مقاومة حي الشيخ مقصود... دور النساء في الحرب الشعبية
في حرب حي الشيخ مقصود أثبتت النساء قدرتهن على الوقوف في وجه المرتزقة، مبديات مقاومة كبيرة إلى جانب الأهالي والمقاتلين/ات.
ميديا مقتاد
حلب ـ لعبت نساء حي الشيخ مقصود في مدينة حلب دوراَ بارزاً في تحرير منطقتهم من المرتزقة من خلال مقاومتهن، والشهيدة كولي سلمو من النساء اللواتي ناضلن حتى الرمق الأخير.
شارك أهالي حي الشيخ مقصود من النساء والرجال والكبير والصغير في حماية حيهم من هجمات المرتزقة من جبهة تحرير الشام والمجموعات الإرهابية الأخرى منذ بداية اندلاع الثورة السورية 2011 وحتى عام 2017، وعانوا ويلات الحرب من حصار وجوع واستخدام الأسلحة الكيماوية ضدهم عام 2016.
للعودة إلى مقاومة حي الشيخ مقصود وما قدمته النساء آنذاك كان لوكالتنا لقاء مع نساء كن شاهدات على المقاومة التي أبداها الأهالي ومشاركة النساء في النضال.
تقول حنيفة جرناز إحدى الشاهدات على مقاومة أهالي حي الشيخ مقصود والمشاركة فيها وهي الآن الإدارية في كومين المرأة كومين الشهيدة كولي سلمو "لقد ارتكب المرتزقة خلال هجماتهم على حي الشيخ مقصود عام 2012، أفظع الجرائم بحق المدنيين من تدمير وقتل ونهب وتشريد الآلاف منهم وتجويعهم لفرض سيطرتهم على الحي".
وأوضحت أنه رغم كافة الانتهاكات من قبل المرتزقة إلا أن أهالي حي الشيخ مقصود قاوموا بكل ما أوتوا من قوة لتكاتفهم مع بعضهم، لافتةً إلى أنه عندما تم فرض الحصار على الحي "بدأ الأهالي بتقاسم ما يملكونه من مواد غذائية فيما بينهم، لقد كنا نقسم رغيف الخبز بيننا".
وعن دورها في تلك المقاومة تقول أنها كانت تشارك مع نساء الحي في إعداد الطعام لمقاتلي/ات وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة على جبهات القتال مع المرتزقة لتحرير الحي وفي المساء ترفعن السلاح وتحمين الحي حتى ساعات الصباح الباكر ترسيخاً لمبدئ الحماية الجوهرية، كما شاركن في المستوصف لإسعاف الجرحى ومساندتهم إلى جانب تنظيم الفعاليات "لقد كنا نعد الطعام لأبنائنا وبناتنا اللذين كانوا يخوضون معركة شرسة ضد المرتزقة، كما كنا نقدم الدعم النفسي والمعنوي لهم"، مبينةً أنه "بفضل تكاتف الأهالي وتعاضدهن تحرر حينا من رجس الإرهاب، لقد كنا يداً واحدة في محاربة المرتزقة، فلم يستطيعوا كسر إرادتنا".
ومن جانبها استذكرت حياة شيخو وهي من قاطني حي الشيخ مقصود ومن النساء الشاهدات على المقاومة "لقد شهدت مدينة حلب ومنها حي الشيخ مقصود هجمات متعددة ودمار وحرب من قبل المرتزقة والتي تصدى لها الأهالي بكل قوة وإرادة، ولكن مقاومتنا نحن النساء اشتدت أكثر بعد استشهاد عضوة مؤتمر ستار كولي سلمو".
وكانت قد انضمت كولي سلمو إلى مجلس الشعب في حي الشيخ مقصود الذي تم تشكيله في بداية عام 2012، وكان لها دور كبير في مؤتمر ستار، إلا أنه تزامناً مع انتفاضة أهالي الحي ضد المجموعات المسلحة التي استهدف الحي في محاولة لاختطاف أحد الإعلاميين الذين كانوا يوثقون جرائمهم حيث كانت كولي برفقته، بادرت الأخيرة لإنقاذ الإعلامي لكن تم استهدافها برصاصة لتفقد حياتها بعد ثلاثة أيام.
ولفتت حياة شيخو إلى أنه "بعد استشهاد كولي سلمو تسابق الأهالي لمساعدة بعضهم البعض وتقديم يد العون للمقاتلين/ات، من خلال ملئ مخازن المقاتلين بالرصاص، حتى أن البعض منهم كانوا يجهزون الخنادق للمساعدة المقاتلين، لذا سميت مقاومتنا بحرب الشعب الثورية".
بعد تلك المقاومة التي أبدتها النساء تم في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو عام 2015 الإعلان عن تشكيل كتيبة نسائية لحماية المجتمع باسم "كولي سلمو"، ضمت حوالي 60 امرأة من مختلف المكونات الكرد، العرب، التركمان، ولا تزال مهامهن مستمرة بين صفوف قوات حماية المجتمع ـ المرأة، حيث أن للكتيبة دور ريادي في حماية حيي الأشرفية والشيخ مقصود إلى جانب وحدات حماية المرأة والشعب خلال هجمات 16 شباط/فبراير 2016.
وقالت حياة شيخو في ختام حديثها أن حي الشيخ مقصود قدم عدداً كبيراً من الشهداء في سبيل تحرير الحي "لقد كانت حرباً شرسة، ولكن بالرغم من ذلك لم يستطيعوا كسر إرادتنا، كان شعارنا إما الموت أو النصر وبالفعل في النهاية انتصرنا ورفعنا رايات النصر، وأثبتنا وجودنا وقدرتنا على حماية أرضنا ومنذ ذلك الحين عرف حي الشيخ مقصود بقلعة الصمود والمقاومة".