متعافيات كورونا يخشين مواجهة الإصابة به من جديد

لم يكن خطر الإصابة بفايروس كورونا في عام (2020) مشكلة تؤرق النساء بقطاع غزة، فانعزال القطاع عن العالم الخارجي كان سبب في السيطرة على الحالات المصابة من خلال حجرهم في مراكز خاصة على حدود غزة

رفيف اسليم
غزة - ، فكن على يقين أن الأمر ليس خطراً مع اتخاذ الإجراءات الوقائية، لكن مع منتصف العام بدأت الحالات المصابة بالفايروس تظهر من داخل المجتمع.
مع حلول شهر أذار/مارس (2021) وظهور طفرة جديدة من نوعها تسببت في دخول عدد كبير من الحالات للعناية المركزة أصبح قلق النساء المتعافيات اللواتي خضن تجربة المرض وصعوبتها أكبر، كونهن ربات بيوت وعاملات وطالبات أيضاً، لأن المناعة التي يكتسبها الجسم إثر الإصابة بالفايروس تفقد بعد ثلاثة شهور فقط كما أن الأعراض الجديدة أصبحت أشد ألماً، وعدد الوفيات تزايد بشكل ملحوظ، وهذا ما أكدته عدد من النساء خلال حديثهن لوكالتنا وكالة أنباء المرأة.
تقول مرام بارود ذات (21) عاماً أنها أصيبت بفيروس كورونا في كانون الثاني/يناير الماضي خلال موجة كورونا الأولى، وقد ظهرت الأعراض عليها بشكل واضح كالدوار الشديد والتقيؤ والإسهال مع ألم في المفاصل، حينها ذهبت لإجراء الفحص الذي أكد إصابتها، لافتةً أن تلك الأعراض جعلتها تمكث في الفراش لفترة طويلة وقد جاء ذلك بالتزامن مع وقت تقديم امتحاناتها الجامعية مما شكل ضغط نفسي كبير عليها، لكنها حرصت على الالتزام بدراستها وحجر نفسها كي لا تنتقل العدوى لأحد أفراد عائلتها.
لم تذكر مرام بارود أنها كسرت الحجر المنزلي أو خالطت أحد لذلك فوجئت بإصابتها، وبظهور الأعراض ذاتها أيضاً بعد عدة أيام على جميع أفراد العائلة بالمنزل لتؤكد نتائج الفحوصات أن النتيجة إيجابية للجميع، مشيرة أنها تخشى الإصابة بالفايروس مرة أخرى لأنها لا تريد أن تتكرر حالة التعب والإعياء الشديد والتقصير في دراستها، والبُعد عن الأهل والأصدقاء لفترة طويلة مع مصاحبة القلق والخوف كونها نقلت العدوى للآخرين.
وتتفق رويدة مفيد ذات (26) عاماً مع مرام بارود كونها فوجئت بالإصابة في الفايروس لأنها ربة منزل ولا تتعامل كثيراً مع الناس في الخارج، لكن العدوى التقطتها من زوجها الذي نقلها من مكان عمله، مضيفة أنها خلال فترة المرض كانت تشعر بضيق في التنفس وآلام شديدة في الجسم، وأعراض أخرى كالضغط على القلب، وقد كانت تلك الأعراض السابقة مخيفة بالنسبة لها لأنها صاحبت فترة حملها خلال الشهر الثامن فكان خوفها الأكبر على الجنين من الإصابة.
وتكمل رويدة مفيد أنها بعد الشفاء من الإصابة كانت تظن أن جميع الأعراض سوف تختفي، لكن  ضيق التنفس، وعدم قدرتها على المشي لأكثر من خمس دقائق، والشعور بالتعب والإرهاق عند أقل مجهود بقوا ملازمين لها، مضيفة أن أكثر الآلام كانت في الصدر وكذلك الشعور المتقطع ببعض الوخزات في الكلى وآلام متفرقة في الجسد، وقد عانت عدة أشهر حتى زالت تلك الأعراض تدريجياً لكنها لم تعد لحالتها قبل التعافي.
وتؤكد رويدة مفيد أن كورونا باتت تشكل هاجساً كبيراً بالنسبة لها فهي ليست مستعدة لمعاودة التجربة من جديد، لذلك تحرص على اتخاذ أعلى درجات الحذر وإحاطة أطفالها بالرعاية والتوعية اللازمة، لافتةً أنه عندما ارتفع المنحنى الوبائي لعدد الإصابات لأكثر من ألف إصابة خلال اليوم الواحد في قطاع غزة اتخذت بنفسها قرار منع إرسال أطفالها للمدارس واكتفت هي بإعطائهم الدروس ومتابعة التعليم الإلكتروني. 
بينما تشير نجوى صلاح ذات (51) عاماً أنه مع ارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير في قطاع غزة لا يمكن التأكد من عدم الإصابة بفايروس كورونا بالرغم من اتباع الإجراءات الوقائية، لأن من يصاب به يخفي الأمر ويخرج ليعيش حياته بشكل طبيعي دون أن يكون لديه الوعي أو الخوف من نقل العدوى لشخص آخر خاصة أن الموجة الجديدة لا أعراض لها، لافتةَ أنها ترجع إصابتها بالفايروس ربما خلال التسوق أو العمل أو حتى من أحد أبنائها.
وتلفت نجوى صلاح كونها المدبرة لشؤون المنزل أنها أكثر المتضررين من أفراد العائلة إثر الإصابة بالفايروس لأنها لو أصيبت مرة أخرى ستعاني من جديد العجز عن أداء تلك الوظائف من طبخ وتنظيف ومتابعة الأبناء في ظل الإعياء الشديد الذي يصاحب الإصابة بالفايروس كما أنها لن تستطيع ترك تدبر شؤون المنزل لأحد آخر، مشيرة أنها تتبع الإجراءات الوقائية ذاتها متمنية أن لا تعيد خوض تلك التجربة الأليمة مرة أخرى.
وتقول سهام البابا ذات (75) عاماً أن إصابة صغار السن بالفايروس قد يكون أمر يمكن تخطيه لكن بالنسبة لامرأه سبعينية مثلها فهو بمثابة الموت، فهي لا تدري بعد أن وضعت على أجهزة التنفس بالمستشفى إذا ما أصيبت به مرة أخرى ستستطيع النجاة منها أم لا، وبالرغم من أنها لا تغادر المنزل إلا أنها لن تستطع منع أبنائها وأحفادها من زيارتها، لكنها ستحاول عدم ملامسة أحد منهم والبقاء على مسافة جيدة والمحافظة على التعقيم كي تحمي نفسها.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية صرحت مع منتصف شهر أذار/مارس الماضي أنها تشهد تصاعد كبير في المنحنى الوبائي، وقد وصلت الأعداد خلال الشهر ذاته إلى (50) حالة تحتاج إما لأسرة العناية المكثفة أو الأسرة الخطيرة التي يتوجب إثرها دعم المريض بأجهزة التنفس الاصطناعي.
وبلغت الحالات المصابة بالفايروس حتى كتابة هذا التقرير (320.893) في كلاً من الضفة وقطاع عزة توزعت نسب إشغال أسرة المستشفيات لـ (58.9%)، وإشغال وحدات العناية المكثفة لـ (86%) وإشغال أجهزة التنفس الصناعي لـ (66%).