نازحات إدلب... لا تمكين ولا فرص ولا حتى خصوصية

مع اقتراب دخول الأزمة السورية عامها الثاني عشر، لا زالت مستويات الحاجة الشديدة للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد وتحديداً في إدلب في تصاعد

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، وتواجه النساء الحمل الأكبر منها.
ما يزال الوضع الأمني يشكل أزمة حماية كبيرة حيث تتعرض النازحات لمخاطر متعددة تتعلق بالأعمال القتالية الجارية وآثار النزوح المستمرة والممتدة والظروف البائسة في المخيمات ومراكز الإيواء الجماعية واستنزاف الموارد الاجتماعية والاقتصادية ما يدفع لاستراتيجيات تكيف ضارة كعمالة الأطفال والزواج المبكر.
"نحن بحاجة لمن يشعر بنا وبمعاناتنا" هكذا بدأت روان العمر (٣٥) عاماً، والتي تقيم في مخيمات أطمة الحدودية بعد نزوحها الأخير من بلدتها حيش بريف إدلب الجنوبي منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حديثها عن احتياجاتها.
وتضيف أنها بحاجة لعمل يؤمن لها دخلاً تستطيع من خلاله الإنفاق على نفسها وأبنائها الأربعة ومساعدة زوجها المريض بالسكري والذي نادراً ما يجد عملاً وسط ظروف الفقر والغلاء، مشيرةً إلى أن حياتها في المخيم تفتقر الكثير من الاستقرار والخصوصية والأمان والرعاية الصحية.
وتستذكر إحدى الحوادث المؤلمة حين أصيب طفلها البالغ من العمر خمسة أشهر بحمى فجائية في وقت متأخر من الليل ولم تتمكن من اصطحابه إلى أي مكان نظراً لبُعد المخيم عن مراكز المدن وخلوه من أي نقاط طبية طارئة، واضطرت لوضع الكمادات الباردة له طوال الليل والتي لم تفلح بانخفاض حرارته ما تسبب له بشلل وضمور دماغي.
يبدو المشهد في مخيمات إدلب وبعد مضي سنوات عجاف على الإقامة فيها دون بصيص أمل يعيد النازحين إلى مناطقهم ومنازلهم وتضاءلت وبشدة قدرة الناس على التكيف في المخيمات الأكثر تضرراً والتي تخلو من الخدمات الأساسية وعلى نطاق واسع، بما في ذلك قطاعات الصحة والمأوى والغذاء والتعليم والمياه والصحة.
 لم تنسى ربا الحسين (٢٧) عاماً، الحرج الذي تعرضت له فترة ولادة ابنها الأول، حيث انعدام الخصوصية في المخيم العشوائي الذي تقيم فيه على أطراف مدينة سرمدا الحدودية، وتقول "يصعب التكيف في مكان يخلو من أي مقومات للعيش الصحي السليم، صراخي من ألم المخاض سمعه الجميع، عدا عن صعوبة وصولي لدورات المياه البعيدة عن الخيمة كل حين، وافتقارها النظافة والمياه".
ولم ترى أي نشاطات لمنظمات تمكين المرأة التي لطالما تغنت بمساعدتها النساء على اكتساب المهن وتأمين فرص عمل، وتؤكد "نحن هنا بأمس الحاجة لدورات التمكين والتدريبات التي نسمع عنها في مخيمات ومناطق أخرى، إنها تتوجه لمناطق بشكل مكثف في حين تخلو مناطق أخرى من أي نشاطات من هذا النوع رغم أهميتها بالنسبة لهم".
من جهة أخرى قالت ناديا زيدان (٣١) عاماً، وهي ناشطة مجتمعية وعاملة في المجال الإنساني ومدربة تماسك مجتمعي ومهارات التفاوض، أن موضوع المرأة وتمكينها في الداخل السوري وتحديداً في إدلب يتصدر أولويات عمل منظمات المجتمع المدني، وتتنوع مشاريعها بين تنموية ومجتمعية ومهنية وتهدف من خلالها إلى مشاركة المرأة في العمل المجتمعي، وزيادة دخل الأسرة، والاستمرارية في العمل والتوسع فيما بعد، وتغيير صورة المجتمع للمرأة العاملة ودعمها.
وتعترف أن المشاريع تبقى أقل بكثير من الاحتياج، وأن هنالك الآلاف من النساء المعيلات الباحثات عن فرصة عمل، في حين تواجه المنطقة انعدام في فرص العمل وعدم وجود مساحة استيعابية للجميع يجعل نسبة النساء المستفيدات ضئيلة جداً لا تتجاوز 5%.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي نصف المرافق الصحية في سوريا قد أصبحت غير صالحة للعمل، ولا يزال العنف القائم على النوع الاجتماعي يؤثر على حياة النساء والفتيات، وتتحمل المراهقات والأسر التي تعيلها نساء وخاصةً الأرامل والمطلقات وطأة الحرب وتداعياتها.