"منظمة الهجرة الدولية" توطين وتحسين أوضاع النازحين والمهجرين
على إثر انتشار الفوضى بين المهاجرين في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تشكلت لجنة دولية مؤقتة لحل مشكلة اللاجئين والمهجرين وتنظيمهم في عام 1951 باسم "اللجنة الحكومية الدولية المؤقتة لحركة المهاجرين من أوروبا PICMME"
مركز الأخبار ـ ، وتطور عملها منذ ذلك الحين حتى أصبحت تعرف اليوم باسم منظمة الهجرة الدولية.
تعد منظمة الهجرة الدولية والتي تعرف اختصاراً بـ "IOM" من أضخم المنظمات الدولية، وتعتبر الرائدة في مجال الهجرة، والوحيدة التي تعنى بشؤون الهجرة الدولية، يقع مقرها الرئيسي في العاصمة السويسرية جنيف.
وأصبح عمل منظمة الهجرة الدولية أكثر شمولية خاصة بعد ازدياد ظاهرة الهجرة في السنوات الأخيرة ليس فقط بسبب الحروب وإنما نتيجة الأوضاع المتردية في بعض الدول، فهناك من يلجئ للهجرة لتحسين وضعه المعيشي، والبعض الآخر يهاجر خوفاً من العقوبات والأحكام الصادرة بحقه، وهناك من يهاجرون من الظلم والاضطهاد.
البداية
نشأت فكرة تأسيس منظمة الهجرة الدولية في البداية لمعالجة مشكلة المهجرين والنازحين التي خلفتها الحرب العالمية الثانية التي استمرت أربعة اعوام منذ 1939 واستمرت حتى 1945 وتسببت بتشريد الملايين من اليتامى والمشردين، وبدأت المنظمة عملها على هذا الأساس من أجل إعادة توطين من نزحوا وتأمين ملاذ آمن لهم.
وقد تغير اسم المنظمة عدة مرات منذ تأسيسها قبل أن يثبت اسمها على "منظمة الهجرة الدولية" في عام 1989، وتعتمد المنظمة ثلاث لغات رسمية وهي "الإنجليزية، الفرنسية والإسبانية"، وقد انتهت المنظمة من إعداد دستورها في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1953 في مدينة البندقية بإيطاليا، ودخل حيز التنفيذ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1954.
وضمت المنظمة في عضويتها 173 دولة 8 دول منها بصفة مراقب حتى أواخر عام 2019، ولا يحق لتلك الدول الثماني التصويت على قرارات المنظمة، كما انضمت أكثر من 80 منظمة حكومية دولية وإقليمية ومنظمات غير حكومية إلى المنظمة بصفة مراقب، وتتوزع في كافة دول العالم.
انضمت منظمة الهجرة الدولية إلى منظمة الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2016، وتتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الحكومية للدول بالإضافة إلى تعاونها مع كافة منظمات المجتمع المدني.
أهداف منظمة الهجرة
تشجع المنظمة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال الهجرة، وقد أصبحت المنظمة نقطة مرجعية في النقاش العالمي الساخن حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للهجرة في القرن الـ 21.
تسعى المنظمة إلى تقديم الخدمات المتعلقة بالهجرة وتنظيم تدفق المهاجرين إلى الدول وتسهيل توطينهم وإدماجهم مع الدول المضيفة بما في ذلك الهجرة المؤقتة والداخلية، بحسب ما جاء في قرارها الصادر في الخامس من شهر كانون الأول/ديسمبر 1951، خلال مؤتمر الهجرة الذي عقد في بروكسل عاصمة ولاية تكساس الأمريكية.
وتؤكد المنظمة على أهمية التعاون بين المنظمات الحكومية والدولية فيما يتعلق بالهجرة وأوضاع المهاجرين، وتلتزم بمبدأ الهجرة الإنسانية المنظمة تعود بالفائدة على المهاجرين والمجتمعات على حد سواء بما يخدم مصالح الجميع، وتحقق ذلك من خلال تقديم الخدمات والمشورة لكلا الطرفين.
