مؤسسات المجتمع المدني ودورها في الحد من التأثير الذي تركه الإخوان
رغم أن الفترة التي اعتلى فيها الإخوان المسلمين حكم البلاد لم تكن طويلة، إلا أنها تركت بعض الرواسب الفكرية والسلوكية على الأفراد وأثرت بشكل مباشر على مختلف مؤسسات المجتمع المدني والنسوي منها على وجه التحديد.
أسماء فتحي
القاهرة ـ خلال فترة حكم الإخوان تعطل جانب ليس بالقليل من عمل المجتمع المدني وراح البعض يخاف على ما يعتنقه من أفكار قد لا تتفق مع ما يقدمونه من طرح، وهو الأمر الذي أحبط إلى حد كبير عدد من المهتمين بقضايا المرأة وشؤونها خاصة أن أفكار المجموعة التي اعتلت الحكم حينها لم تكن ترحب بمشاركة النساء الفعالة في المجال العام.
بعد انتهاء فترة حكم الإخوان بعزل الرئيس الراحل محمد مرسي عن منصبه بل ومحاكمته على ما تم اتخاذه خلال تلك الفترة من قرارات ثم رحيله والقضاء على مظاهر الحكم الإخواني في البلاد طرحت عدة تساؤلات حول تأثير الإخوان على الأسر المصرية على مستوى الأفكار والسلوكيات وهل ستمتد لفترة أخرى أم أن الجانب الأكبر منها انتهى برحيلهم عن الحكم.
وأوضحت عدة ناشطات في مجال حقوق المرأة أن هذا الأثر لم يعد موجود إلى حد كبير وأن ما يتم العمل بشأنه والمستهدف تغييره في الوقت الحالي ما هو إلا الموروث الثقافي التاريخي الخاص بالأسر المصرية والمتعلق بالعادات والتقاليد وبعض المؤثرات الدينية المندمجة بالحياة الاجتماعية المتوارثة على مدار سنوات طويلة من الأجداد.
لم تكن هناك حرية والخوف سيطر على المخالفين لهم
قالت مديرة مؤسسة كيان مصر للتنمية والتدريب سحر شعبان، هناك تأثير بدأ مع تولي الإخوان حكم مصر وكان كبير ومخيف حينها للنساء الغير محجبات ومن تسعين لنيل جانب من الحرية في اختيار ملابسهن.
وأكدت أن الأمر تراجع في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ بفعل الدور الذي قامت به مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية خاصة العاملة على قضايا النساء في هذا الملف لإعادة الأمور لنصابها الصحيح ويمكن القول إن البعض منها قد تم بالفعل.
وأوضحت أن جميع المؤسسات عانت خلال فترة الإخوان نتيجة تأثيرهم الكبير حينها خاصة على المجتمعات المنغلقة في صعيد مصر وتحديداً في القرى الصغيرة وهو ما أودى بالكثير من الاجتهادات التي تمت في الكثير من القضايا وخاصة المتعلق منها بالنساء وجميعها ذهبت مع تولي الإخوان الحكم أدراج الرياح.
وبينت أن هناك عدد من القضايا حدث فيها تراجع كبير خلال تلك الفترة بعد ما تم تحقيقه من إنجاز بشأنها على مستوى الوعي والثقافة العامة ومنها الزواج المبكر لأنه في الوقت الذي تم العمل لسنوات على عدم تزويج القاصرات دون سن الـ 18 عام كان قطاع كبير من الإخوان ينادي بتزويج الفتيات من سن الـ 12 عام وهو ما يعد ارتداد حقيقي على منجزات العمل الحقوقي والنسوي.
وأشارت إلى أن الختان أيضاً من القضايا التي ساء واقعها في ظل حكم الإخوان وبعد سلك مسار صعب أوشك على تشريع قانون لتجريم ممارسته حدث تراجع كبير في الأمر لكون من يتولون شؤون البلاد حينها يباركون تلك الجريمة ولا يتشددون في منع حدوثها.
وبدورها أكدت الأخصائية الاجتماعية في جمعية المرأة والمجتمع إيمان سامي، أنه رغم قصر فترة حكم الإخوان، إلا أنهم أثروا في تكوين الأسرة، مؤكدة أنها تعاملت مع الكثيرون منهم وكانوا يشعرون أنهم كأفراد لديهم السلطة المستمدة من حكم الإخوان ويتدخلون في ممارسات أفراد المجتمع المحيط بهم.
وعن مشاركة المرأة في الحياة العامة أوضحت أن هذا الأمر لا وجود له مع بقاء الإخوان فمصير النساء والفتيات كان لا محالة سينتهي في المنزل ولن تخرجن حتى للعمل لأن هذا هو تفضيلهم مهما ادعوا من أفكار أخرى.
وحول مسألة الاختلاط في التعليم أكدت أن لهم رأي في ذلك لدرجة أنهم قدموا بالفعل مقترح من أجل الفصل في المراحل التعليمية المختلفة بين الجنسين، مضيفة أنهم ساهموا في تجذير الأفكار الذكورية وتعقيدها فلم يعد الأب في عهدهم وحده المتحكم في قرارات الإناث بالأسرة، بل الذكر وإن كان طفلاً هو صاحب قرار ويجب الانصياع له، والتي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا.
واعتبرت أن الكثير من الأسر تعافت من التأثير الفكري الذي حدث حينها بل ومن المخاوف التي أجبرت البعض على العيش في ظل واقع لا يرغبون فيه بعد رؤيتهم ما آلت إليه الأوضاع وانكشاف الحقائق، مؤكدة أن الموروث الثقافي الناتج عنهم شبه تلاشى.
"ما نحن بصدده موروثات عن الأجداد عمرها أقدم من نشأتهم"
وترى محامية بالنقض والمحكمة الدستورية العليا هبة سمير أن فترة حكم الإخوان عمقت من الموروثات الثقافية البالية، وما تعيشه المرأة سواء عند سيطرة الإخوان على الحكم أو قبلها نتاج تداخل الدين مع السياسة ومدى استغلال الأمر لتحقيق المصالح الشخصية.
وعن قضية الحجاب والمظهر العام وتأثره بهم أوضحت أنه لا يجوز الارتقاء بالأمور الاستثنائية لمستوى القاعدة العامة حتى تتم مناقشة تأثيرها، معتبرةً أن الاختلاط والحجاب وغيرها من الأمور كانت مطروحة بالفعل قبل الإخوان.
واعتبرت أن الشعب المصري فعلياً يتمسك بتراثه وأفكاره والتغيير فيه أمر صعب خاصة إن كان منبعه فئة معينة أو الإجبار وحال قبوله بتطوير الأفكار فسيكون ذلك نحو الرقي ولن يكون في الاتجاه الذي يعود به للخلف أو يؤثر عليه سلباً ويحجم حرية أفراده نساءً كانوا أو رجال.