"من فلسطين إلى الفضاء" حملة للترويج لأول قمر صناعي فلسطيني مصغر

"من فلسطين إلى الفضاء" عنوان الحملة التي تسعى المهندسة بيان أبو سلامة للترويج دولياً لأول قمرٍ صناعي فلسطيني مصغر ابتكرته وأطلقت عليه "فلسطين 1"

رفيف اسليم
غزة ـ .
لم يفارق حلم الوصول للفضاء الفلسطينية بيان أبو سلامة إلى أن استطاعت تحويله لواقع من خلال أطروحة رسالة الماجستير التي ابتكرت من خلالها طريقة جديدة في بناء الأقمار الصناعية المُصغّرة، عبر منحة دراسية حصلت عليها من جامعة "كوين ماري" بالعاصمة البريطانية لندن، وقد تخرجت منها بتقدير امتياز وباختراع يمهد لفلسطين دخول عالم الفضاء كأي دولة مستقلة.
تقول المهندسة بيان أبو سلامة البالغة من العمر 25 عاماً، من مدينة جنين، عاشت بضع من سنوات طفولتها في السعودية ثم عادت إلى فلسطين، لتنهي دراستها الثانوية في مدرسة بنات بيتونيا الثانوية بمدينة رام الله في الضفة الغربية، ودراستها الجامعية عام 2018، بتخصص الهندسة الميكانيكية من جامعة بيرزيت.
وأوضحت أن جامعة بيرزيت لم تمنحها الفرصة لدراسة علم الفضاء بسبب عدم توافر الإمكانيات اللازمة لدراسة ذلك العلم، مشيرةً إلى أنها بحثت عن منحة للماجستير فوجدت منحة تشيفنغ من جامعة كوين ماري البريطانية لتلتحق بها وتصعد برفقة حلمها إلى الفضاء دامجةً بذلك فلسطين مع العالم.
وأكدت أنها لم تهتم لثرثرة من حولها بعجزها عن تحقيق حلمها بل كلما زادت موجات التنمر والاستهزاء ضدها كان يتشكل لديها دافع قوي لتثبت لجميع من حولها العكس، لافتةً إلى أن إيمانها بذاتها وبقدراتها وتمكين تلك الثقة بالعلم والمعرفة الدؤوبة كقراءة الكتب والروايات وبعض الدوريات المتخصصة بعلم الفضاء والصادرة عن جهات علمية موثوقة هي أحد الأسباب الرئيسية للنجاح الذي وصلت إليه اليوم. 
ووفقاً لبيان أبو سلامة فإن نموذج القمر الصناعي المصغر الذي ابتكرته عبارة عن حل بديل للأقمار الصناعية كبيرة الحجم تطلقها الدول بمدار قريب من الكرة الأرضية لتدرس الأرض عن كثب، ويعتبر القمر المصغر "فلسطين1" حجر أساس لسلسة أقمار صناعية مصغرة ستتولى العمل على تصميمها وإطلاقها فيما بعد.
ومن المشكلات التي سيعالجها القمر الصناعي المصغر حسب بيان أبو سلامة، الزحف العمراني والمصادر المائية في الشرق الأوسط والتصحر وتحسين مجال علم الفضاء والأقمار الصناعية المصغرة توفير المعلومات اللازمة عن منطقة الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن التخطيط العمراني في المنطقة المذكورة بالفترة المقبلة سيكون بناءً على المعطيات والمعلومات التي سيرسلها القمر الصناعي عبر صور جوية تظهر أماكن شح المصادر المائية.
وقد استغرقت بيان أبو سلامة 6 أشهر للعمل على نقل تصميم القمر الصناعي الفلسطيني المصغّر من الورق إلى جسم مادي مستعد للقيام بوظائفه، مبينةً أن صعود اسم فلسطين للفضاء كان جزء من حلمها لذلك أطلقت على الحملة التي تعمل عليها حالياً وسم "من فلسطين إلى الفضاء" للترويج لها دولياً وتشكيل اللبنة الأولى التي ستتمكن فلسطين من خلالها تأسيس هذا العلم وتدريسه في جامعاتها.
