مركز بيسان للتوحد والاضطرابات النّفسية يقدم الدّعم للجميع
عدم تقبل المجتمع المحيط، ربما هو أسوأ ما يعانيه الإنسان، ولا سيما أولئك الذين يعانون من حالات خاصة، واضطرابات معينة كـ "التّوحد" والاضطرابات النَّفسية الأخرى، ومن هذا المنطلق افتتح مركز بيسان لمساعدة هؤلاء الأشخاص في شمال وشرق سوريا
ليلى محمد
قامشلو ـ .
أحدث التّطور التّكنولوجي والعلمي ثورة على كافة الأصعدة والمجالات، فما كان غير قابل للعلاج سابقاً، بات اليوم يُعالج بطرق متعددة وبأساليب ووسائل مختلفة، وذلك ينطبق على ما يسمى بالاضطرابات.
قالت الإدارية في مركز بيسان للتوحد والاضطرابات النّفسية منال العلي، أنه وفي بداية أيار/مايو 2018 افتُتَح مركز بيسان للتوحد في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا، وهو المركز الأول في مناطق إقليم الجَّزيرة، وهنالك عدة فروع له، ففي 2020 افتتح فرع في مدينة الحسكة، وفي عامودا عام 2019، ويُحضر لافتتاح فرع في منطقة جل آغا/ الجوادية التَّابعة لمقاطعة قامشلو.
وبينت أن المركز يضم أخصائية، وإدارة عامة، ومُشرفة تربويَّة، ويبلغ عدد المدربات 45 مدربة، ويوجد العديد من الأقسام كالخاص بأطفال التّوحد، والاستشارات النَّفسيّة، وآخر باضطرابات النّطق والتّأخر، ولنقص الاكتساب الأولي والثّانوي، ونقص الاكتساب العصبي والحركي، وقسم خاص بصعوبات التّعلم.
وعن الصّعوبات التي يعانون منها في علاج أطفال التوحد والاضطرابات النّفسية أكدت منال العلي "لم يكن هنالك مراكز خاصة بهذه الحالات، فكان يجبر الأهالي على السّفر من مناطقهم إلى أخرى، ومع افتتاح مركز بيسان لم يعودوا مجبرين على ذلك".
أما الأخصائية في اضطراب التّوحد والاستشارات النّفسية ميسم الحصرية، تحدثت عن الحالات التي يعملون على علاجها، كون مركز بيسان يدعم أغلب فئات الاضطرابات النَّفسيّة، والعصبيَّة، والحسيَّة "نستقبل حالات التوحد الكلاسيكي كالاسبرجر والتفككي، واضطراب النمو المُتفشي، ونقص الاكتساب الأولي والثّانوي والعصبي ـ الحركي، وحالات ضعف النّطق والتّخاطب، والدَّمج والحرمان البيئي وصعوبات التّعلم".
وحول التّقنيات التي يتبعها المركز للعلاج بينت "الخطط الفردية العلاجية هي الأفضل، لأن كل حالة لها نوع خاص من الاضطراب وأعراضه، فندرس حالة كل طفل ونجري بعض الاختبارات العصبية والنَّفسيّة والسَّلوكيّة، ونضع خطة فردية لكل حالة تتماشى مع وضع الطَّفل، على أساس ذلك".
وتضيف "نستخدم تقنيات وبرامج علاجية متعددة، كالعلاج السّلوكي لبعض النَّمطيات والاتجاهات السَّلبيَّة، وتصحيح الحركات الاستقلالية وتعليم الاعتماد على النَّفس عبر العلاج الوظيفي، إذ يتم تدريب الطَّفل على القيام بأكثر من مهمة في الوقت نفسه".
ويلعب العلاج الغذائي دوراً مهماً في تحسن الطّفل، فيجب وضع نظام يراعي النَّقص الموجود في كل طفل، وأي عملية إدراكية تتطلب تغذية سليمة، حسب ما تقول.
ولأطفال التّوحد حميات غذائية خاصة والحديث لميسم الحصرية "نطلب بصمة غذائية أو تحليل دم، أو قراءة مخبرية، لنضع برنامج يمنح الحالة المزيد من النَّشاط الهضمي، لرفع حالة الإدراك لديه، أو نشاط منطقة بروكا، وفي أغلب الحالات التي تعاني من الاختلاج أو الارتباك الذّهني يعطيهم الطّبيب أدوية كيميائية، ونحن ضد ذلك".
وتُكمل " الأدوية الكيميائية تصلح مكان وتتلف آخر، لذا نعطي الطفل المكون نفسه ولكن بمادة طبيعية بديلة، ما يساعد الغدد على إفراز الهرمونات التي يحتاجها الجسم بطريقة تلقائية".
وعن أعمار الحالات في المركز قالت "لا نركز على أعمار الأطفال، ولكن في حالات تأخر النَّطق تراوحت الأعمار بين الـ 27 و28 عاماً، مع العلم أننا لا نستقبل حالات الشَّلل الدَّماغي"، مضيفة "بلغ عدد الأطفال الذين تم علاجهم نهائياً وتخريجهم أكثر من خمسين طفل/ة".
واعتبرت أن هذا العدد جيد بالنسبة للظروف التي تعيشها المنطقة، في ظل تفشي وباء كورونا وإغلاق المركز نتيجة لهذا، وعزت سبب التَّعافي لذكاء الأطفال "لدينا أطفال التحقوا بالمدارس، وكانوا يتمتعون بنسب ذكاء أعلى من أقرانهم، وخاصة أن الكادر التّدريسي لا يميز بين الأطفال، وبهذا تنجح عملية الدّمج".
وأكدت الأخصائية في التّوحد والاستشارات النَّفسية مريم الحصرية على أن التّوحد ليس إعاقة، ولا يجب الخجل منه "كل أم يعاني ابنها من التّوحد صبورة، لذا أطلب من الأهل أن يفخروا بأبنائهم ويعالجوهم".
فيما شرحت والدتا الطَّفلين شيار جمعو ووالدة الطّفل أحمد سعدون عن معاناة طفليهما من التّوحد، مما انعكس سلباً عليهما، ولجئتا للبحث عن العلاج.
وزارت الوالدتان كل من لبنان، ودمشق والعديد من المناطق الأخرى لعرض الطفلين على الأطباء، حتى افتتح مركز بيسان للتوحد والاضطرابات النَّفسيّة، وقالتا إن ولديهما قبل دخول المركز لم يكونا يميزان أو يدركان أي شيء، إضافة لقلة كلامهما، ولكن بعد العلاج الذي استمر لعام ونصف تحسنا كثيراً، وباتا قادرين على الكلام والاستيعاب.