مرض الفقاع الجلدي ينهك أجساد أطفال مخيمات إدلب
أطفال في مخيمات إدلب يعانون من وطأة مرض الفقاع الجلدي الذي أنهك أجسادهم، في ظل الفقر والنزوح وعجز أسرهم عن توفير العناية اللازمة لهم، والأدوية الكفيلة بتخفيف آلامهم وأوجاعهم المستمرة.
لينا الخطيب
إدلب ـ الأطفال المصابين بمرض الفقاع الجلدي في إدلب يعانون من صعوبة في الحصول على العلاج بسبب ارتفاع ثمن الأدوية والمعقمات التي يجب أن يستخدموها بشكل يومي، بالإضافة لضعف العناية الطبية وغياب المنظمات المهتمة بشؤون هؤلاء المرضى.
تحتاج ديبة الحسون البالغة من العمر 35 عاماً وهي نازحة من مدينة سرمين بريف إدلب في مخيم حربنوش شمالي إدلب، إلى أكثر من ساعتين يومياً لتغيير الشاش الطبي عن جسد طفلتها ذات العامين، بسبب إصابتها بمرض الفقاع الجلدي، "تحتاج ابنتي لشاش ومراهم جلدية بشكل يومي، ويتوجب علينا شراءها ودفع مبالغ كبيرة ثمناً لها على الرغم من الأوضاع المادية الصعبة التي نعيشها خاصة بعد النزوح".
وتؤكد أن ابنتها مصابة بهذا المرض منذ ولادتها، وقد عرضت حالتها على أكثر من طبيب دون جدوى، فهم لم يستطيعوا أن يصفوا لها الدواء المناسب حتى اليوم، وعن مرض ابنتها تقول "هو عبارة عن فقاعات مملوءة بالقيح والدم تغطي جسدها وتستمر بالنمو وتختفي عندما تبلغ حجماً معين، هذه الفقاعات لا تتوقف عن النمو إلا لينمو بدلاً عنها فقاعات أخرى".
وتلفت أن أحد الأطباء أخبرها أن المرض ليس له علاج، سوى العلاجي الوقائي الذي يتبع في حالات الجروح والالتهابات، أي أنه علاج فقط لتخفيف الألم وليس دائماً، فيما أخبرها طبيب آخر أن العلاج متوفر في دول أخرى ولكنها لم تحصل على أي تصريح يسمح بتلقي ابنتها العلاج هناك على الرغم من مطالبتها الدائمة للحصول عليه وإنقاذ ابنتها.
مؤكدة أن ما يفاقم الوضع سوءاً هو أن المخيمات التي يقطنونها ليست بيئة مناسبة للمصابين بهذا المرض، بسبب غياب الرعاية الصحية وقلة المياه النظيفة، وانتشار الحشرات والبعوض التي تنقل الكثير من الأمراض الضارة وعدم وجود أي وسائل للقضاء على هذه الكائنات، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيمة صيفاً نظراً للمواد التي تستخدم في صناعتها، ما يؤدي إلى استفحال المرض وتأزم وضع ابنتها.
وفي السياق ذاته قالت والدة الطفل جمال السيد ذي العشر أعوام من بلدة احسم وهو مصاب بمرض الفقاع الجلد الذي سبب تآكل في أطرافه، سمية الناقوح البالغة من العمر 45 عاماً "أصيب ولدي بداء الفقاع الجلدي عندما كان في سن الخامسة، وانتشر وهذا المرض بكافة أنحاء جسده، ويظهر على شكل فقاعات تكبر شيئاً فشيئاً، لذا أقوم بإزالتها باستخدام مقص معقم ثم أضع على مكان الفقاعات بعض المواد المطهرة التي تتوفر لدي وبعدها أقوم بلفها بقطع من الشاش الطبي، وقد تسبب له المرض بفقدان الكثير من الوزن وكذلك التأخر في النمو، فهو أغلب الأحيان يمتنع عن تناول الطعام بسبب انتشار المرض في فمه وبلعومه".
وتؤكد أنها تعجز أحياناً عن شراء المراهم والمعقمات والمسكنات لابنها بسبب الفقر المدقع الذي حل بها كما أن زوجها عاطل عن العمل منذ مدة طويلة، لذا تسوء حالته الصحية ويلتصق جلده بملابسه التي يصعب عليها خلعها، "تكلفة العناية التي يجب أن يتلقها ابني عالية جداً، بسبب الغلاء والفقر وتردي الأحوال المعيشية وندرة الأطباء الاختصاصيين، لذا تطور حالاته جداً وبدأ المرض يأكل أطراف أصابعه وبات غير قادر على العناية بنفسه وتأمين احتياجاته الشخصية".
أما عبير البديوي ذات الـ 25 عاماً هي نازحة من بلدة حزارين إلى مخيم قاح شمالي إدلب، فقدت طفلها بعد ولادته بسبب إصابته بمرض الفقاع الجلدي ولعدم توفر العلاج المناسب والكافي، "طفلي الأول كان ضعيف البنية وهزيل الجسد، نظراً لإصابته بمرض الفقاع الجلدي بعد ولادته مباشرة، المرض كان منتشراً في كافة أنحاء جسده وداخل فمه أيضاً".
وأكدت أن ابنها لم يتمكن من التغذي عن طريق الرضاعة الطبيعية كبقية الأطفال، بل اعتمد على السيروم الطبي حتى فارق الحياة بعد أيام قليلة من ولادته.
من جانبها تطرقت طبيبة الأمراض الجلدية مرام الغزال عن أسباب مرض الفقاع الجلدي وأعراضه "الفقاع هو مرض مزمن خطير يظهر على الجلد والأغشية المخاطية، أعراضه تكون واضحة على الأطفال في سن الرضاعة أو الطفولة المبكرة، وقد تتأخر العلامات في الظهور حتى سن المراهقة، ويعود سبب المرض إلى أن الجهاز المناعي في الحالة الطبيعية السليمة ينتج أجسام مضادة للجراثيم والفيروسات التي تهاجم الجسم، أما في حالة الإصابة بالفقاع يقوم الجسم عن طريق الخطأ بإنتاج أضداد تقضي على الجلد".
وتشير إلى أن المرض ينجم عن خلل في الجهاز المناعي أو وصول عدوى للجلد (بكتيرية أو فيروسية أو فطرية)، أو بسبب مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تصيب نسيج البشرة، حيث يظهر المرض على الجلد على شكل فقاعات ليّنة وطرية، ومؤلمة ومليئة بالسوائل، تنفجر بسهولة مخلفة في مكانها ألماً وتقرحات، وتظهر بعض التغيرات اللونية على الجلد المصاب مثل التصبغات.
وأضافت أن المرض مزمن ويستمر لفترة طويلة، كما يحتاج للمتابعة مع طبيب أخصائي، والمرحلة الأولى من العلاج قد تحتاج إلى دخول المريض إلى المستشفى حتى تستقر حالته، كما يحتاج إلى أدوية عامة وأدوية موضعية.