مراكز التدريب النسوية في إدلب... مهن متعددة دون فرص عمل
ازدادت المراكز النسائية المهتمة بتدريب النساء ومساعدتهن على تعلم المهارات واكتساب المهن المتعددة في إدلب
سهير الإدلبي
إدلب ـ ، والتي من شأنها تفعيل دور المرأة وتأهيلها ومساعدتها على إعالة أبنائها وعائلتها وسط ما تواجهه من تداعيات حرب أتت على البشر والحجر.
غير أن هذه التدريبات ماتزال قاصرة عن تلبية احتياجات المتدربات في المراحل التالية وإيجاد فرص عمل مناسبة أو دعم مشروعهن المستقبلي.
قالت صباح السعيد (٣٢) عاماً أنها حققت رغبتها بتعلم مهنة الكوافيرة بعد خضوعها لتدريب استمر أكثر من ثلاثة أشهر اكتسبت خلال هذه المدة الكثير من الخبرات والمهارات، وحبها المهنة منذ الصغر ساعدها على تعلمها، غير أن طموحها واجه الكثير من المشكلات التي منعت تحقيقه وأهمها توفر رأس المال الذي يمكن أن يساعدها في بدأ مشروعها الخاص.
اصطدمت صباح السعيد بواقع مرير تمثل بتوقفها عن المتابعة وسط الطريق وتتساءل "ما الفائدة من تعلم المهنة دون حصولي على فرصة عمل؟، فأنا بحاجة لمعدات لأتمكن من مزاولة المهنة وتطبيق ما تعلمته على أرض الواقع".
صباح السعيد نازحة من مدينة معرة النعمان منذ عامين، استقرت بها الأحوال في مخيمات باريشا شمال غرب إدلب، تعاني ضيق العيش مع أطفالها الثلاثة بعد اعتقال زوجها أواخر عام 2017، وهي منذ ذلك الحين تحاول اكتساب مهنة تعينها على الاستمرار ولكن دون جدوى، لتبقى تكابد وضعها المأساوي حين تشعر أنها عالة على ذويها الذين تقيم معهم ويتحملون عبء مصاريفها ومصاريف أبنائها على "مضض" وفق تعبيرها.
لم يكن حال شهلا الصواف (٢٨) عاماً بأحسن حال فهي لم تتمكن أيضاً من متابعة حلمها في تحقيق ذاتها من خلال ممارسة مهنة ما وتقول "حين سمعت عن افتتاح دورات نسائية في سلقين حيث أقيم مع عائلتي بعد نزوحنا عن مدينة خان شيخون شعرت بالسعادة، وهيأ لي أنها الفرصة الوحيدة لأقف على قدميّ في ظل ما نعيشه من ظروف غايةً في السوء، ولكن الأمر لم يكن بتلك البساطة".
ترددت شهلا الصواف على المركز التدريبي بشكل يومي ومستمر وتمكنت من تعلم مهنة التمريض بكثير من المهارة والرغبة والاندفاع، وحصلت على شهادة نجاحها في نهاية التدريب الذي استمر أربعة أشهر ولكن عدم حصولها على وظيفة أو فرصة عمل كان صدمة نسفت أحلامها وآمالها المتواضعة بغمضة عين على حد وصفها.
إذ حاولت التقديم على أكثر من شاغر في المشافي العامة والخاصة وعيادات الأطباء ولكن دون جدوى وهي لا تدري إن كانت شهادتها "ستبقى حبيسة جدران المنزل أم أنها ستبصر النور بمعجزة ما".
وتشير إلى أن معظم الوظائف المتاحة يتطلب فيها المتقدم المشارك في المسابقة حصوله على شهادة معهد أو جامعة يتبعها خبرة لا تقل عن سنتين في حين أن شهادتها عبارة عن دورة تدريبية ولا تملك أي من سنوات الخبرة كونها لم تحظى بفرصة عمل حتى الآن رغم أنها تخرجت من الدورة التدريبية منذ أكثر من عام.
خياطة، تصفيف شعر، صناعة حلويات، حياكة صوف، اسعافات أولية وغيرها، تدريبات اعتمدتها المراكز التدريبية النسوية المنتشرة في أنحاء إدلب والتي شهدت إقبالاً متزايداً من قبل النساء والفتيات الباحثات عن التمكين المهني لتتجاوز أعدادهن المئات، ما يعكس حاجة معظم النساء للعمل، غير أن الفرص تبقى قليلة أمامهن لعدم وجود جهات مانحة تتبنى مشاريعهن الخاصة.
وعن الصعوبات التي تواجه المتدربات بعد انتهاءهن من مدة التدريب تقول راميا العيد ( ٤٠) عاماً وهي إحدى المدربات بمركز إدلب النسائي، أن معاناة البحث عن فرصة عمل هي أبرز التحديات التي تواجه المتدربات بعد إتمامهن فترة التدريب وحصولهن على شهادات من قبل المراكز المختصة التي لا تعني بتأمين تلك الفرص لهن.
وتلفت إلى أن نجاح البعض وممارسة المهن التي تعلمنها نتيجة وجود ما يساعدهن على الاستمرار من داعمين ومساعدين لهن، لا يعني عدم وجود من ضاقت بهم الظروف ووجدن أنفسهن عاجزات عن تأمين المال الكافي للمضي بمشروعهن أو توفر الواسطة والدعم الكافي لإيجاد فرصة عمل مناسبة بإحدى المنظمات أو المشاريع الخاصة، ليبقى واقع الحال ينبأ بعدم أهمية وجدوى تلك التدريبات بالنسبة للكثيرات بالرغم من أهميتها لعدم وجود الظروف الداعمة لها.
وتبلغ نسبة البطالة في إدلب ما بين 78 و80% من السكان المحليين بحسب مكتب "منسقو استجابة سوريا"، فيما تبقى النساء اللواتي جعلتهن الحرب في موضع المعيل الفئة الأكثر تضرراً في ظل الظروف الراهنة.