آلية عمل المنظمة
تعمل منظمة الهجرة الدولية على تنظيم هجرة الأفراد من دولهم إلى دول أخرى مهما كانت دوافع المهاجر سواء سياسية أو اقتصادية أو لإكمال التعليم أو لم شمل العائلة، وزاد نطاق عمل المنظمة مع ازدياد عدد الدول التي تعاني من الحروب والأزمات وخاصة دول الشرق الأوسط التي تشهد نزاعات وحروب أهلية.
كما وتعمل على وضع نهج وأنشطة محددة لحماية المهاجرين من الاستغلال، والاتجار بهم وذلك من خلال تأمين مكان آمن لهم، وتقديم المساعدة الإنسانية لمن هاجروا بسبب الحروب والنزاعات، وتأمين العودة الطوعية لهم، وتدعم من تعرض للاستغلال والاتجار وهو في طريقه للهجرة، وتؤكد على الدور الرئيسي للدول في حماية مواطنيها.
وتسهل المنظمة الهجرة أمام الراغبين وتعزز التعاون بينها وبين المنظمات والدول المعنية، وتبحث عن حلول للمشاكل التي تواجه المهاجرين، وتقدم المنظمة دعماً خاصاً لفئة الشباب النازحين داخل بلدانهم في الدول المتضررة نتيجة الحروب من خلال تأمين فرص عمل لهم أو تطوير مهاراتهم أو تقديم منح عينية لمساعدتهم في إنشاء مشروعات خاصة بهم، وتعمل على بناء وتأهيل المدارس والبنى التحتية المدمرة في مناطق النزاع.
ويعترف دستور المنظمة اعترافا صريحا بالعلاقة بين الهجرة والتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنها تعترف بأن لكل إنسان الحق في حرية التنقل، وتعمل على نحو وثيق مع الشركاء من أطراف حكومية وغير حكومية وبين ـ حكومية فيما يتعلق بالمجالات التي ذكرناها سابقاً، وتعالج قضايا الهجرة القسرية، وتتضمن الأنشطة الجامعة لعدة قطاعات ومجالات كلا من تعزيز القانون الدولي للهجرة ومناقشة السياسات والتوجيهات وحماية حقوق المهاجرين، بالإضافة إلى صحة الهجرة والبعد الخاص بالنوع الاجتماعي.
وتعد منظمة الهجرة الدولية شريكاً فاعلاً في مجالات الموارد المائية والصرف الصحي والصحة، وتنسق السلامة عبر مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة واستقرار المجتمعات، وفي ظروف العمل الصعبة التي تصحبها تحديات في وصول مساعدات إنسانية محدودة فإن المنظمة تتعاون مع الشركاء المنفذين المحليين والدوليين لرفع مستوى الوصول وتعزيز حضورها في كافة البلدان.
ولخلق جو من التعايش السلمي ووضع أسس التنمية المستدامة تعمل منظمة الهجرة الدولية على زيادة برامجها الهادفة إلى تحقيق استقرار المجتمعات المحلية وتعزيز التماسك الاجتماعي والتأقلم مع الظروف، وكجزء من ملف الاستقرار المجتمعي، تعمل المنظمة على دعم عملية بناء التماسك الاجتماعي من خلال اتباع المنهج التشاركي في التعرف على أولويات المجتمع، وإعادة تأهيل البنية التحتية اللازمة للحياة المجتمعية، واستعادة الخدمات الأساسية والوصول الفوري إلى سبل الكسب.
وتقدم المنظمة إلى جانب الخدمات السابقة خدمات الرعاية الصحية الأساسية للمهاجرين من خلال دعم المرافق الصحية المحلية، وتشغيل العيادات الصحية المتنقلة، وتوفير خدمات الإحالة الطبية الطارئة، وتنفيذ حملات رفع مستوى الوعي للحد من انتشار الأمراض المعدية، وتستهدف هذه الأنشطة المهاجرين من خلال تقديم الخدمات المباشرة والإحالة، والاستجابة للمخاطر الناشئة عن الصراع أو التدهور البيئي، وبناء قدرات الأنظمة الطبية لتلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة خلال الأزمات، كما أنها تسهل الهجرة أمام الراغبين فيها.