من رحم المعاناة يولد الإبداع... قصة بطلة عراقية من ذوات الاحتياجات الخاصة

يعتبر اسم اللاعبة قصران محمد عليوي مثالاً حياً للإرادة والعزيمة، إذ لم تقف إعاقتها عائقاً أمام طموحاتها الرياضية، بل على العكس، استطاعت أن تكون مصدر إلهام للعديد من الرياضيين حول العالم.

رجاء حميد رشيد

العراق ـ استطاعت قصران محمد عليوي من مدينة النجف بالعراق وهي إحدى ذوات الاحتياجات الخاصة حيث لا تستطيع الحركة والتنقل إلا بواسطة الكرسي المتحرك، أن تتجاوز العديد من التحديات، وتنتصر على الفقر والمرض معاً لتصل إلى القمة وتحرز لقب البطولة العالمية في عالم الرياضة، حيث يُعتبر التفوق والإنجاز محطّ احترام وتقدير، وتصبح واحدة من القصص الملهمة التي تتحدى الظروف وتفتح أبواب الأمل لكل من يواجه صعوبات في الحياة.

ولدت قصران محمد عليوي في مدينة الديوانية، وانتقلت مع عائلتها للعيش في النجف عام 2008 بسبب الأحداث الاستثنائية في البلد، وحصلت على كرسي في عمر الـ 18 أي تجاوزت مرحلة الدراسة، بعد أن حصلت على راتب من الرعاية الاجتماعية (راتب شهري تخصصه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمساعدة المحتاجين الذين يستحقون وليس لديهم دخل شهري للمعيشة).

وتتحدث بألم والعبرة تخنقها لعدم تمكنها من الذهاب إلى المدرسة في طفولتها بسبب الفقر وعدم تمكن عائلتها من شراء كرسي متحرك لغرض مساعدتها على الذهاب للمدرسة وتعلم القراءة والكتابة.

فوالدها بالكاد يستطيع تأمين معيشة عائلته التي لا تملك سكناً حيث يعيشون في محطة تزود السيارات بالوقود، متروكة دون باب ولا شبابيك وتم استخدام قطع القماش القديمة بمثابة ستائر، وفي حالة إعادة تأهيل وعمل المحطة تضطر العائلة إلى البحث عن مكان تعيش فيه.

وعن بدايات انخراطها في مجال الرياضة، تقول قصران عليوي "في أحد الأيام حالفني الحظ، والتقيت بامرأة دعتني لممارسة الرياضة مثل ابنتها والتي تعاني من إعاقة جسدية مثلي تماماً، في البداية رفضت عائلتي هذه الفكرة خوفاً عليّ، ولكن بعد إصراري واقناعهم تمت موافقتهم".

وأضافت "مارست رياضة التنس مع ابنتها بنين كريم التي أصبحت لاعبة تنس محترفة، وتعرفت من خلالها على مدرب التنس ورئيس اتحاد اللجنة البارلمبية، وبعد تدريبي شاركت في بطولة العراق ببغداد وحصلت على المركز الثالث، ثم غيرت رياضة التنس إلى التايكواندو بسبب ظروفي المادية كونها تحتاج إلى مصاريف كثيرة، بينما رياضة التايكواندو أفضل بالنسبة لي وممارستها سهلة، فتفوقت فيها".

وتلقت قصران عليوي تدريبات عديدة في النجف وبغداد، وشاركت في أكثر من مباراة في بغداد وحصلت على المركز الثالث، والثاني مرتين، ثم شاركت ببطولة في النجف وحصلت على المرتبة الأولى والثانية خلال جولتين في هذه الرياضة، وبعدها شاركت في بطولة العالم في دولة البحرين بمشاركة 23 دولة عربية وأجنبية بواقع 96 لاعب ولاعبة في استعراض (بونسي) قتال خيالي، وحصلت على الميدالية الذهبية وهي أول مشاركة لها في بطولة العالم برياضة التايكواندو.

ولفتت إلى أنها تلقت الدعم والمساعدة من والدتها ووالدها الذي كان الداعم الأول منذ طفولتها حتى اليوم، حيث كان يأخذها إلى مركز التدريب ويبقى بانتظارها حتى إكمال التدريبات اليومية أي ما يعادل ثلاث ساعات تدريب يومياً، واستطاعت تجاوز وضعها الصحي والنفسي، والوصول إلى هذه المرحلة، فبقوة الإرادة والدعم تغلبت على الصعاب والتحديات، مؤكدة أن الإعاقة ليس إعاقة جسدية بل فكرية.

وذكرت قصران عليوي أنها تعرضت للتنمر من قبل المجتمع الذي "لا يرحم ذوي الاحتياجات الخاصة" بسبب إعاقتها، مشيرةً إلى أن الرياضة النسائية عامة وذوي الإعاقة خاصة في العراق مهمشة، بالإضافة إلى افتقار هذه الشريحة إلى الاهتمام من الجهات المعنية والهيئات، حيث لم تتلقى أي دعم من المجتمع والجهات الأخرى، فقط كان دعم الأهل واللجنة البارالمبية.