فيما بلغت التكلفة المادية للوحدة الواحدة من الأقمار الصناعية بحسب بيان أبو سلامة بدءاً من 100 ألف إلى 200 ألف دولار، أما عن تكلفة إطلاقه للفضاء فتكون بحدود الـ 70 ألف دولار إلى 140 ألف دولار، وهي التكلفة الحقيقة للمشروع أي ما يقارب 200 دولار، لذلك سعت خلال بحثها التقليل من التكلفة الفعلية للأقمار الصناعية للتمكن من إرسالها بشكل مستمر للفضاء وللاستفادة من المعلومات التي توفرها.
وأشارت بيان أبو سلامة إلى أن مشروعها يحتاج في الفترة الحالية دعم معنوي حتى تستمر بأبحاثها ودراساتها ودعم آخر مادي كي يكتمل المشروع ويستطع القمر الصناعي أن يصعد للفضاء، موضحةً أنها الآن تستكمل ما بدأت به من خلال رسالة الدكتوراه التي ستسمح بتطوير القمر الصناعي المصغر.
ونوهت إلى أن الفكرة ليست باختراع القمر الصناعي المصغر لأن هناك عدة نماذج منه بل في طريقة البناء التي ستسهل عمله، وذلك ما جعلها تحصل على براءة اختراع لتراه في مدار ثابت حول الأرض عما قريب، مشيرةً إلى أن النموذج المخترع جاء كحل بديل للأقمار الصناعية الكبيرة لأنها ستؤدي نفس المهمة التي قد تستمر لعدة أشهر في البحث والاستطلاع.
وهي الآن بصدد نشر ورقة بحثية عن القمر الصناعي الذي اخترعته لتسجيل حقوق الملكية الخاصة بها بالتزامن مع وضع حجر الأساس لبرنامج الفضاء في فلسطين، ليكون هناك تعاون مع مهندسين فلسطينيين للبدء بتدريس هذا المجال بشكل رسمي ولتكوين شراكات دولية. موضحةً أن الإطلاق سيتم عبر وكالة ناسا أو سبوتنيك مدار لتوفير مدار ثابت لإطلاق القمر الصناعي.
ولا تنكر أنها واجهت عدة صعوبات خلال دراستها في بريطانيا فقد كانت الفتاة الوحيدة بين مجموعة شبان مما جعلها مترددة في بعض الأحيان من إبداء آرائها العلمية المغايرة لهم، لكن تلك المخاوف تبددت عندما خرجت بنموذج قمر صناعي قابل للإطلاق عبر الفضاء لتثبت لجميع معارضيها أنها كانت في الطريق الصحيح.
وعن الصعوبات التي واجهتها أوضحت أنها لم تستطع التواصل مع الأساتذة أو الرجوع لمختبرات الجامعة كما ينبغي، لأنها بدأت العمل على مشروع القمر الصناعي المصغر خلال فترة جائحة كورونا وما تبعها من إغلاق وتحديد الحركة، مضيفةً أن بعد انتهاء أزمة كورونا ظهرت أحداث الشيخ جراح والعدوان على قطاع غزة مما شكل حالة من القلق لديها على الأوضاع في بلادها ككل وشتت تركيزها في العمل على إنجاز المشروع.
وتوجه بيان أبو سلامة رسالتها للشباب الفلسطيني أن يحلموا ويعملوا كثيراً ليستطيعوا تحقيق أحلامهم خاصةً أن الكفاءات الفلسطينية موجودة وبكثرة، فمن حق الفلسطينيين أن يكونوا متواجدين في مجال صناعة الفضاء، مشيرةً أن الفضاء كان حلمها منذ الطفولة ولم يغيب عن بالها ولو للحظة.