مجانية لكنها خطرة... نازحات تسكنَّ منازل قريبة من خط المواجهة
تضطر الكثير من النساء في إدلب ممن غدون المعيلات لأسرهن بعد إصابة الزوج أو قتله أو الاعتقال وبعد أن أجبرن على النزوح للسكن في منازل قريبة من خط المواجهة مع قوات النظام، نظراً لرخص ثمنها قياساً بأجرة المنازل الأبعد والأكثر أمناً لكنها الأكثر غلاءً
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
يمنع صوت القصف المتواصل، الأربعينية صباح العلوش من النوم طوال الليل وتقول "لا أدري متى يمكن أن يتصدر خبر قصف المنزل الذي أعيش فيه مع عائلتي صفحات المواقع والغرف الإخبارية".
نزحت صباح العلوش من قرية تلمنس منذ أكثر من ثلاث أعوام، وهي تعيش الآن في بلدة احسم الواقعة في جبل الزاوية، وهي لم تحاول قصد الأماكن الأبعد والأقل خطراً من القصف نظراً لعدم قدرتها المادية على تغطية أجرة المنزل هناك.
تقول "توفي زوجي بسكتة قلبية منذ أكثر من ست سنوات ومنذ ذلك الحين وأنا أحمل على عاتقي تربية أبنائي الأربعة الذين أجهد لتأمين متطلباتهم من خلال عملي في الخياطة"، وتضيف "ربما كان علي إبعادهم عن أي خطر ولكنني عجزت حقاً عن تأمين المزيد من المصاريف، لذا استسلمت لقدري".
وكانت قد ارتفعت أجرة المنازل في الشمال السوري بشكل جنوني بعد عمليات النزوح الأخير من ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، وهو ما اضطر الكثيرين إما للسكن في المخيمات التي تخلو من أدنى مقومات الحياة أو السكن في القرى القريبة من خط المواجهة مع قوات النظام، لرخص ثمنها رغم خطورتها الكبيرة.
النازحة سمر العرفات (٣٢ عاماً) تقيم في بلدة البارة الواقعة في جبل الزاوية والتي تتعرض للقصف المستمر منذ أكثر من عامين، وتقول "بعد نزوحي من مدينتي معرة النعمان بفعل القصف وتقدم قوات النظام غادرت منزلي كالكثيرين باتجاه الشمال واستقريت لبعض الوقت في إدلب المدينة داخل منزل غير مجهز وخالي من الأبواب والنوافذ، لأفاجئ بعد مدة بقدوم مالك المنزل وطلبه أجرة مرتفعة مقابل إقامتي في منزله، وهو ما اضطرني للمغادرة مع أبنائي الخمسة وزوجي المريض".
تصمت قليلاً لتمضي قائلة بحزن "في كل يوم تسلب منا حياتنا وتدمر فيه حقوقنا وأحلامنا بحياة آمنة، نتجرع مرارة الخوف والتشرد دون أن نلقى من ينظر حتى لمعاناتنا".
لم تجد سمر العرفات بديلاً عن العودة جنوباً والسكن في المناطق الساخنة لرخص أسعار البيوت هناك بل مجانيتها أحياناً، حين راحت المجالس المحلية في تلك المناطق توزع المنازل الفارغة من سكانها على النازحين الوافدين بأعداد قليلة نظراً لخطورة المنطقة.
ويتعرض النازحون في الشمال السوري للاستغلال الملحوظ من قبل مالكي المنازل وتجار المكاتب العقارية، حيث وصل سعر إيجار المنازل إلى ٤٠٠ دولار أمريكي في بعض المناطق، ما دفع بالنازحين لافتراش الأراضي الزراعية والعيش في المخيمات أو المناطق الخطرة.
وأكد فريق منسقو "الاستجابة في سوريا"، أن النازحون الذين بلغ عددهم أكثر من مليون نازح بعد الحملة العسكرية الأخيرة، "يتعرضون للاستغلال من قبل منظمات إغاثية وأفراد، دون خطوات من الإدارة المحلية في ضبط إيجارات المنازل" التي راحت تحدد بالدولار الأمريكي والتي ما زالت في ارتفاع يوماً بعد يوم.