متخصصة في الإحصاء تبتكر تصميم لتحليل الصور بلغة "R"
تخصص تحليل الصور إحصائياً يدعم مجالات متنوعة خاصة تلك التي تمس المرأة مباشرة والتي تعنى بحقوقها والمشاكل وأشكال العنف التي تتعرض لها.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ "الحاجة أم الاختراع" هذه العبارة تثبت مدى صحتها يوماً بعد يوم، خاصة بعد أن قامت أستاذة بقسم الإحصاء بكلية العلوم بجامعة بنغازي إلى تصميم تطبيق حديث وجديد في مجال تحليل الصور إحصائياً.
بعد أن صممت رسالة الماجستير الخاصة بها على أحد البرامج القديمة ذات النظام الصعب في مجال الإحصاء، الحاجة وخدمة المجتمع بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة دفعت الأستاذة بقسم الإحصاء بكلية العلوم بجامعة بنغازي إيمان الكرشيني إلى تصميم تطبيق حديث وجديد في مجال تحليل الصور إحصائياً.
وعن دراستها لهذا المجال أكدت أنها لم تكن رغبتها فقد كانت تميل للعلوم الطبية كغيرها من بنات جيلها، غير أنها مع دراستها التخصصية في المرحلة التي تسبق الجامعة وجدت نفسها تميل لعلوم البرمجة والرياضيات وتحليل البيانات، لذلك تخصصت بالإحصاء في المرحلة الجامعية قسم العلوم جامعة بنغازي، وتخرجت عام 2010، وحصلت على الترتيب الأول، ومن ثم تم تعيينها كمعيدة في الجامعة.
وعن تخصصها في مجال تحليل الصور قالت "السبب الرئيس لتخصصي في هذا المجال هو أن الدكتور الذي أشرف على رسالتي متخصص في ذات المجال وقدم لي إيضاحات كثيرة حوله وأنه مجال جديد، والعالم مقبل على توظيفه في عدة استخدامات وسيتم الاعتماد عليه بشكل كبير، وأن هناك تطبيقات كثيرة في العالم ستساعدني فيما بعد على إكمال دراسة الدكتوراه، وأن هذا المجال أو التخصص يمكن توظيفه في الطب أيضاً لو فكرت في التوجه إليه مرة أخرى".
وأضافت أن "تحليل الصور يمكن استخدامه في عدة علوم منها الفلك والأرض والطب، فالصورة عبارة عن مصفوفة من الأرقام تعبر عن بيانات رقمية، فنقوم كإحصائيين بتحليل هذه البيانات واستخلاص المعلومات المفيدة منها، وفي أحيان كثيرة تتعرض الصور للتلف أو تفقد جزء من ملامحها التي نقوم بتقديرها وإعادة بناءها".
ولفتت إيمان الكرشيني إلى أن "تحليل الصورة يمكن تطبيقه على أي صورة في أي مجال حيث يمكن تحويلها إلى مصفوفة من الأرقام ويتم التعامل معها وتحليلها إحصائياً، وعلى الرغم من أهمية هذه العلم إلا أنه لم يتم تطبيقه أو التعامل معه في ليبيا، حتى أنه غير معروف لدى الكثيرين، وهناك مهام كثيرة لتحليل الصور في الإحصاء تختلف عن مهام أو تخصص الحاسوب، والتي منها معالجة الصور، بينما عملنا يقوم على تقدير الصورة عندما نقوم بإعادة بنائها والتقريب بينها وبين الصورة الحقيقة".
وأوضحت أنه "على الرغم من وجود وحدات إحصاء في معظم المؤسسات في ليبيا إلا أن عملها يقتصر على الحصر والعد، وغالباً يتولى هذه المهمة شخص غير مختص في علم الإحصاء، فهذا العلم هو فن التعامل مع البيانات وفهمها، وكيفية توظيفها في فهم الوضع الحالي، وفي كيفية اتخاذ قرارات مستقبلية، فجميع المؤسسات بمختلف تخصصاتها وأشكالها لابد أن يكون فيها إحصاء ويجب أن يوظف بالطريقة الصحيحة، وهذا أساس أي إدارة سليمة".
