منى القبائلي: العمل كسائقة سيارة أجرة تجربة صعبة

سائق سيارة الأجرة، وتعليم قيادتها مهنتان كانتا حكراً على الرجال في ليبيا لفترة طويلة، ودائماً ينظر للمرأة التي تقود السيارة نظرة استغراب واستهجان، ولكن خلال السنوات الأخيرة خاصة فترة الحرب وما بعدها في مدينة بنغازي انتشرت هاتين المهنتين بين النساء

ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
يرجع البعض أسباب انتشار مهنة قيادة سيارة الأجرة بين النساء إلى أن معظمهن فقدن معيل الأسرة، فاضطرت المرأة أن تصبح سائقة سيارة أجرة، كما لجأت أخريات إلى تعلم القيادة عن طريق مدربات.
حاولت وكالتنا تسليط الضوء على هاتين المهنتين في ليبيا، من خلال لقاء مع مدربة قيادة السيارة وصاحبة مدرسة الجهمي لتعليم القيادة منى القبائلي.
تقول منى القبائلي عن تجربتها في هذا المجال "أعمل في مجال تعليم القيادة منذ حوالي 14 عاماً، فلقد كانت هوايتي وأمنيتي، وعلى الرغم من أن الجميع كان مستغرباً من أن تكون أمنيتي أن أصبح معلمة السواقة أو مدربة، إلا أنني كنت مصممة على تحقيق هذه الأمنية، وبعد تعلمي لقيادة السيارة بفترة وجيزة توجهت لتعليمها وتدريب النساء عليها، وكانت المشجعة الأولى لي أمي وخالتي خديجة الجاني، إذ كانت خالتي مدربة قيادة معروفة في كافة مدارس بنغازي لتعليم القيادة، ودفعت بي لهذا المجال وشجعتني بقوة لخوض هذه المهنة، فعملت في معظم المدارس الموجودة في بنغازي إلى أن افتتحت مدرستي الخاصة".
وعن إنشاء مدرسة لتعليم القيادة خاصة بها تقول "بفضل مساعدة عائلتي مادياً ومعنوياً قمت بافتتاح مدرسة بصفة مستقلة، وقمت بتسميتها مدرسة الجهمي".
 
"لابد لها أن تكون شجاعة ولا تظهر خوفها"
وتشير منى القبائلي إلى الصعوبات التي تواجهها في هذه المهنة قائلةً "نحن في مجتمع ينظر للمرأة التي تقود السيارة بدونية، فما بالك التي تعلمها فنحن نواجه العديد من الصعوبات في الطريق، خاصة من قبل الجيل الجديد الذي لم يتقبل بعد فكرة القيادة على الرغم من أنه قد تكون أخته أو أمه تقود السيارة، في المقابل يوجد رجال يتقبلون هذه المهنة ويحترمونها حتى أنهم يفسحون لنا المجال في الطريق عندما أخرج للتدريب".
وتوضح "لا بد أن يكون لدى المدربة في هذا المجال صبر وثقة كبيرة بنفسها، وعندما تخرج للتدريب عليها أن تضع باعتبارها أنها تتعامل مع المتدربة التي تجلس إلى جانبها، والشارع المحيط والطريق الذي تسير فيه، وأيضاً الثقة في النفس تنعكس على من تقوم بتدريبه فيثق بها، كما عليها أن تكون لبقة في الحديث وجريئة، نعم لابد لها أن تكون شجاعة ولا تظهر خوفها خاصة أمام المتدربة".
وعن المدربات اللاتي يعملن حالياً في المدرسة وكيفية تدريبهن تقول "معظم المدربات اللاتي يدربن في مدرستي قد قمت بتدريبهن أنا سابقاً، فهناك من جاءت إلى المدرسة ولم تملك أي خبرة في القيادة أو فكرة عن أساسيات القيادة فقمت بتدريبها لتصبح هي الآن مدربة، وهناك من دربتهن وهن الآن مدربات في مدارس أخرى، فأساس التدريب هو زرع الثقة في نفس المدربة والمتدربة".
 
لكل مدربة أسلوبها وطريقتها في تعليم القيادة
وحول طريقة تعليم قيادة السيارة تقول منى القبائلي "التدريب في المدرسة يقوم على الشق العملي من حيث التعريف بالسيارة والتقنيات الموجودة بها، ومتى تستخدم الإشارات أثناء الانعطافات ومتى تتوقف، وغيرها من أساسيات القيادة بالإضافة إلى التنبيه للإشارات والعلامات الموجودة في الطريق، كما نقوم بتزويدهن بكتيب يحمل كل التوجيهات والإشارات المرورية التي من المفترض أن تتعرف عليها أثناء القيادة".
وعن مدى تأثير السخرية والاستهزاء الذي تتعرض له المرأة أثناء تعليمها وتعلمها القيادة على نفسيتها وحياتها، كما حدث مؤخراً، حيث انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لامرأة من مدينة درنة تعلم فتاة على قيادة السيارة، وظهر في الفيديو كمية من السخرية والاستهزاء ذي تعرضت له المرأة من قبل صاحب المقطع، تقول "كما قلت سالفاً نتعرض للعديد من التعليقات الساخرة، فبالرغم من أن المدربة في المقطع كانت تعلم المتدربة القيادة بشكل ممتع وضاحك تعرضت للسخرية، إلا أن ذلك لن يؤثر على السائقات فكل مدربة لها اسلوبها وطريقتها الخاصة في تعليم القيادة، والمرأة التي ظهرت في المقطع كان اسلوبها يعتمد على الفكاهة والضحك، وربما اتبعت هذه الطريقة لخلق جو مريح للمتدربة، لن ندع مثل هذه التعليقات الساخرة تؤثر فينا نهائياً".
 
"العمل كسائقة أجرة صعب جداً"
وحول اضطرارها للعمل كسائقة سيارة أجرة تقول "بسبب الظروف المادية الصعبة التي مررت وعائلتي بها اضطررت أن أعمل سائقة أجرة لمدة خمسة أشهر حتى أحصل على مردود مادي جيد في المقابل، كان لدي زبائن يقمن بالاتصال بي من أجل توصيلهن لأماكن مختلفة، وظللت أعمل بها لمدة خمسة أشهر تقريباً، ولكنني أفضل تدريب النساء على العمل كسائقة فهو صعبٌ جداً، والازدحام يأخذ من وقتكِ وجهدكِ وفي أحيان كثيرة يكون المردود ضعيف لا يقارن بالجهد المبذول"، وأوضحت أن فكرة البدء بمشروع خدمات توصيل أو قيادة سيارة أجرة غير واردة لديها في الوقت الحالي لأنها تركز على تدريب القيادة فقط.
وفي ختام حديثها قالت "يعد انتشار مهنة السائقة في بنغازي واقتحام المرأة جميع المهن شيء إيجابي، وأنا أشجع المرأة على الانخراط في هذه المهنة إلى جانب كافة المجالات التي انخرطت بها".