مهندسة زراعية: الطاقة البديلة وسيلة لتجديد حياة المرأة الريفية
تمكين المرأة الريفية اقتصادياً من خلال الاستثمار في الطاقات البديلة، خاصة الطاقة الشمسية من شأنه أن يحسن ظروفها المعيشية ويعزز استقلاليتها المالية ويساهم في تطوير الأسرة والمجتمع الريفي بشكل مستدام.

إخلاص الحمروني
تونس - في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، تبرز الطاقات المتجددة كحل مستدام يساهم في تخفيف الأعباء اليومية التي تواجهها النساء في المناطق الريفية، سواء في توفير المياه، أو تسهيل الأنشطة الفلاحية، أو خلق فرص جديدة للدخل، ما يجعل من الاستثمار في الطاقات البديلة خطوة محورية نحو تحسين جودة حياة المرأة الريفية وتعزيز استقلاليتها الاقتصادية بحكم ظروف عيشها الصعبة.
حول تهيئة المناطق والفضاءات الخضراء أكدت المهندسة الزراعية وخبيرة في الجندرة ريم الموساوي، أن المرأة الريفية في تونس كما هو الحال في العديد من دول العالم، تعاني من وضع هش بسبب التحديات العديدة التي تواجهها، وعلى رأسها التغيرات المناخية".
وقالت أنه "في مجتمعاتنا الشرقية، تواجه المرأة العاملة في الحقول والأوساط الريفية العديد من التحديات، وأبرزها الناتجة عن التغيرات المناخية وكثرة المسؤوليات التي تتحملها بحكم أنها المسؤولة عن الفلاحة، وكذلك عن الأسرة، وتربية الأطفال وتوفير القوت اليومي للعائلة كما أنها ضحية العقلية السائدة والموروث الثقافي والاجتماعي الذي نعيش فيه، بسبب العادات والتقاليد، خصوصاً تلك التي تسعى للاستقلالية".
وترى أن "الأدهى من ذلك أنه مهما كان نشاط المرأة موازياً لنشاط الرجل، فإنها لا تتلقى أجراً مماثلاً لما يتلقاه، فالمرأة تقدم كل شيء، لكنها في المقابل تتحمل جميع العواقب السلبية، وتواجه الصدمات وتتكبد المعاناة"، مشيرةً إلى أنه رغم كل الجهود المبذولة في تحسين ظروف المرأة، فإن التحديات لا تزال قائمة.
وفيما يخص دور الطاقات المتجددة لتسهيل مهام المرأة الريفية، أكدت ريم مساوي أن الطاقات البديلة تشمل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية والطاقة الحيوية، وتعد الطاقات البديلة طاقات نظيفة وغير ضارة بالبيئة، وهي تتيح لنا إيجاد حلول لتسهيل حياة المرأة الريفية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وشرحت ذلك بالقول أنه "يمكن للطاقة البديلة أن تساعد المرأة في التغلب على بعض التحديات التي تواجهها في بيئتها الريفية، لا سيما تلك المتعلقة بظروف التنقل وتوفير الموارد الأساسية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت المرأة تضطر يومياً لذهاب إلى عين الماء لجلب المياه، فإن الاستثمار في الطاقات البديلة يمكن أن يوفّر لها وسائل حديثة، مثل تشغيل المضخات عن طريق الطاقة الشمسية أو غيرها، مما يخفف عنها أعباء التنقل لمسافات طويلة لجلب المياه إلى منزلها لأنه من المعروف أن المناطق الريفية غالباً ما تفتقر إلى التزود المستمر بالكهرباء، مما يجعل الوصول إلى الموارد الحيوية أكثر صعوبة".
