مخلفات الحرب... موت يترصد الأطفال في إدلب
مخلفات الحرب قنابل موقوتة، يقع أكثر ضحاياها من الأطفال الذين أصيبوا بتشوهات وإعاقات دائمة تؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية وتعيقهم عن العمل والتعليم، والاستمرار بحياتهم بشكل طبيعي.
لينا الخطيب
إدلب ـ تشكل مخلفات الحرب من ألغام وذخائر عنقودية وقذائف غير منفجرة تهديداً طويل الأمد على حياة المدنيين في إدلب، وخاصة الأطفال جراء قلة خبرتهم ووعيهم بمخاطرها وأضرارها، حيث وقع العديد منهم ضحايا، وفقدوا حياتهم أو أطرافهم بتلك المخلفات.
لم يكن الطفل علاء العواد البالغ من العمر 12 عاماً من مدينة سرمين يعرف بأنه يحمل الموت بين يديه، وهو عائد إلى منزله، حيث كان يرعى الأغنام على أطراف المدينة حين عثر على جسم غريب في أرض زراعية، فحمله بين يديه ومضى به إلى المنزل بهدف بيعه مع الخردوات التي يجمعها، وفور وصوله رماه على أرض المنزل فانفجر وتسبب بوفاة أخته، كما تسبب ببتر قدمه اليمنى وجروح متفرقة بجسده.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على الحادثة إلا أنه لايزال غير قادر على نسيان ما حدث أو التأقلم مع إعاقته، وغياب أخته، ويحمل نفسه باستمرار مسؤولية ما حدث.
وكذلك الطفلة براءة العوض البالغة من العمر 10 أعوام، من منطقة جبل الزاوية كانت برفقة والديها في العمل بقطاف الزيتون، حين انفجرت بها قنبلة عنقودية، ما أدى لمفارقتها الحياة، وعن ذلك تحدثت والدتها جميلة العوض البالغة من العمر 41 عاماً "كانت لحظة مرعبة حين سمعنا صوت انفجارات قوية متتابعة وحين ذهبنا إلى مكان الصوت رأينا ابنتنا مضرجة بدمائها دون حركة".
وأوضحت "أصبح الموت يلاحقنا في كل مكان، لذلك أتمنى من جميع المسؤولين العمل على توعية السكان وخاصة الأطفال بمخاطر الحرب وأشكالها وأماكن تواجدها ووضع إشارات التحذير حولها للدلالة على وجودها، إلى جانب تعريفهم على كيفية الوقاية منها والإبلاغ عنها والتعامل الآمن معها عند مصادفتها".
وفقد طفلان بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير الماضي، وأصيب أثنان آخران، جراء انفجار جسم من مخلفات الحرب في ريف إدلب، حيث فارقت الحياة الطفلة ديمة السلوم التي تبلغ من العمر 14 عاماً وشقيقها فؤاد البالغ من العمر 8 أعوام، وأصيب طفلان آخران أثناء جمعهم لحطب التدفئة، بريف معرة النعمان جنوبي إدلب، ووقع الانفجار بعد أنْ قام الأطفال بإيقاد النار للتدفئة ورموا الجسم داخل النار، دون دراية عن احتمالية انفجاره.
وبدوها قالت الممرضة سناء الصطوف البالغة من العمر 32 عاماً "تتسبب الحرب بكوارث متكررة للأهالي في إدلب، وما يشكل هاجساً يُؤرق العديد منهم أثناء العمل بأراضيهم الزراعية أو العودة إلى منازلهم وبلداتهم القريبة من خطوط التماس"، مؤكدةً على أن أغلب الإصابات تتركز بين الأطفال نتيجة جهلهم بخطر تلك المخلفات، وعاقبة الاقتراب منها، وتختلف الإصابات بين البتر والشلل أو فقدان أحد الحواس.
وأوضحت أن خطورة هذه المخلفات تكون أشد من القصف ذاته، نظراً لإصابتها، إذ إنها لا تنفجر إلا بمحاولة لمسها أو العبث بها، لذا تشدد على ضرورة إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام، ومحاولة الكشف عن أماكنها، وتحذير السكان المحليين منها، كما طالبت بتقديم خرائط تفصيلية للمواقع التي توجد بها، خصوصاً المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية "وعي النازحين بمخاطر مخلفات الحرب وكيفية التعامل معها يشكل نصف الحل، حيث يصبحون بذلك قادرين على حماية أنفسهم من الموت والإصابة".