ناشطات ليبيات تؤكدن على أهمية توعية النساء بآليات التصدي للعنف الأسري
رغم ارتفاع نسب العنف الأسري داخل المدن والمناطق الليبية ضد المرأة، لم تتمكن الحكومة من وضع حد أو حلول لحماية النساء، معنوياً ومادياً، ما أدى إلى تفاقم آفة العنف بأشكالها المختلفة.
هندية العشيبي
بنغازي ـ يشكل العنف الأسري ضد المرأة تهديداً خطيراً داخل المجتمع الليبي، فهو نتاج لأسباب اجتماعية ومجتمعية تزرع في التربية منذ الطفولة، بأن المرأة أقل قيمة من الرجل، وتمنحه الحق في تعنيف المرأة معنوياً وجسدياً.
يتم التعامل مع العنف الأسري في ليبيا بموجب قانون الأسرة الذي لا يتضمن أي عقوبة محددة لممارسة العنف الأسري، ولا يوضح آلية يمكن للمرأة عن طريقها الحصول على الحماية لمنع حدوث العنف الأسري داخل المنزل.
ألتقت وكالتنا مع عدد من الناشطات الليبيات والحقوقيات والمرشدات النفسيات حول العنف الأسري الذي ازداد بشكل كبير خلال الأعوام الاخيرة ، للتعرف على أسبابه والعوامل المساعدة على انتشاره داخل الاسرة.
حيث قالت الكاتبة والناشطة الثقافية رحاب شنيب إن النساء تتعرض داخل الأسرة لأشكال عديدة من العنف، منها اللفظي والمعنوي والجسدي، وأن المرأة داخل بعض الأسر تكون عاجزة حتى على اتخاذ أي قرار خاص بها، بل وتحرم احياناً من حقها في اختيار الوظيفة التي تريدها أو التخصص الدراسي الجامعي الذي ترغب في دراسته.
وأضافت أن بعض العائلات تتعامل مع المرأة على أنها ذات درجة متدنية، حيث تزرع في نفوس ابنائها النظرة الدونية للرجال تجاه المرأة، ما يؤثر بشكل سلبي على علاقة الأبناء بالمرأة في المستقبل.
وشددت على أن العنف الاسري له أثار على المدى القريب والبعيد للمرأة، حيث يؤثر هذا العنف على سلوك المرأة وعملها، كما يؤثر على دورها المعطاء داخل المجتمع ويحد من مشاركتها المجتمعية والسياسية، ما ينعكس سلباً على المجتمعات وتنميتها وتطورها.
ومن جانبها قالت الاخصائية والمرشدة النفسية آمال أبراهيم أن المرأة تتعرض للعنف داخل الأسرة منذ الولادة، حيث تتعرض لأشكال متعددة من العنف منها النفسي والمتمثل بالتقليل من قيمتها أسوة بالرجل، والتقييد من حريتها وتوبيخها بشكل مستمر والتعامل معها على أنها لا شيء داخل المجتمع، كما تتعرض للعنف الجسدي كالضرب والتعذيب والاعتداء والتحرش، لكونها امرأة فقط.
وأوضحت أن ضعف التوعية وعدم إدراك المرأة لدورها الحقيقي داخل المجتمع يعتبر أحد العوامل المساعدة على زيادة وتيرة العنف ضدها، مؤكدة على أنه للتوعية دور كبير في التصدي لأشكال العنف المختلفة كالعنف المعنوي الذي يتمثل في الإساءة اللفظية والشعور بتدني الذات، فرض الآراء، والعنف الجسدي الذي يجسد في الضرب والتعذيب والحبس.
وحول دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية قالت إن دورهم يتمثل في التوعية والتثقيف والرفع من الوعي المجتمعي لجرائم العنف ضد المرأة، المتمثلة في العنف الأسري ومساعدة المعنفات في الحصول على المكان المناسب لها لتتجاوز الأذى النفسي والجسدي الذي تعرضت أليه داخل الأسرة، مؤكدة أن الجهود في ليبيا لمكافحة العنف ضد المرأة الذي زادت وتيرته العام الماضي، مستمرة عبر الضغط على الجهات التشريعية لإصدار قوانين لحماية النساء وتمكينهن من الدفاع عن أنفسهن خاصة داخل عائلاتهن.
وقالت الناشطة السياسية والأكاديمية فاطمة المبروك أنه على الأسرة استخدام أساليب حديثة في تربية ابنائهم وتوجيه بناتهن بعيداً عن الضرب والشتم والسب والإجبار، موضحة أن العنف الأسري تفاقم بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة نظراً للظروف التي عاشها الشعب الليبي من نزوح وفقر وحتى نزاعات وحروب أثرت على الفرد والأسرة والعائلة، وأثرت عدة عوامل على تفكك العائلات اجتماعياً ونفسياً.
وأكدت على أن التوعية تساعد المرأة على معرفة حقوقها وواجباتها داخل الأسرة نفسها، وتمكنها من الحصول على حقوقها كاملة في حال تعرضها للعنف بأشكاله المختلفة، أو حرمانها من حقوقها الدستورية والطبيعية.