وأضافت "قد يتساءل البعض؛ كيف يمكن أن تستفيد المرأة من هذه الطاقات في تحسين وضعها الاقتصادي؟ والإجابة تكمن في إمكانية مساهمتها في تحويل المنتجات الفلاحية التي تُنتَج في بيئتها إلى منتجات أخرى ذات قيمة مضافة، مثل عملية تجفيف الخضروات والثمار، وهنا يأتي دور الطاقة الشمسية التي يمكن استخدامها في عملية التجفيف، مما يجعلها وسيلة لخلق مصدر رزق جديد للمرأة، من خلال العمل على ما يُعرف بسلسلة القيمة المضافة للمنتجات الفلاحية الموجودة في منطقتها، الأمر الذي يساهم بشكل غير مباشر في تعزيز استقلالية المرأة".
وبينت أنه "بلغة أخرى، يمكن القول إن الطاقة البديلة وخاصة الشمسية تُعد وسيلة لتجديد حياة المرأة الريفية بشكل عام، حيث تساهم في تحسين أوضاعها المادية وتوفر لها مزيداً من الراحة النفسية والرفاهية، فاستخدام الطاقات البديلة يمكن أن يسهل حياة المرأة في الريف بعدة طرق".
وأوضحت ريم الموساوي أنه على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من الطاقة البديلة في تشغيل مضخات المياه، كونها أساس كل الأنشطة الفلاحية، فتوفر المياه يعني إمكانية ري المزروعات وسقي الماشية والدواجن التي تُعتبر مورداً أساسياً لرزق المرأة الريفية، إضافة إلى ذلك، فإن التنقل لمسافات طويلة في ظل ظروف مناخية صعبة، سواء بسبب الأمطار الغزيرة أو الثلوج أو ارتفاع درجات الحرارة، يشكل عبئاً جسدياً ونفسياً على المرأة، لكن من خلال استخدام الطاقات البديلة، يمكن للمرأة الريفية أن تجد حلولاً لهذه التحديات، مما يعزز استقلالها المادي.
وأكدت إن انخراط المرأة في عملية استخدام الطاقات البديلة له أثر مباشر على حياتها، كما أن له تأثيراً غير مباشر يتمثل في تعزيز استقلاليتها الاقتصادية، فقد أثبتت التجارب أن التمكين الاقتصادي للمرأة أمر بالغ الأهمية، واستخدامها للطاقات البديلة يشكل خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، قائلة "عندما نضع هذين العاملين نصب أعيننا، نجد أنهما يمثلان حلاً قوياً لتحسين وضع المرأة في الريف، والحل يكمن في الاستثمار في الطاقات البديلة، وجعلها سهلة الوصول للمرأة، مما يساعدها على الاستفادة منها بطريقة أسرع وأكثر كفاءة".
وبينت ريم الموساوي أنه كلما تمكنت المرأة من الاستفادة من هذه الطاقات، كلما زادت قدرتها على تحقيق الاستقلال الاقتصادي والابتكار في المجال الذي تعمل فيه، مما يجعل حياتها أكثر راحة مقارنة بالحياة التقليدية التي تعاني فيها من المشاق.
وبحكم أن الحصول على الكهرباء يُعد من أكبر التحديات في المناطق الريفية، بسبب ارتفاع تكاليفه وصعوبة الوصول إليه اعتبرت إن الاستثمار في الطاقات المتجددة أو البديلة في المناطق الريفية أمر ضروري لتحسين حياة المرأة، مما يمنحها مستوى أعلى من الرفاهية المستدامة التي تستمر على مدى الزمن، لأن الطاقات البديلة هي طاقات غير ناضبة ومتوفرة باستمرار.
واختمت المهندسة الزراعية ريم الموساوي حديثها بالقول أن تونس، تزخر بالموارد الطبيعية المتاحة ولديها إمكانيات هائلة إذا تم استثمارها بشكل جيد، ويمكن أن تكون مصدراً أساسياً لتحسين حياة المرأة في المناطق الريفية، وتعزيز دورها الاقتصادي والاجتماعي في مجتمعها، وأن الاستثمار في الطاقات البديلة يُعد أحد الحلول الأساسية لتحسين أوضاع المرأة الريفية، بغض النظر عن مكان تواجدها، سواء كانت قريبة من المدن أو في مناطق نائية.