطفال والنساء والوقاية من تعرضهم لضغوط نفسية واجتماعية أكثر.
وحول المعاناة التي يواجهها المهجرين أوضحت أسماء محمد من مهجرات عفرين القاطنة في مخيم برخدان "في المخيمات نجد صعوبة كبيرة في العيش والتأقلم مع هذا الوضع كون المخيمات قريبة من بعضها، والأوضاع التي نمر بها تؤثر بشكل سلبي على نفسيتنا، ففي الفترة الأخيرة ازدادت الحالات المرضية وخاصة لدى النساء كون المرأة تعاني بشكل أكبر من هذه الأوضاع".
وأضافت "عندما ننظر إلى أطفالنا ولا نستطيع أن نقدم لهم كل ما يحتاجون أو نؤمن لهم كافة متطلباتهم وخاصة مستلزماتهم المدرسية نعاني من اضطرابات نفسية".
وأكدت أنه رغم كل الظروف فهم مستمرين بالمقاومة "بالرغم من المعاناة والأوضاع التي نتعرض لها، لن نتخلى عن مقاومتنا، وسنفشل مخططات العدو، ومهما أثرت هذه الأوضاع على نفسيتنا لن يستطيع المحتل الكسر من إرادتنا وإرادة أطفالنا، وسيستمرون بدراستهم التي ستكون سلاح في وجه سياستهم".
وبدورها قالت الطالبة زينب خلو "الطالب في المخيم يعاني بشكل كبير أن كان بين المجتمع أو ضمن العائلة وحتى في المدراس والسبب عدم توفر مقومات الحياة الأساسية".
وأكدت أن "خمسة سنوات من النزوح علمتنا بأن المعاناة تكسبنا القوة والعزيمة والاصرار على الاستمرار بالطريق الذي أخترناه في النزوح وإلا وهو طريق المقاومة، فالاحتلال يستهدف بالدرجة الأولى اللغة وعلى هذا الاساس يزداد ارتباطنا بلغتنا".
ووصفت زينب خلو في نهاية حديثها مقاومتهم في الشهباء بإحياء حياة جديدة "يقولون المقاومة حياة ولكن في الشهباء الحياة أصبحت مقاومة، وفي النهاية مقاومتنا ستنتصر في وجه العدو".