وحول تهميش علم الإحصاء في المؤسسات والدوائر قالت إن "الفوضى التي تغرق فيها البلاد حالياً سببها نقص السيولة وهبوط قيمة العملة أمام العملات الأجنبية وكذلك غياب الإحصاء الجيد، فلو كان هناك إحصاء وعمل إحصائي صحيح لم حدثت هذه الفوضى، إضافة إلى ذلك فإن مصادر البيانات في ليبيا غير موثوقة، ولا توجد بها مصداقية فمثلاً لو أردنا أن ندرس ظاهرة معينة فسوف نجد قصور في البيانات، وعلى الرغم من ذلك هناك حلول للبيانات التي تعاني من خلل أو تلك المفقودة، ولكن حبذا لو تم توفير البيانات حتى يسهل عملنا".
وأضافت أن "التعدي على تخصص الإحصاء من قبل غير المختصين وقيامهم بدراسات وأبحاث وسحب العينات، سيعطي نتائج غير صحيحة، لذلك يجب أن يكون هناك وعي بهذا الجانب وترك الأمور الإحصائية للمتخصصين/ات حتى يكون العمل على أكمل وجه ونخرج بنتائج صحيحة".
وعن توظيف تخصصها في خدمة المجتمع بصفة عامة والمرأة بصفة أكدت إيمان الكرشيني أنه "بحكم إنني أعمل حالياً في الجامعة فعملي مقتصر على الجانب العلمي الأكاديمي وبالتأكيد لن أمانع إذا جهة ما ترغب في التعاون معنا من أجل القيام بالبحوث الإحصائية السليمة خاصة تلك التي تعنى المرأة وحقوقها والمشاكل وأشكال العنف المختلفة التي تتعرض لها، فعلم الإحصاء يتجاوز جمع البيانات إلى تحليلها واستخلاص النتائج منها واستخدامها في اتخاذ القرار فهو يصف الوضع الحالي، ويعطي حلول مستقبلية، إضافة إلى آلية التخطيط، وكيفية اتخاذ القرارات".
ووحول نجاح النساء في ليبيا بهذا العلم قالت "عندما نذكر الإحصاء في ليبيا لابد أن نذكر القامة العلمية الدكتورة ياسمينة الفقيه أول امرأة تحمل شهادة الدكتوراه في البلاد، ولديها مؤلفات وكتب وتعد مرجع مهم في قسم الإحصاء، فقد عكست بكل جدارة صورة المرأة الناجحة في مجالها، إلى جانب الأستاذة نجاة الكيخيا"، مضيفةً أن "علم الإحصاء يتقاطع مع باقي العلوم ويدعم مختلف العلوم منها النبات والحيوان والاقتصاد، وعلم الفلك وعلم الأرض والطب، ويعد الإحصاء جزء من الرياضيات، ومن تطور الرابط بين التخصصين/ات تم استحداث قسم الإحصاء الرياضي".
وعن التطبيق الذي قامت بتصميمه لتحليل الصور قالت "عندما بدأت عملي البحثي في رسالة الماجستير تم أخباري أن العمل سيكون على لغة الفورتران وهي لغة قديمة، لذلك اضطررت للعمل على جهاز كمبيوتر يعمل بنظام إم إس دوس لم يعد مستخدماً في الوقت الحالي، أنه برنامج معقد، ومن هنا تساءلت لماذا لا نطور برنامجاً جديداً بسيطاً كون العالم قطع شوطاً طويلاً في هذا الجانب، وبعد أن ناقشت رسالة الماجستير بدأت في العمل على تطويره من لغة الفورتران إلى لغة R وقمت بإجراء تجارب عليه وحصلت على نتائج جيدة، لقد بات برنامج سريع ومختصر، وأعمل على تقديمه كورقة علمية، وبعد إطلاق هذا البرنامج سيعمل من هم في ذات تخصص تحليل الصور عليه، ولن يحتاجوا إلى برنامج الفورتران ذلك البرنامج المعقد والقديم".
وفي ختام حديثها أكدت إيمان الكرشيني أن "هذا التطبيق يمكن كل من يعمل في مجال تحليل الصورة استخدامه، أو إعادة بناء الصورة، ربما ستكون هناك بعض التعديلات حسب التخصص الذي يعمل على البرنامج، كما أن البرمجة لم تعد لغة صعبة، فبإمكان أي شخص في أي تخصص أن يطور برنامج ويستخدمه، لذلك لا أسعى إلى احتكار البرنامج بل سأجعله متاح لأي طالب علم يحتاجه".